الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أسئلة:
ما معنى: "سبحانك اللهم وبحمدك"؟
"لا إله غيرك" أين الخبر؟
هل فعل عمر حُجة؟
هل نجمع بين هذا الدعاء والذي قبله؟
ومن فوائد هذا الاستفتاح: تنزيه الله- تبارك وتعالى عن كل ما لا يليق به لقوله: "سبحانك".
ومن فوائده: إثبات الكمالات لله- عز وجل لقوله: "وبحمدك"؛ لأن الحمد هو وصف المحمود بالكمال سواء كان على وجه الكمال المُتعدي أو اللازم.
ومن فوائد هذا الحديث: أن اسم الله- تبارك وتعالى مُبارك، يعني: أنه تحل البركة بذكره لقوله: "وتبارك اسمك".
ومن فوائده: أن عظمة الله- تبارك وتعالى فوق كل عظمة وغناه فوق كل غنى لقوله: "وتعالى جدك".
ومن فوائده: انفراد الله- تبارك وتعالى بالألوهية، وأنه لا إله غيره، وكل ما سواه باطل.
ومن فوائد هذا الحديث: مشروعية الاستفتاح بهذا الذكر، فيكون من باب العبادات المتنوعة، والصحيح في هذه المسألة: أن في العبادات المتنوعة أن الإنسان يفعل هذا تارة وهذا تارة، وقد بيَّنا فوائد ذلك، وهو واضح والحمد لله.
الاستعاذة ومعناها:
262 -
ونحوه عن أبي سعيد الخدري- رضي الله عنه مرفوعًا عند الخمسة وفيه: وكان يقولو بعد التكبير: "أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم، من همزه، ونفخه، ونفثه".
"أعوذ" بمعنى: أعتصم، والعوذ إنما يكون مما يخاف منه ويُكره، وأما "ألوذ" فهي فيما يُؤمل ويُرجى، فالعوذ: فرار: واللياذ: إقبال؛ لأن العوذ مما يخاف منه، واللياذ: مما يرغب فيه، وعليه قول الشاعر [البسيط]:
يا من ألوذ به فيما أؤمله
…
ومن أعوذ به مما أحاذره
لا يجبر الناس عظمًا أنت كاسره
…
ولا يهيضون عظمًا أنت جابره
وهو يخاطب بشرًا بما لا يليق إلا بالله- عز وجل لكن هكذا الشعراء يُغالون في القدح ويغالون في المدح: {والشعراء يتبعهم الغاون * ألم تر أنهم في كل وادٍ يهيمون * وأنهم يقولون ما لا يفعلون * إلا الذين ءامنوا وعملوا الصالحات} [الشعراء: 224 - 224].
إذن "أعوذ بالله": أعتصم به، "السميع" أي: المتصف بالسمع، وسمعُ الله- تبارك وتعالى نوعان: سمع إجابة، وسمع إدراك، وهو في هذا يشمل الأمرين جميعًا، وتفاصيل ذلك أظنها لا تحتاج إلى إعادة، لأنها معلومة لكم، "العليم" أي: ذو العلم، وعلم الله- تبارك وتعالى محيط بكل شيء جملةً وتفصيلًا سابقًا ولاحقًا وحاضرًا، وآيات إثبات علم الله- عز وجل كثيرة وهو من صفات الكمال، وإنما ذُكرا هذان الاسمان، لأن "السميع" بمعنى: المجيب مناسب تمامًا لقولك: "أعوذ"، و"العليم" كذلك مناسب لقولك:"أعوذ"؛ لأن ما من مُعيذ إلا وعنده علم كيف يعيذ.
"من الشيطان الرجيم"، "الشيطان" هو إبليس، مشتقٌّ من: شَطَنَ إذا بَعُد؛ لأنه- أعني: الشيطان- بعيد من رحمة الله- والعياذ بالله-، ويدل على أنه مشتق من شَطَنَ أنه متصرف كما قال- عز وجل:{وحفظناها من كل شيطان رجيم} [الحجر: 17].
إذن هو مشتق من شَطَنَ إذا بَعُد لبعده عن رحمه الله، والمراد به: الجنس لا الشيطان المعني الذي أبى أن يسجد لآدم، وقوله:"الرجيم" تصلح أن تكون بمعنى: المرجوم، وتصلح أن تكون بمعنى: الراجم؛ لأن (فعيلًا) تأتي بمعنى (فاعل)، وتأتي بمعنى (مفعول)، وعليه فنقول: إذا كانت بمعنى الرجم، فالمعنى: أنه يرجم بني آدم بالمعاصي ويحملهم عليها حملًا، وإذا قلنا: بمعنى مفعول، أي: مرجوم؛ لأنه مطرود بعيدٌ من رحمة الله- عز وجل.
"من همزه ونفخه ونفثه" هذه ثلاثة أشياء: الهمز، والنفخ، والنفث، "الهمز" قيل: إنه اسم للجنون؛ لأن الشيطان قد يُصيب الإنسان بالجنون.
وأما "النفخ" فمن الكبر، واشتقاقه ظاهر؛ لأن الإنسان إذا أصيب بالكبر- والعياذ بالله- انتفخ الشيطان، ينفخ الإنسان حتى يكون مستكبرًا.
وأما "النفث" فقيل: إنه الشعر؛ لأن الشعراء يتبعهم الغاوون، قال الله- عز وجل:{هل أنبئكم على من تنزل الشياطين * تنزل على كل أفاك أثيم * يلقون السمع وأكثرهم كاذبون} [الشعراء: 221 - 223] فيه احتمال في ذهني لكن ما رأيته، إن المراد بالهمز يعني: اللمز الخفيف الذي يحمل الإنسان على المعصية، والنفخ يعني: شدة الأمر بالمعصية، والنفث أشدُّ، لكنني لم أر هذا، ومن اطلع عليه في اللغة أو غريب الحديث فليخبرنا به، أما المشروع فكما سمعتم أولًا لو حدث للإنسان هذا فلا بأس.
وقوله: "بعد التكبير" أي: بعد التكبير والاستفتاح، وإنما احتجنا لهذا التقدير؛ لأن الاستعاذة إنما تكون عند القراءة، والقراءة لا تكون إلا بعد الاستفتاح.
فمن فوائد هذا الحديث: الذي زاده أهل السنن: استحباب هذا الذكر "أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم من همزه ولمزه ونفثه"، فإن اقتصر على "أعوذ بالله من الشيطان الرجيم" أجزأ، لكن هل تجب الاستعاذة أو لا؟ يعني: هل تجب سواء كانت في الصلاة، أو خارج الصلاة؟ الجمهور على أنها ليست بواجبة، وذهب بعض أهل العلم إلى أنها واجبة؛ لأن الله أمر بها فقال:{فإذا قرأت القرءان فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم * إنه ليس له سلطان على الذين ءامنوا وعلى ربهم يتوكلون * إنما سلطانه على الذين يتولونه والذين هم به مشركون} [النحل: 98 - 100]. قالوا: فإن الله أمر ثم قال: {إنه ليس له سلطان} ، وفي هذا إشارة إلى أنه إذا لم يستعذ الإنسان فقد يُسلط الشيطان عليه، والقول بوجوب التعوذ عند قراءة القرآن قول قوي لا شك؛ أولًا: لأن الله أمر به.
ثانيًا: لئلا يحول الشيطان بينك وبين تدبر القرآن، والنشاط في قراءته؛ لأن الإنسان عند قراءة القرآن يبتلى بأمرين: إما الكسل وعدم الاستمرار فيه، وإما عدم التدبر، فإذا استعذت بالله من الشيطان الرجيم؛ حماك الله منه ووفِّقت للاستمرار في القراءة والتدبر.
ومن فوائد هذا الحديث: أن الاستعاذة من الأمور الخفية لا تكون إلا بالله، انتبه للقيد:"من الأمور الخفية"، الاستعاذة من الأمور الحسية تكون بالله وبغيره، ولكنها لا تكون بمن لا يمكن أن يُعيذ، الاستعاذة من الأمور الخفية لا تكون إلا بالله؛ لأنه لا يقدر عليها إلا الله كالاستعاذة من الشياطين.
الاستعاذة من الأمور الحسية تكون بالله وبغيره بشرط أن يكون المستعاذ به قادرًا على الاستعاذة، أما إذا كان غير قادر فلا، فلو استعاذ الإنسان بصاحب القبر من شخص تسور عليه بيته فهذا شرك، لماذا؟ لأنه لا يقدر، ولولا اعتقاد هذا المستعيذ بأمر خفي سري يعتقده في هذا القبر ما فعل، استعاذ هذا الرجل بجاره حين قفز عليه السارق يجوز أو لا؟ يجوز، ولهذا جاء في الحديث:"من وجد مُعاذًا فَلْيَعذ به" لما ذكر ما ذكر من الفتن قال: "مَنْ وجد مُعاذًا فليعذبه"، هذا حكم الاستعاذة، الاستغاثة نفس الشيء، إذا استغاث عن شيء خفي لا يمكن أن يُغيث منه المخلوق فهذا لا يجوز إلا لله وحده إن استغاث على دفع شيء محسوس فهذا جائز بشرط أن يكون المستغاث به قادرًا.
ومن فوائد هذا الحديث: إثبات هذين الاسمين الكريمين من أسماء الله وهما: "السميع"، و"العليم" وما تضمناه من وصف.
ومن فوائد الحديث: الحذر من الشيطان من وجهين:
أولًا: لأننا أمرنا بالاستعاذ بالله منه.