الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الكتاب والحكمة فصار يزكي الناس ويعلمهم، وكذلك بالنسبة للنسيان ما ينقصه؛ لأن هذا النسيان طبيعة بشرية لا توجب النقص، كما أنه إذا جاع أو عطش أو أصابه البرد أو الحر لا ينقصه ذلك كله. كان صلى الله عليه وسلم يصب على رأسه الماء من العطش وهو صائم، ما يقال هذا فيه نقص فهو صلى الله عليه وسلم أكمل الناس في الأحوال البشرية، لكنه ليس خاليًا منها، لابد أن تصيبه الأحوال البشرية كغيره، لكن الله تعالى أعطاه كمالًا في الصبر وحسن الخلق ومكارم الأخلاق صلى الله عليه وسلم.
سجود التلاوة:
أما الموضوع الثاني في الباب فهو: "سجود التلاوة"، سجود التلاوة ظاهر اللفظ: أنه سجود سببه التلاوة، أي آية تلوتها فإنك تسجد، ولكن ليس كذلك، فهو عام مخصوص. سجود التلاوة تعني: في مواضعها، فهو سجود سببه التلاوة، لكن في مواضع التلاوة.
حكم سجود التلاوة:
سجود التلاوة سنة مؤكده لا ينبغي للإنسان أن يدعه، حتى قال بعض العلماء: إنه واجب، وأن من ترك السجود فهو آثم، لكن الصواب أنه ليس بواجب؛ لأن أمير المؤمنين عمر رضي الله عنه قرأ على المنبر يوم الجمعة سورة النحل فلما بلغ السجدة نزل فسجد، ثم قرأها في الجمعة الأخرى، ولم يسجد ثم قال:"إن الله لم يفرض علينا السجود إلا أن نشاء" قاله بمحضر من الصحابة، فدل ذلك على أن الصواب عدم وجوب سجود التلاوة.
فإن قال قائل: ما تقول في قوله تعالى: {وإذا قرئ عليهم القرآن لا يسجدون} (الانشقاق: 21). أليس هذا من خصائص الكفار؟
فالجواب: أن المراد بالسجود هنا: سجود الذل والخضوع؛ لأن الله ما قال: وإذا قرئ عليهم آية سجدة، إنما قال:{وإذا قرئ عليهم القرآن} ، ومعلوم بالنص أنه ليس كل ما قرئ من القرآن يجب له السجود، فتعين أن المراد بالسجود هنا: سجود الذل والطاعة، يعني: أنهم لا يخضعون ولا يدلون، بل يستكبرون- والعياذ بالله-.
أحكام سجود التلاوة:
سجود التلاوة له أحكام أولًا: هل يسجد الإنسان في الصلاة أو لا يسجد؟
الجواب: يسجد، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قرأ في صلاة العشاء {إذا السماء انشقت} (الانشقاق: 1) فسجد فيها، فيسجد الإنسان ولو في صلب الصلاة، وإذا سجد في صلب الصلاة فإنه يكبر
إذا سجد ويكبر إذا قام، هذا هو ظاهر ما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم من أنه يكبر في كل خفض ورفع، يعني: كلما خفض وكلما رفع، والذين رووا ذلك عنه كابن معود، وأبي هريرة منهم من روى عنه سجود التلاوة ولم يستثنوا سجود التلاوة، فدل ذلك على أن سجود التلاوة إذا كان في الصلاة يكبر لها إذا سجد وإذا رفع، وأما ما يفعله بعض الناس من أنه يكبر إذا سجد ولا يكبر إذا رفع فإن هذا وهم منه، وليس الفعل مبنيًا على أصل صحيح، وغاية ما عنده أنه رأى كلام ابن القيم رحمه الله في "زاد المعاد" وهو: أنه يكبر لسجود التلاوة عند السجود ولا يكبر إذا قام، فظن أن كلام ابن القيم عام، وليس كذلك وإنما ابن القيم تكلم عن السجدة المجدة فقطـ، والسجود المجرد يأتينا حكمه- إن شاء الله- بعد قليل.
الحاصل: أن السجدة إذا كانت في الصلاة فإنه يكبر لها إذا سجد وإذا قام.
ثانيًا: ثم هل يقرأ السجدة في صلاة الجهر وفي صلاة السر؟
ذهب بعض أعل العلم أنه يقرأ آية السجدة في صلاة الجهر وفي صلاة السر، أما في صلاة الجهر فالأمر ثابت عن الرسول صلى الله عليه وسلم وليس فيه تلبيس على المأمومين؛ لأنهم يسمعون ويعلمون أنه سجد فيسجدون، وأما في صلاة السر فقال بعض أهل العلم: إنه لا يقرأ في صلاة السر آية سجدة؛ لأنه لا يخلو من واحد من أمرين: إما أن يسجد فيشوش على المأمومين، وإما ألا يسجد فيكون قد ترك سجود التلاوة هذا هو المشهور من مذهبنا -مذهب الإمام أحمد- على أنه يكره للإمام أن يقرأ آية سجدة في صلاة السر وأن يسجد فيها، وقال بعض أهل العلم: إنه لا كراهة في ذلك، واستدلوا بحديث في سنن أبي داود- لكن فيه مقال- أن الرسول صلى الله عليه وسلم قرأ في صلاة بـ {الم تنزيل} السجدة وسجد فيها، ولكن الصحيح أنه لا يكره أن يقرأ آية سجدة وأنه لا حرج عليه إذا قرأ ولم يسجد؛ لأن السجود على القول الراجح ليس بواجب، إنما هو سنة: إن سجدت فلك أجر وإن لم تسجد فلا حرج، أما إذا كانت السجدة مجردة؛ أي: ما فيها صلاة فماذا يصنع؟ نقول: يكبر إذا سجد، على أن الحديث الوارد في ذلك فيه مقال؛ ولهذا كان شيخ الإسلام ابن تيمية لا يكبر إذا سجد، إنما يسجد بدون تكبير.
ثالثًا: إذا سجد يسجد على الأعضاء السبعة، لعموم قول النبي صلى الله عليه وسلم:"أمرت أن أسجد على سبعة أعظم".
رابعًا: إذا سجد يقول: "سبحان ربي الأعلى" لعموم قول الرسول صلى الله عليه وسلم: "اجعلوا في