الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يكن من امتثال الإنسان لأمر الرسول صلى الله عليه وسلم إلا أنه يشعر أن الرسول إمامه أمامه يعني: كأنه بين يديه يتابعه ويترسم خطاه ويمشي تبعًا له لكفاه ذلك شرفًا، وإن كان النبي صلى الله عليه وسلم لا شك أنه في قبره في المدينة، لكن إذا فعلت الشيء امتثالًا لأمر الرسول صلى الله عليه وسلم صار النبي صلى الله عليه وسلم كأنه أمامك تتبعه فيما قال:
ويستفاد من هذا الحديث: علو همة ربيعة بن مالك رضي الله عنه حيث لم يسأل شيئًا من الدنيا وإنما سأل مرافقة النبي صلى الله عليه وسلم في الجنة.
ومن فوائده: فضل كثرة الصلاة، وأنها سبب لأن يكون الإنسان رفيقًا لرسول الله صلى الله عليه وسلم في الجنة، لقوله:"أعني على نفسك بكثرة السجود".
ومنها أيضًا: أنه كون الإنسان يعمل عملًا صالحًا فإنه يكون محسنًا لنفسه؛ لقوله: "أعني على نفسك بكثرة السجود" فأنت إذا أكثرت السجود فهذا مصلحة لنفسك ومعونة لها، أي: معونة على ما فيه خيرها وصلاحها.
السنن الرواتب:
337 -
وعن ابن عمر رضي الله عنه قال: "حفظت من النبي صلى الله عليه وسلم عشر ركعات: ركعتين قبل الظهر، وركعتين بعدها، وركعتين بعد المغرب في بيته، وركعتين بعد العشاء في بيته، وركعتين قبل الصبح". متفق عليه.
- وفي رواية لهما: "ركعتين بعد الجمعة في بيته"
- ولمسلم: "كان إذا طلع الفجر لا يصلى إلى ركعتين خفيفتين".
هذه من السنن المقيدة بالفرائض، ويقال لها: الرواتب وهي -كما في حديث ابن عمر- عشر، قال:"حفظت من رسول الله صلى الله عليه وسلم عشر ركعات .. الخ".
فيستفاد من هذا الحديث: أنه ينبغي للإنسان أن يحافظ على هذه الرواتب، "ركعتين قبل الظهر" يعني: بعد الأذان وقبل الإقامة، "وركعتين بعدها" إلى وقت العصر، يعني: يمتد وقت الركعتين التي بعد الصلاة إلى أن يدخل وقت الصلاة الأخرى، "وركعتين بعد المغرب: إلى أن يدخل وقت العشاء، وركعتين بعد العشاء إلى منتصف الليل؛ لأن وقت العشاء منتهاه: منصف الليل، "وركعتين قبل الفجر"، وكان صلى الله عليه وسلم لا يصلي بعد أذان الفجر إلا ركعتين خفيفتين كما ثبت ذلك من حديث ابن عمر، ومن حديث ابن عباس، ومن حديث عائشة، وفيه: أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يخفف هاتين الركعتين؛ يعني: ركعتي الفجر، حتى تقول عائشة: "حتى أقول: أقرأ بأم
القرآن؟ " من تخفيفه لهما صلى الله عليه وسلم، هذه الرواتب عشر في حديث ابن عمر الركعتان اللتان قبل الظهر يبتدأ وقتهما من زوال الشمس إلى صلاة الظهر، واللتان بعدها من صلاة الظهر إلى دخول وقت العصر، والركعتان بعد المغرب من صلاة المغرب إلى دخول وقت العشاء، والركعتان بعد العشاء من صلاة العشاء إلى منتصف الليل، والركعتان قبل الفجر من طلوع الفجر إلى صلاة الفجر، أما العصر فليس لها سنة راتبة يداوم عليها الرسول صلى الله عليه وسلم، قال أهل العلم: إذا فاتتك الركعتان قبل الظهر فصلهما بعد الصلاة؛ لن فعلهما قبل الصلاة تعذر وهذا يقع دائمًا بان يأتي الإنسان إلى المسجد فيجدهم قد أقاموا الصلاة، ففي هذه الحال يقضيها بعد صلاة الظهر، لكن يصلي الراتبة التي بعد الظهر قبل الراتبة التي قبلها.
إنسان جاء والناس يصلون الظهر فلم يتمكن من سنة الظهر، إذا صلى الظهر يصلي ركعتين بنية الراتبة البعدية، ثم بعد ذلك يقضي الراتبة القبلية، هكذا روي عن الرسول صلى الله عليه وسلم في حديث رواه ابن ماجه، صلاة الفجر إذا فاتته سنة الفجر قبل الصلاة يقضيها بعد الصلاة، أو إذا أخرها إلى أن ترفع الشمس قدر رمح كل هذا جائز.
أين تفعل هذه الرواتب العشر في المسجد أو في البيت؟ كان الرسول صلى الله عليه وسلم يفعلها في بيته ففي حديث ابن عمر صرح بأن المغرب والعشاء والفجر والجمعة كلها في البيت وسكت عن الظهر، ولكننا حسب ما نعرفه من هدي الرسول صلى الله عليه وسلم أنه كان يصلي الرواتب في بيته، حتى قال صلى الله عليه وسلم " "أفضل صلاة المرء في بيته إلا المكتوبة"، وعلى هذا فالأفضل أن تصلي الرواتب في البيت قبل أن تأتي إلى المسجد حتى لو كنت في مكة أو كنت في المدينة، فالأفضل أن تصلي الرواتب في بيتك لا في المسجد الحرام ولا في المسجد الحرام ولا في المسجد النبوي؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يصلي هو في مسجده- المسجد النبوي- ومع ذلك يصلي النوافل في البيت.
ويستفاد من هذا الحديث: أن راتبة الفجر ينبغ أن تخفف، وتختص راتبة الفجر بأمور ثلاثة: الأول: أنها أفضل الرواتب، حتى قال الرسول صلى الله عليه وسلم:"ركعتا الفجر خير من الدنيا وما فيها". الثاني: أنها تفعل حضرا أو سفرًا، بخلاف راتبة المغرب والعشاء والظهر، فإن الإنسان إذا كان مسافرًا لا يصلي رواتب هذه الصلوات الثلاث، أما الفجر فتفعل.
الثالث: أن لها قراءة مخصوصة، يعني: يقرأ فيها بشيء معين من القرآن وهو {قا يأيها
الكافرونْ} (الكافرون) في الركعة الأولى، {قل هو الله أحد} (الإخلاص). في الركعة الثانية، أو الركعة الأولى:{قولوا آمنا بالله وما أنزل إلينا وما أنزل إلى إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط وما أوتي موسى وعيسى وما أوتي النبيون من ربهم لا نفرق بين أحدٍ منهم ونحن له مسلمون} (البقر: 136). وفي الركعة الثانية يقرأ: {قل يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمةٍ سواء بيننا وبينكم ألا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئًا ولا يتخذ بعضنا بعضًا أربابًا من دون الله فإن تولوا فقولوا أشهد بأنا مسلمون} (آل عمران: 64). وهل هذا يعني: أنه مخير في الأمر بحيث إن شاء قرأ: {قل يا أيها الكافرون} و {قل هو الله أحد} دائمًا أو يقرأ: {قولوا آمنا بالله} و {قل يا أهل الكتاب} دائمًا، أو الأفضل أن يفعل هذا مرة وهذا مرة؟ الثاني: لأن كليهما ثبت عن الرسول صلى الله عليه وسلم لكن إذا كان لا يحفظ الآيتين التين أولاهما في سورة البقرة والثانية في آل عمران فليقرأ: {قل يا أيها الكافرون} و {قل هو الله أحد} فهل تصح الصلاة إن قرأ بغيرهما؟ نعم، ولو اقتصر على الفاتحة صحت أيضًا الصلاة؛ لأنه من سورة معينة في القرآن تجب قراءتها إلا الفاتحة، لقول النبي صلى الله عليه وسلم:"لا صلاة لمن يقرأ بأم القرآن".
338 -
وعن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم "كان لا يدع أربعًا قبل الظهر وركعتين قبل الغداة" رواه البخاري.
سبق لنا في حديث بن عمران أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يخفف الركعتين لصلاة الفجر فالسنة إذن تخفيفهما.
فلو قال قائل: أليس من الأفضل أن أثقلهما، وأزيد في القراءة، وأزيد في التسبيح، وأزيد في الدعاء؟ قلنا: لا بل التخفيف أفضل؛ أن الله عز وجل يقول: {الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملًا وهو العزيز الغفور} (الملك: 2). ولم يقل: أيكم أكثر عملًا، بل قال:{أيكم أحسن} ، وكلما كان للشرع أوفق كان أحسن، ولهذا قلنا: إن ما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم فإن الأفضل الاقتصار فيه على ما ورد، وذكرنا من تلك القواعد فوائد، منها: لو قال قائل في رمضان: أنا أحب أن أصلي ثلاثًا وعشرين ركعة، أو تسعًا وثلاثين ركعة، أو إحدى وسبعين ركعة، أو أصلي إحدى عشرة ركعة، فأيها أفضل؟ قنا: إحدى عشرة ركعة أفضل، فإذا قال قائل: إن الرسول صلى الله عليه وسلم حث على كثرة الركوع والسجود والصلاة، قلنا: لكن هذا الحث مطلق، فالشيء المطلق يقيد بما جاءت به السنة فإن عائشة لما سئلت كيف كانت صلاة النبي صلى الله عليه وسلم في رمضان؟ قالت:"كان لا يزيد في رمضان ولا غيره على إحدى عشرة ركعة"، فالأفضل على هذا ألا نتجاوز، كما لو قال قائل: أنا