الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وإذا ليس له صحة، وأرادوا تسكين من به، فلم يمكنهم ذلك لكثرة من اجتمع فيه من السواد، فلما خافوا على أنفسهم من الاختلاف راسلوا في طلب الأمان على أموالهم وأنفسهم، فأجيبوا [إلى ذلك](1).
وكان صاحب جبيل من جملة الأسرى الذين سيروا إلى دمشق مع ملكهم، فتحدث مع نائب السلطان بدمشق في تسليم جبيل على شرط إطلاقه، فعرف السلطان ذلك،، فأحضر إليه مقيدا تحت الاستظهار، والعسكر (2) إذ ذاك على بيروت (2)، فسلم حصنه، وأطلق أسرى المسلمين الذين به، وأطلقه السلطان كما شرط له، [وتسلمت بيروت بالأمان](3) فانتظمت هذه البلاد كلها للمسلمين، وخلص من بها من الأسر.
وذكر عماد الدين الأصفهانى رحمه الله:
أنه خلص في هذه السنة من الأسرى (4) أكثر من عشرين (5) ألف أسير، ووقع في الأسر من الكفار مائة ألف أسير.
ذكر خروج المركيس إلى صور
لما انهزم القومص صاحب طرابلس من الوقعة - كما ذكرنا - سار أولا إلى مدينة صور، وهى من أقوى بلاد الساحل وأشدها حصانة، فلما ملك
(1) ما بين الحاصرتين عن س (15 أ).
(2)
النص في س: «وذلك على بيروت» .
(3)
ما بين الحاصرتين عن س (15 ب)، والنص عند العماد (الروضتين، ج 2، ص 90): «وتبعها فتح بيروت وتلاها، فانتظمت هذه البلاد» .
(4)
الأصل: «أسرى الكفر» ولا يستقيم بها المعنى، فالمقصود أسرى المسلمين، وقد صحح المتن بعد مراجعة الأصل المنقول عنه وهو العماد (الروضتين، ج 2، ص 89).
(5)
س: «ثلاثين» وما هنا يتفق ونص العماد.
السلطان تبنين وصيدا وبيروت خاف أن يقصد السلطان صور فيأخذها، لأنها فارغة ليس فيها من يقاتل ولا يقوى على حفظها، فسار إلى مدينة طرابلس، وهلك فيها - كما ذكرنا -، وكان - كما قيل -:" راح يبغى نجوة من هلاك فهلك ".
وكان المركيس من أكبر طواغيت الكفر، وأغوى شياطينهم، داهية خبيثا، فخرج في هذه السنة من داخل البحر بمال كثير للزيارة (1)، ولم يشعر بما جرى على الفرنج، فأرسى بعكا، وظن أنها لهم، فلم يربها شيئا من عوائد الفرنج عند وصول المراكب من الفرح (2)، وضرب الأجراس وغير ذلك، فأنكر ما رأى من زى أهل البلد، فوقف ولم يدر ما الخبر، وكانت الريح قد ركدت، فأرسل الملك الأفضل نور الدين - وهو صاحب عكا - بعض أصحابه [285] في سفينة يبصر ما هو ومن هو وما يريد، فأتاه القاصد، فسأله المركيس عن الأخبار، فأخبره بكسر الفرنج، وأخذ عكا وغيرها، وأعلمه أن صور بيد الفرنج وعسقلان وغيرها، وحكى الأمر على جليته، فلم يمكنه الحركة لركود الريح، فأخذ في المخادعة، ورد الرسول يطلب الأمان ليدخل البلد بما معه من متاع ومال، فأجيب إلى ذلك، فرده مرارا كل مرة يطلب شيئا لم يطلبه في المرة الأولى، وهو يفعل ذلك انتظارا لهبوب الهواء ليسير به، فبينما هو في مراجعاته إذ هبت الريح، فسار نحو صور.
وسير الملك الأفضل الثوانى (3) في طلبه فلم يدركوه، فأتى صور وقد اجتمع بها من الفرنج خلق كثير، لأن السلطان [كان] كلما فتح مدينة أعطى أهلها الأمان، فساروا كلهم إلى صور وكثر الجمع بها، إلا أنهم ليس لهم رأس
(1) س: «لزيارة البيت المقدس» .
(2)
الأصل: «الفرنج» والتصحيح عن س و (ابن الأثير، ج 11، ص 205).
(3)
أنظر ما فات هنا ص 13، هامش 1