الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
نفوسهم بطلب الأمان من العدو، وكانوا قد قربوها من السور بحيث لم يبق بينها وبين السور إلا مقدار خمسة أذرع على ما نشاهد، وواتر أهل البلد رميها بالنفط ليلا ونهارا، فقدر الله تعالى أنها اشتعلت بالنار، وارتفعت لها ذؤابة نحو السماء، واشتدت الأصوات بالتكبير والتهليل، وكان ذلك يوم غرق البطشة.
ذكر هجوم المسلمين على خيم العدو
واتفق أن المسلمين يوما هجموا خيم العدو ونهبوها، ووصل رجل كبير من أهل مازندران يريد الغزاة والحرب قائمة، فحمل حملة استشهد فيها في تلك الساعة، ثم اتفق مرض ملك الانكلتير مرضا أشفى منه على الهلكة، وجرح الافرنسيس، وهرب المركيس إلى صور خوفا من الفرنج، لأنه استشعر منهم أنهم يأخذون صور منه.
ذكر المكاتبة إلى الديوان العزيز
وكتب السلطان إلى الإمام الناصر لدين الله أمير المؤمنين بانشاء فاضلى منه:
" ما قطع الخادم الخدم، إلا أنه أضجر وأسأم من المطالعة بخبر هذا العدو الذى قد استفحل أمره، واستشر شره فإن الناس ما رأوا ولا سمعوا عدوا حاصرا محصورا غامر مغمورا (1) قد تحصن بخنادق تمنع الجائز من الجواز (2)، وتعوق الفرص (3) عن الانتهاز، ولا تقصر عدتهم عن خمسة آلاف فارس ومائة ألف راجل، وقد أفناهم القتل والأسر، وأكلتهم الحرب ولفظهم النصر، وقد أمدهم البحر بالبحار،
(1) الأصل: " حاصر محصورا، عامر معمورا "، والتصحيح عن:(الروضتين، ج 2، ص 185).
(2)
الأصل: " الجوايز "، والتصحيح عن المرجع السابق.
(3)
الأصل: " القرص ". والتصحيح عن المرجع السابق.
وأعان أهل النار أهل النار، فاجتمع في هذه الجموع من الجيوش الغربية والألسنة الأعجمية من لا يحصر معدوده، ولا يتصور في الدنيا وجوده، فما أحقهم بقول أبى الطيب:
تجمع فيه كل لسن وأمة
…
فما يفهم الحداث (1) إلا التراجم
حتى أنه إذا أسر الأسير واستأمن المستأمن، أحتيج في فهم لغته إلى عدة تراجم، ينقل واحد عن آخر، ويقول ثان ما يقول أول، وثالث ما يقول ثان؛ والأصحاب كلّوا [378] وملّوا، وصبروا إلى أن ضجروا، وتجلدوا إلى أن تبلدوا، والعساكر التي تصل من المكان البعيد لا تصل إلا وقد كلّ ظهرها، وقلّ وقرها، وضاق بالبيكار صدرها، لا تستفتح إلا بطلب الدستور، ويصير ضجرها مضرا بالسمعة عند العدو المخذول.
ولهم - خذلهم الله - تنوع في المكايدة، فإنهم قاتلوا مرة بالأبرجة، وأخرى بالمنجنيقات، وثالثة بالدبابات، ورابعة بالكباش، وأخرى باللوالب، ويوما بالنقب، وليلا بالسرابات (2)، وطورا بطم الخنادق، وأناة بنصب السلالم، ودفعة بالزحوف (3) في الليل والنهار، وحالة في البحر في المراكب.
(1) الأصل: " الحداث "، والتصحيح عن المرجع السابق.
(2)
الأصل: " بالسرايات "، والتصحيح عن:(الروضتين، ج 2، ص 185) وعند (Dozy : Supp .Dict .Arab) أن السربة أو السربة فرقة من الخيالة، " troupe de cavalier " وفى (اللسان):" السربة جماعة ينسلون من العسكر فيغيرون ويرجعون، والسربة الجماعة من الخيل ما بين العشرين إلى الثلاثين، وقيل ما بين العشرة إلى العشرين ".
(3)
الأصل: " بالزحف "، والتصحيح عن:(الروضتين، ج 2، ص 185)