الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ذكر استيلاء
سيف الدين غازى بن مودود بن زنكى على البلاد الجزيرية
(1)
كنا ذكرنا أن نور الدين رحمه الله قبل وفاته كان قد أرسل إلى الموصل والبلاد الشرقية والجزرية وغيرها يستدعى العساكر لأجل الغزاة، وأن مراده كان قصد الديار المصرية، وأن الأقدار عاقته عن بلوغ غرضه، فسار سيف الدين غازى بن قطب الدين مودود بن زنكى في عساكر الموصل قاصدا خدمة عمه نور الدين، وعلى مقدمته سعد الدين كمشتكين، وهو الذى كان نور الدين جعله نائبا بقلعة الموصل مع سيف الدين - كما تقدم ذكره -؛ فلما كانوا ببعض الطريق وصلتهم الأخبار بوفاة نور الدين رحمه الله فهرب سعد الدين لأنه كان في المقدمة، وأخذ سيف الدين كلما له من برك (2) وغيره، وعاد إلى نصيبين فملكها، وأرسل الشحن إلى الخابور فملكه وأقطعه، ثم سار إلى حرّان فحصرها عدة أيام، وبها مملوك لنور الدين يقال له قايماز الحرّانى، فامتنع بها، [وأطال الامتناع](3)، ثم أطاع [بعد ذلك](3) على أن تكون حرّان له، ونزل إلى خدمة سيف الدين فقبض عليه، وأخذ حرّان منه.
ثم سار إلى الّرها فحصرها وملكها، وكان بها خادم خصى [أسود](3) لنور الدين، فسلمها (4)، وأخذ عوضا عنها قلعة الزعفران من أعمال جزيرة ابن عمر،
(1) س: " على الجزيرة ".
(2)
البرك المتاع الخاص من ثياب وقماش. أنظر: (Dozy : Supp .Dict .Arab) .
(3)
ما بين الحاصرتين زيادة عن س (59 أ) ويتفق مع نص (ابن الاثير: الكامل، ج 11، ص 153) وهو الأصل الذى ينقل عنه المؤلف هنا.
(4)
الأصل: " فتسلمها "، والتصحيح عن ابن الأثير.
فأعطيها، ثم أخذت منه، ثم بعث [سيف الدين](1) إلى الرّقة من تسلمها، وكذلك سرّوج، [170] وكذلك جميع البلاد الجزيرية، سوى قلعة جعبر، فإنها كانت منيعة، وسوى رأس العين، فإنها كانت لقطب الدين صاحب ماردين - وهو ابن خال سيف الدين -، فلم يتعرض لها.
وكان بحلب الأمير شمس الدين على بن الداية - وهو (2) من أكبر الأمراء النورية - في عساكر حلب، فلم يقدر على العبور إلى سيف الدين ليمنعه من أخذ البلاد لفالج كان به، فأرسل إلى دمشق يطلب الملك الصالح ليكون بحلب، فامتنع شمس الدين بن المقدّم وجماعة الأمراء من إرساله، خوفا أن يغلبهم عليه شمس الدين بن الداية، فإنه كان أكبر الأمراء النورية، وكان هو وأخوته بحلب، وأمرها إليهم، وعساكرها معهم في حياة نور الدين وبعده، وإنما قصد [ابن الداية](1) من مجىء الملك الصالح إلى حلب ليمنع به البلاد الجزيرية من ابن عمه سيف الدين بن قطب الدين مودود.
ولما ملك سيف الدين البلاد الجزيرية قال له فخر الدين عبد المسيح - وكان قد وصل إليه من سيواس بعد موت نور الدين، وهو الذى أقرّ له الملك بعد أبيه قطب الدين كما تقدم ذكره، فظن أن سيف الدين يرعى له ذلك، فلم يجن ثمرة ما غرس، وكان عنده كبعض الأمراء -، فقال له:
" الرأى أن تعبر إلى الشام فليس به مانع ".
فقال له محمود - المعروف بزلقندار - (3)
" قد ملكت أكثر ما كان لأبيك، والمصلحة أن تعود ".
فرجع إلى قوله وعاد إلى الموصل.
(1) ما بين الحاصرتين عن ابن الأثير.
(2)
نص (ابن الأثير، ج 11، ص 153): " وهو أكبر ".
(3)
ص (59 ب): " بركفندار ". وهكذا رسم الامم في الأصل المنقول عنه وهو (ابن الأثير)