الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
في الحال، والله يعلم ما يكون بعد ذلك، فأجاب بالسمع والطاعة، وتوجه إلى دمشق، وتلقاه السلطان، وخيم على المصرى فوق قصر أم حكم، فلما قرب ركب إلى موكبه ورحّب به، وفرح بوصوله فرحا شديدا، وذلك في الثالث والعشرين من شعبان من السنة.
ودخل دمشق واستمر على ما كان بيده من البلاد وهى: حماة والمعرّة ومنبج وقلعة نجم، ثم أضاف إليه ميّافارقين وما حولها من البلاد والمعاقل.
وكتب إلى مصر باستدعاء رجاله، وأخبرهم بتأخير عزم المغرب، فامتثلوا الأمر، وقدموا سوى زين الدين بوزابة (1)، فإنه مضى إلى المغرب واستولى على مواضع، ثم قصده صاحب المغرب فأسره ثم أطلقه.
وفى هذه السنة دخل الملك الظاهر على ابنة عمه الملك العادل التي كان عقد عليها، وذلك في السادس والعشرين من شهر رمضان، ودخل الملك الأفضل نور الدين على زوجته ابنة ناصر الدين محمد [270] بن شير كوه أخت الملك المجاهد صاحب حمص، وذلك في شوال من هذه السنة.
ذكر مسير
الملك العزيز وعمه الملك العادل إلى الديار المصرية
ولما تقررت القاعدة على ما ذكرنا سار الملك العزيز وعمه الملك العادل إلى مصر، فدخلا القاهرة في خامس شهر رمضان.
(1) الأصل: " موربا "، وعند العماد:" يوزبا "، وما هنا عن (ابن الأثير، ج 11، ص 197).
وذكر ابن الأثير:
أن السبب في الذى فعله السلطان في هذه السنة من نقل الملك العادل عن حلب وتوليتها ولده الملك الظاهر، ونقل الملك المظفر عن ملك [مصر](1) وتسيير ولده الملك العزيز إليها، أن السلطان لما مرض وعوفى وسار إلى الشام، سايره يوما علم الدين سليمان بن جندر، فجرى حديث مرضه فقال له سليمان:
" بأى رأى كنت تظن أن وصيتك تمضى، وأن أمرك يقبل؟ كأنك تظن أنك كنت تمضى إلى الصيد وترجع فلا يخالفونك! بالله أما تستحى أن يكون الطائر أهدى منك إلى المصلحة؟ ".
فقال:
" وكيف ذلك؟ " - وهو يضحك - "
قال:
" إذا أراد الطائر يعمل عشا لفراخه قصد أعالى الشجر ليحمى فراخه، وأنت سلّمت الحصون إلى أهلك وجعلت أولادك على الأرض؛ هذه حلب بيد أخيك، وهذه حماة بيد تقى الدين، وهذه حمص بيد ابن شير كوه، وأحد ابنيك بمصر مع تقى الدين يخرجه أي وقت شاء، وهذا ابنك الآخر مع أخيك في خيمته يفعل به ما أراد ".
فقال له:
" صدقت، اكتم هذا الأمر ".
(1) أضيف ما بين الحاصرتين ليستقيم به المعنى.