الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الصلح عاما، فيكون لهم كل ما في أيديهم من الداروم إلى أنطاكية، ولكم ما في أيديكم، وينتظم الحال ونروح، وإن لم ينتظم الصلح فالفرنج ما يمكنونه من الرواح وما يمكنه مخالفتهم ".
فأجابه السلطان:
" بأن أنطاكية لنا معهم حديث [فيها] (1)، ورسلنا عندهم، وإن عادوا بما نريد أدخلناهم في الصلح، وإلا فلا، وأما البلاد التي سألها فلا يوافق المسلمون لى دفعها إليه، وإلا فلا قدر لها ".
ثم جاء رسوله وقال:
إن الملك قال: " لا يمكنا أن نخرب من عسقلان حجرا واحدا، ولا يسمع عنا في البلاد مثل ذلك، وأما البلاد فحدودها معروفة، ولا مناكرة فيها ".
ذكر رحيل السلطان
من القدس وأخده ربض يافا
ثم بلغ السلطان في العاشر من رجب من هذه السنة - أعنى سنة ثمان وثمانين وخمسمائة - أن الفرنج قد رحلوا طالبين بيروت، فبرز من القدس إلى منزلة يقال لها الجيب، (2) واتفق وصول الملك العادل من الشرق - كما ذكرنا -
(1) زيد ما بين الحاصرتين عن (ابن شداد، ص 218) و (الروضتين، ج 2، ص 200).
(2)
الأصل: " الجنب " وقد صححت بعد مراجعة (ياقوت: معجم البلدان) حيث عرفها بقوله: حصنان يقال لهما: الجيب الفوقانى، والجيب التحتانى، بين بيت المقدس ونابلس من أعمال فلسطين، وهما متقاربان.
والملك الظاهر من حلب، ثم رحل السلطان من الجيب إلى بيت نوبا (1)، ثم رحل إلى الرملة، فنزل بها على تلال بين الرملة ولدّ، وركب جريدة حتى أتى (2) يازور وبيت جبرين (3) وأشرف على يافا، ثم نزل عليها من الغد (4)، فرتب في الميمنة ولده الملك الظاهر، وفى الميسرة أخاه الملك العادل، وركّب المنجنيقات، وزحف إلى البلد، فأرسل العدو رسولين: نصرانيا وافرنجيا، يطلبان الصلح، فطلب منهم قاعدة القدس وقطيعته، فأجابوا إلى ذلك، واشترطوا يوم السبت تاسع عشر رجب، فإن جاءتهم نجدة، وإلا تمت القاعدة على ما استقر، فأبى السلطان الانتظار، وأمر بالنقب، فحشى وأحرق، فوقع بعض البدنة، فوضع العدو أخشابا عظيمة خلف النقب، فالتهبت، فمنعت من الدخول في الثلمة، وقاتلوا إلى الليل، وأصبحوا فوقعت البدنة، فعلا غبار مع الدخان، فأظلم الأفق، وما تجاسر أحد على الولوج خوفا من اقتحام النار، فلما انكشفت الغبرة ظهرت أسنة قد نابت مناب (5) الأسوار، ورماح قد سدت الثلمة، ورأى الناس هو لا عظيما من صبر القوم وثباتهم. [404].
فلما رأى العدو ما قد نزل به طلب الأمان.
(1) الأصل: " بيت توبة "، وقد صححت عن (ياقوت) حيث ذكر أنها بليدة من نواحى فلسطين.
(2)
الأصل: " إلى بيت يازور " والتصحيح عن (ابن شداد، ص 220) و (الروضتين، ج 2، ص 200). وذكر (ياقوت) أن " يازور " بليدة بسواحل الرملة من أعمال فلسطين.
(3)
الأصل: " بيت جن " والتصحيح عن ابن شداد، وفى ياقوت: بيت جبرين لغة في جبريل بليد بين بيت المقدس وغزة، وبينه وبين القدس مرحلتان، وبين غزة أقل من ذلك، وكانت فيه قلعة حصينة خربها صلاح الدين.
(4)
الأصل: " العدو "، والتصحيح عن (الروضتين، ج 2، ص 200).
(5)
الأصل: " بانت بباب "، والتصحيح عن (ابن شداد، ص 223) و (الروضتين، ج 2، ص 200).
فقال السلطان:
الفارس بفارس والتركبلى (1) بمثله، والراجل براجل.
فطلب الرسول من السلطان أن يبطل [القتال](2) إلى أن يعود.
فقال: " ما أقدر على منع المسلمين من هذا الأمر، ولكن أدخل إلى أصحابك فقل لهم ينحازون (3) إلى القلعة، ويتركون الناس يشتغلون بالبلد، فما بقى دونه مانع ".
ففعلوا، وانحازوا (4) إلى قلعة يافا بعد أن قتل منهم جماعة.
ودخل الناس البلد عنوة، ونهبوا منه أقمشة عظيمة، وغلالا كثيرة، وأثاثا وبقايا قماش مما نهب من القافلة المصرية.
واستقرت القاعدة على الوجه الذى قرره السلطان.
ووصل كتاب من صارم الدين قايماز النجمى - وكان في طريق الغور لحمايته من عسكر العدو الذى كان بعكا - يخبر فيه أن الانكلتير لما سمع خبر يافا أعرض عن قصد بيروت، وعاد إلى يافا، فاشتد عزم السلطان والأمراء على إخراج من في القلعة ليتسلمها.
(1) هذا نص له أهمية كبرى، فهو يدل على أن جيش صلاح الدين عرف نظام فرق " التركبلى " بدليل النص على استبدال " التركبلى بمثله "، ولشرح هذا المصطلح راجع ما فات هنا، ص 149، هامش 1
(2)
أضيف ما بين الحاصرتين ليتضج يه المعنى عن الروضتين; ج 2، ص 201
(3)
الأصل: " يتجارون "، والتصحيح عن (الروضتين، ج 2، ص 201).
(4)
الأصل: " وتجاروا " والتصحيح عن المرجع السابق.