الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وفى أواخر الشهر التقى الجمعان على فرسخين من القدس بمكان يعرف بقلونية (1)، ثم رجع العدو ناكصا على عقبيه، والمسلمون في أثرهم، يكمنون (2) لهم، وينالون منهم (2)، وكان في اليزك بدر الدين [دلدرم](3) الياروقى، فبعث من كمن لهم عند طريق يافا، فمرت به فوارس، فاستولى عليهم الكمين، وما سلم منهم أحد.
ذكر كبس الفرنج للعسكر المصرى
كان العسكر المصرى قد تجهز للمضى إلى خدمة السلطان، فكتب السلطان إليهم من القدس يأمرهم بالاحتراز عند مقاربة العدو، فأقاموا ببلبيس أياما حتى اجتمعت القوافل إليهم، واتصل خبرهم بالفرنج، ثم سار العسكر طالبا البلاد الشامية، والفرنج تترقب أخبارهم وتتوصل إليهم بالعرب المفسدين، ولما تحقق العدو خبر العسكر الواصل والقفل أمر عسكره بالانحياز إلى سفح الجبل، وركب في ألف راكب مردفين ألف راجل، فأتى تل الصافية، فبات بها ثم سار.
وبلغ السلطان مسير العدو إلى طريق العسكر المصرى، فندب الأمير فخر الدين الطنبا العادلى، وشمس الدين أسلم (4) الناصرى، حتى يعلما العسكر، فالتقيا بهم بالحسى، وأخبراهم الخبر، ونزلوا وعرضوا وهم يظنون
(1) الأصل: «علمونية» ، والتصحيح عن:(ابن الأثير: الكامل، ج 12، ص 32) و (الروضتين، ج 2، ص 197)، وقد ذكر (ياقوت: معجم البلدان) مدينة بهذا الرسم، ولكنه قال، إنها بلد بالروم بينه وبين قسطنطينية ستون بريدا، وهذه غير تلك دون شك.
(2)
مكان هذه الفقرة في س: " يقتلون منهم ويأسرون ".
(3)
أضيف ما بين الحاصرتين عن س (129 ب).
(4)
الأصل: " إسلام "، والتصحيح عن ابن شداد وس.
أن لا حسّ للعدو بأرض الحسى، فجاءهم العدو بغتة، وكان في جملة العسكر فلك الدين أخو الملك العادل لأمه، وطاف الأنكلتير حول القفل في صورة عربى، فرآهم ساكنين قد غلبهم النعاس، فاستركب عسكره، وكانت الكبسة قريب الصباح، فبغت (1) الناس، ووقع عليهم (2) بخيله ورجله، فكان الشجاع الأيد القوى الذى ركب فرسه ونجا بنفسه.
وانقسم القفل ثلاثة أقسام: قسم قصدوا الكرك مع جماعة من العرب، وقسم أو غلوا في البرية مع جماعة من العرب، وقسم [398] استولى عليهم العدو، فساقهم بجمالهم وأحمالهم وجميع ما كان معهم.
وكانت وقعة شنعاء لم يصب الإسلام مثلها من مدة مديدة، وتبدد الناس في البرية، ورموا أموالهم، وكان السعيد من نجا بنفسه، وجمع العدو ما أمكن جمعه من الخيل والجمال والأقمشة، وسائر صنوف الأموال؛ وكلف [الانكلتير](3) الجمالين خدمة الجمال، والخربنديّة خدمة البغال، والساسة خدمة الخيل، ونجا غانما إلى عسكره.
ونجا فلك الدين أخو الملك العادل في معظم العسكر بأنفسهم وما قدروا على حمايته، وكان عدة من وقع في أسر العدو من المسلمين خمسمائة، والجمال تناهز ثلاثة آلاف جمل، وكان وصول العدو إلى مخيمه سادس عشر جمادى الآخرة، وكان يوما عظيما عندهم.
(1) الأصل: " فتعب " والتصحيح عن: (ابن شداد، السيرة، ص 209).
(2)
الأصل " منهم "، وس:" بهم "، والتصحيح عن المرجع السابق، وهو الأصل المنقول عنه هنا.
(3)
أضيف ما بين الحاصرتين عن س.