الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وكان الشام مجدبا، فأذن السلطان للعساكر المصرية في الرحيل إلى بلادهم، وإذا استغلوها (1) رجعوا إليه.
ثم رجع السلطان إلى دمشق، وواظب الجلوس في دار العدل، والصيد، ومدحه كاتبه عماد الدين بقصيدة أولها:
سواك لسهم (2) العلى لن (3) يريشا
…
فنسأل ربّ العلى أن تعيشا
من الناس بالبرّ صدت الكرا
…
م، وبالبأس في البرّ صدت الوحوشا
وكم سرت (4) من مصر نحو العري
…
ـش، فهدمت للمشركين العروشا
سراياك تبعث قدّامها
…
- من الرعب، نحو الأعادى - جيوشا
[186]
ويوم حماة تركت العدا
…
ة، كما طردت (5) بالفلا الريح ريشا
ذكر اجتماع
الحلبيين والمواصلة لحرب السلطان الملك الناصر ثانيا
لما انتظم الصلح بين السلطان والحلبيين، وسمع بذلك سيف الدين غازى ابن مودود - صاحب الموصل - عتب على الحلبيين، ووبخهم ونسبهم إلى العجلة في ذلك [وإلى الضعف](6)، وسلوك غير طريق الحزم، وحملهم على النقض والنكث، وأنفذ إليهم من أخذ عليهم المواثيق، ثم توجه ذلك الرسول إلى دمشق، ليأخذ لسيف الدين من السلطان عهدا، ويكشف أيضا
(1) س: " وإذا استغفروهم ". وما هنا يتفق ونص العماد في (الروضتين، ج 1، ص 252)
(2)
كذا في الأصل وفى (الروضتين، ج 1، ص 252)؛ وفى س: " سهم ".
(3)
في الأصل، وفى س:" أن " وما هنا عن الروضتين.
(4)
كذا في الأصل، وفى الروضتين، وفى س:" نفرت ".
(5)
كذا في الأصل وفى س، وفى الروضتين:" طيرت ".
(6)
ما بين الحاصرتين عن س (67 ب).
ما عنده، فلما خلا به طالبه السلطان بنسخة اليمين (1)، فغلط الرسول وأخرج من كمه يمين الحلبيين لسيف الدين، وناولها له، فتأملها وأخفى (2) سره، واطلع على ما اتفقوا عليه وردها إليه، وقال:" لعلها قد تبدلت "، فعرف الرسول أنه قد غلط، ولم يمكنه تلافى الفارط منه، وقال السلطان:
" كيف حلف الحلبيون لسيف الدين، ومن شرط أيمانهم أنهم لا يعتمدون أمرا إلا بمراجعتهم لنا واستئذانهم؟ "، وتحقق أنهم على نقض العهد.
وشاع الخبر عنهم بالخروج في الربيع، فكتب السلطان إلى نائبه بمصر، وهو أخوه الملك العادل سيف الدين أبو بكر بن أيوب، يعلمه بذلك، ويأمره أن يأمر العساكر بالاستعداد والخروج في شعبان.
وصالح سيف الدين أخاه عماد الدين - كما ذكرنا - وعاد (3) عن سنجار إلى الموصل، وجمع العساكر وأنفق فيهم الأموال، واستنجد بصاحب الحصن وصاحب ماردين وغيرهما، ثم سار إلى نصيبين في ربيع الأول من هذه السنة، وأقام بها حتى انسلخ الشتاء، ثم سار متوجها إلى حلب، فعبر الفرات من البيرة، وخيّم على الجانب الغربى، وراسل الحلبيين، واستقرت القاعدة أنه يصل إليهم، وذلك بعد (3) رسول سعد الدين كمشتكين (3) إليه، ومراجعات كثيرة وقعت بينهم عزم على العود منها مرارا، ثم سار ووصل إلى حلب، فخرج إليه ابن عمه الملك الصالح إسماعيل بن نور الدين - رحمهما الله - فالتقاه قريب القلعة، واعتنقه وضمه إليه وبكى (4)، ثم أمره بالعودة إلى القلعة، فعاد إليها، وسار هو حتى نزل بعين المباركة، وأقام بها مدة، وعسكر حلب يخرجون إلى خدمته كل يوم، وصعد إلى القلعة جريدة، وأكل فيها، ونزل.
(1) س: " فلما خلا به أراد أن يخرج له نسخة اليمين ".
(2)
الأصل: " وأخفا ".
(3)
هذا اللفظ ساقط من س.
(4)
الأصل: " وبكا ".