الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ذكر استيلاء
السلطان الملك الناصر صلاح الدين على حلب
[247]
ثم سار السلطان إلى حلب فنازلها، وذلك لأربع بقين من المحرم من هذه السنة - أعنى سنة تسع وسبعين وخمسمائة - وكان أول نزوله بالميدان الأخضر، وسيّر المقاتلة يقاتلون ويباسطون عسكر حلب ببانقوسا وباب الجنان غدوة وعشيّة، وفى نزوله جرح أخو السلطان تاج الملوك بورى بن أيوب [فصعب على السلطان ذلك](1)
واستدعى السلطان العساكر من الأطراف، فاجتمع إليه خلق كثير، ولم يجدّ السلطان في القتال رجاء أن يأخذها بدون ذلك، لكن الشباب والجهّال (2) والأصحاب تقدموا وقاتلوا، والسلطان ينهاهم فلا ينتهون، ثم رحل السلطان من الميدان الأخضر إلى جبل جوشن ونهى (3) عن القتال، وقال:
" نحن هنا نستغل البلاد وما علينا من الحصن (4) ".
وأظهر أنه يريد أن يبنى المساكن بحبل جوشن، ويتديّر (5) ويقيم، ونفذ رسله [إلى عماد الدين صاحب حلب](6).
(1) ما بين الحاصرتين عن س (143 أ).
(2)
بعد هذا اللفظ في س: " من أحداث حلب "، وليس بها لفظ:" والأصحاب ".
(3)
الأصل: " ونها ".
(4)
الأصل: " الحسن "، والتصحيح عن:(الروضتين، ج 2، ص 43) حيث ينقل عن العماد؛ أما صيغة س فمضطربة المعنى ونصها: " نحن هاهنا نشتغل بالبلاد وما علينا من الضرر شىء ".
(5)
س (143 ب): " ويريد أن يقيم ".
(6)
ما بين الحاصرتين عن س.
وكان مع عماد الدين بحلب عسكر كثير من النورية، وهم مجتهدون في القتال مجدّون فيه، ورأى عماد الدين كثرة الخرج فشحّ بماله، وحضر عنده بعض الأجناد وطلبوا منه شيئا فاعتذر بقلة المال عنده، فقيل له (1):
" من يريد يحفظ مثل حلب يخرج الأموال ولو باع نساءه ".
فمال حينئذ إلى تسليم حلب وأخذ العوض عنها، فأرسل الأمير حسام الدين طمان الياروقى في سر إلى السلطان على أن يتسلم حلب ويرد على عماد الدين سنجار بلده، فأجابه السلطان إلى ذلك وزاده الخابور ونصيبين والرقة وسروج، واشترط عليه إرسال العساكر في خدمته إلى الغزاة.
ولما تم الأمر بين عماد الدين والسلطان في السر أعلم عماد الدين الأمراء بذلك، وأذن لهم في تدبير أنفسهم، فأنفذوا عنهم وعن الرعية عز الدين جورديك وزين الدين بلك، فبقوا عنده إلى الليل، واستحلفوه للعسكر وأهل البلد، فحلف لهم ولعماد الدين، وذلك في سابع عشر صفر من السنة.
وخرجت العساكر إلى خدمة السلطان واجتمعوا به في الميدان الأخضر، وخرج إليه مقدمو حلب، فخلع عليهم، وطيّب قلوبهم، وقبّح أهل حلب على عماد الدين بيع حلب بسنجار وهو أبخس الأثمان (2)
[248]
مع قدرته على حفظ حلب والامتناع بها، حتى أن بعض عامة حلب أخضر إجانة (3) وفيها ماء، وناداه:" أنت لا تصلح للملك [بل] (4) تصلح أن تغسل الثياب "، وسمعوه المكروه.
(1) الأصل: " فقال "، والتصحيح عن س.
(2)
س: " وهو أفحش الأعمال ".
(3)
الإجانة المركن الذى يغسل فيه الثياب. (اللسان) و (ابن سيدة: المخصص، ج 9، ص 160).
(4)
عن س.
[قال صاحب التاريخ](1): وبلغنى أن العامة كانوا إذ رأوه صاحوا وقالوا:
" يا حمار، يا من باع حلب بسنجار ".
وأقام عماد الدين بقلعة حلب يقضى أشغاله وينقل أقمشته وخزائنه إلى يوم الخميس ثالث عشر (2) صفر (3).
ذكر وفاة تاج الملوك بورى (4)
ابن أيوب أخى السلطان - رحمه الله تعالى -
وفى يوم الخميس (5) هذا توفى تاج الملوك من الجرح الذى أصابه [على حلب](6) وحزن عليه السلطان [صلاح الدين حزنا عظيما](6)، وجلس في العزاء [ثلاثة أيام](6) وكان مولده سنة ست وخمسين وخمسمائة، فكان عمره اثنتين وعشرين سنة وشيئا.
(1) عن س.
(2)
الأصل وص: " عشرين ".
(3)
مقابل هذا اللفظ في هامش س (144 أ): " بلغ مقابلة "، ولعلها إشارة من الناسخ للدلالة على أنه وقف في مقابلته النسخة على الأصل عند هذا اللفظ.
(4)
كان تاج الملوك بورى أصغر أخوة صلاح الدين جميعا، وكان يبشر بمستقبل طيب، فقد كان شجاعا وشاعرا، وتذكر المراجع أن له ديوان شعر (ولكنه غير موجود). أنظر أخباره وترجمته في:(ابن خلكان: الوفيات، ج 1، ص 261 - 262) و (الحنبلى: شفاء القلوب، ص 13 ب - 14 ب) و (الروضتين، ج 2، ص 42 و 44) و (الدكتور الشيال: شاعر من البيت الأيوبى، مقال بمجلة الثقافة، العدد 130، 24 يونيو 1941). وبورى كلمة تركية معناها الذئب.
(5)
مكان هذا اللفظ في س: " ثالث وعشرين صفر ".
(6)
عن س.