الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ذكر استيلاء الملك الناصر على عزاز
وقفز الملاحدة عليه
(1)
ثم سار السلطان إلى أعزاز فحاصرها ثمانية وثلاثين يوما، وضيّق على من بها ونصب عليها المجانيق (2)، وقتل عليها كثير من عسكره.
ولما كانت ليلة الأحد حادى عشر ذى القعدة قفزت الملاحدة على السلطان، وكانت للأمير جاولى الأسدى خيمة قريبة من المجانيق، وكان السلطان يحضر فيها كل يوم لمشاهدة الآلات، ويحرض الرجال على الحرب، فحضر تلك الليلة والباطنية في زى الأجناد وقوف بين يديه، إذ قفز واحد منهم فضرب رأسه بسكينة، فلولا المغفر (3) الزرد كان تحت القلنسوة لقتله، فأمسك السلطان يد الباطنى بيديه، ولم يقدر على منعه من الضرب بالكلية (4)، فبقى يضربه في عنقه ضربا ضعيفا، وعلى السلطان كزاغند، (5) فكانت الضربات تقع في زيق الكزاغند
(1) يقصد بهم إسماعيلية الشام المعروفين بالحشاشين أو الحشيشية، ولعلهم يقصدون بهذه المحاولة الثأر للدولة الفاطمية التي قضى عليها صلاح الدين. وهذه ثانى مرة يحاولون فيها اغتيال صلاح الدين. انظر ما فات هنا ص 24، وعن هذا الموضوع راجع أيضا:
(B .Lewis : Saladin and the Assassins .B .S .O .A .S .1953،XV - 2) .
(2)
أنظر (مفرج الكروب، ج 1، ص 180، هامش 2).
(3)
المغفر لفظ عربى: وله في (اللسان) جملة تعريفات، قال: المغفر والمغفرة والغفارة زرد ينسج من الدروع على قدر الرأس يلبس تحت القلنسوة، وقيل هو رفرف البيضة، وقيل هو حلق يتقنع به المتسلح، وقيل حلق يجعلها الرجل أسفل البيضة تسبغ على العنق فتقيه، قيل وربما كان المغفر مثل القلنسوة غير أنها أوسع يلقيها الرجل على رأسه فتبلغ الدرع ثم يلبس البيضة فوقها، فذلك المغفر يرفل على العاتقين، وربما جعل المغفر من ديباج وخز أسفل البيضة.
(4)
الأصل: «من الكلية» وما هنا عن (ابن الأثير: الكامل، ج 11، ص 162).
(5)
الكزاغند - أو القزاغند - (والجمع كراغنديات وقزغنديات) لفظ فارسى معناه المعطف القصير يلبس فوق الزردية، وكان يصنع من القطن أو الحرير المبطن المنجد، ويقابله في الفرنسية Jaoqueite وفى الإنجليزية. Surcoat انظر:(DOZY : Supp Dcit Arab) .
فتقطعه والزرد [191] يمنعها من الوصول إلى رقبته، وأدرك السلطان مملوكه سيف الدين بازكوج (1) فأمسك السكين بكفه، فجرحه الباطنى فلم يطلقها من يده إلى أن قتل الباطنى وبضع وقطع، وجاء آخر فاعترضه الأمير داود بن منكلان [الكردى] فمنعه، وجرحه الباطنى في جنبه فمات، وقتل الباطنى، وجاء آخر فعانقه الأمير على بن أبى الفوارس وضمه من تحت إبطيه، وبقيت يد الباطنى من ورائه لا يتمكن من الضرب، ونادى [علىّ]:
" اقتلونى معه فقد قتلنى وأذهب قوتى ".
فطعنه ناصر الدين بن أسد الدين شيركوه فقتله، وخرج آخر من الخيمة منهزما، فثار عليه أهل سوق العسكر فقطعوه.
وركب السلطان إلى خيمته، وقد ارتاع لهذه الحادثة، ودمه سايل على خده، وطوق كزاغنده مبلول، واحتجب عن الناس، واحتاط، وضرب حول سرادقه على مثال خشب الخركاه (2) تأزيرا، وجلس في بيت خشب، واحترس من الجند فمن أنكره أبعده، ومن عرفه أقره.
ولازم حصار عزاز ثمانية وثلاثين يوما، وكان كل يوم أشد قتالا مما قبله وكثرت النقوب بها، فأذعن من بها، وتسلم القلعة حادى عشر ذى الحجة.
(1) الأصل: «ياركوج» وما هنا عن العماد والقاضى الفاضل (الروضتين، ج 1، ص 258)
(2)
الخركاه - والجمع خركاوات - لفظ فارسى، شرحه (DOZY : Supp Dict .Arab) بأنه نوع من الخيمة يتكون من قطع من الخشب معقود بينها على شكل قبة، وتغطيها قطع من اللبد
Cette espece de tente،qui se compose de morceaux de boia،reunia en forme de oonpole،et aur lesquels on eteld des pieces de feutre.