الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
على ما اقترحه، وألزم أعيان الحجاج من سائر البلاد بوضع خطوطهم على ما عيّنه، فكتبوا خطوطهم مكرهين، وكان عذره أنه أنكر عليه ضرب الطبل ونهاه فأبى.
فلما انتهت تلك الحالة إلى الإمام الناصر لدين الله أمير المؤمنين أنكرها أشد الانكار ونسبها إلى طيش طاشتكين، فانحط قدره عنده بسبب ذلك، ثم نكبه بعد سنتين، وحبسه وأطال سجنه، ثم عفا عنه بعد مدة، وولاّه [حرب](1) بلاد خوزستان وخراجها، وولى إمارة الحج غيره.
ولما بلغ السلطان استشهاد شمس الدين حزن عليه واحتسبه، وأقرّ ولده الأمير عز الدين مقامه، وأقرّ عليه إقطاعه.
وأقام السلطان بعكا إلى آخر السنة.
ذكر منازلة السلطان حصن كوكب
ولما دخلت سنة أربع وثمانين وخمسمائة خرج السلطان من عكا، ونازل كوكب في العشر الأوسط من المحرم، وحاصرها وصابرها أياما، ولم يتمكن من فتحها لمنعتها وحصانتها، ورآها تحتاج إلى طول مدة ومصابرة، فوكل بها صارم الدين قايماز النجمى، ووكل بصفد طغرل الجاندار، كل واحد منهما في خمسمائة فارس، ووجه إلى الكرك والشوبك سعد الدين كمشبه (2) الأسدى، وكانت هذه الحصون [313] الأربعة في غاية الحصانة.
(1) ما بين الحاصرتين زيادة عن العماد (الروضتين، ج 2، ص 123)، وهو المرجع الذى ينقل عنه المؤلف هنا.
(2)
الأصل " كمشيا "، والتصحيح عن العماد (الروضتين، ج 2، ص 124).
ووصل السلطان - وهو بكوكب - رسول صاحب آمد قطب الدين سكمان ابن نور الدين محمد بن قزل أرسلان الأرتقى، وكان خائفا من السلطان أن يسترجع آمد، لأنها من جملة مواهبه - كما سبق - واستوثق بالوصلة بإحدى بنات الملك العادل، وكان قد وكلّ أخاه السلطان في ذلك لما سار إلى مصر، فلما قدم رسوله تمت الوصلة بينهما.
ووصل أيضا اختيار الدين حسن بن غفراس - مدبر دولة الملك قلج أرسلان صاحب الروم - وكان هذا الرسول مغرى بلبس الحلى والديباج والموشى، وفى يده زنود وخواتيم مرصعة بزينة ثقيلة الجواهر ويواقيت ثمينة ولآلىء نفيسة، وفى يده عمود من ذهب، وعدته مجوهرة، وكان السلطان اذا رآه تبسم تعجبا من قلة عقله، ويقول:" بهذا سافر لينظر الناس ذهبه وجوهره ".
وكان جماعة من أهل الحزم قد أشاروا على السلطان بتخريب عكا وتعفية أثارها حتى يؤمن عود الكفر إليها، ويبنى قلعة القيمون، وكان هذا عين المصلحة، فكاد يجيب إلى ذلك، فقيل له:" هذه مدينة كبيرة، وعماراتها كثيرة، والمصلحة تبقيتها، وأن تعمر وتحصن "؛ فولى عمارتها وتدبير أمورها الأمير بهاء الدين قراقوش، وهو الذى تولى إدارة السور على مصر والقاهرة، فاستدعاه من مصر، وأمره أن يستنيب (1) في تلك العمارة، فقدم عليه وهو بكوكب، ففوّض إليه عمارة عكا، فشرع في تجديد سورها وتعلية أبراجها، وكان لما قدم من مصر قدم معه أساتيذ العمل (2) وأبقاره وآلاته ودوابه. (3)
(1) الأصم: " يستثيب "، والتصحيح عن العماد (الروضتين، ج 2، ص 125) وهو المنقول عنه هنا.
(2)
الأصل: " أسارى للعمل "، والتصحيح عن المرجع السابق.
(3)
الأصل: " وتحت "، والتصحيح عن المرجع لسابق.