الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يكون من أمر العدو وحال أهل البلد، وانتقل الناس في تلك لليلة إلى الصباح، فاشتغل العدو بالاستيلاء على البلد، وأقام السلطان إلى التاسع عشر، ثم انتقل إلى الثقل (1)، ووصل إلى السلطان ثلاثة نفر ومعهم أقوش - حاجب (2) بهاء الدين قراقوش - مستنجزين ما وقع عليه عقد الصلح من المال والأسرى، وأقاموا تلك الليلة، وساروا إلى دمشق ينتظرون الأسرى.
ذكر مراسلة السلطان لملك المغرب
وكان السلطان قد راسل المنصور أبا يوسف يعقوب بن يوسف بن عبد المؤمن الخليفة بالمغرب مستنجدا به على عدو الدين (3)، وكان الرسول إليه شمس الدولة بن منفذ، فلما ملك العدو عكا وجرى ما ذكرناه كتب السلطان إلى شمس الدولة بالانشاء الفاضلى يستحثه على العود بالنجدة، ويعرفه الواقعة، ومنه:
" لقد تجاوزت عدة من قتل على عكا - يعنى من الفرنج - الخمسين ألفا (4)، قولا لا يطرقه التسمح، بل يحرزه (5) التصفح، فانبرى في هذه السنة ملكا افرنسيس
(1) الأصل: " الحقل "، والتصحيح عن:(الروضتين، ج 2، ص 188).
(2)
الأصل: " صاحب "، والتصحيح عن المرجع السابق.
(3)
توجد نصوص كثير من الرسائل المرسلة من صلاح الدين إلى السلطان أبى يوسف، وإلى رسوله إليه شمس الدولة بن منقذ في:(صبح الأعشى، ج 6، ص 526 - 530) و (الروضتين، ج 2 ص 170 - 178) فراجعها هناك، وفى قسم الملاحق بآخر هذا الجزء.
(4)
الأصل: " ألف "، والتصحيح عن:(الروضتين، ج 2، ص 188).
(5)
الأصل: " لا يطلقه التسمح بل تحريره التصفح "، والتصحيح عن المرجع السابق.
وانكلتير وملوك آخرون في مراكب بحرية، وحمّالة (1) حملوا فيها الخيول والخيّالة، والمقاتلة والآلة، ووصلت كل سفينة تحمل مدينة، وأحدقت بالثغر، ومنعت الناقل بالسلاح إليه، والداخل بالميرة عليه.
فصل: وأخذوا البلد على سلم كالحرب، ودخله العدو، ولو لم يدخل من الباب لدخل من النقب، وما وهنّا لما أصابنا في سبيل الله، وما ضعفنا ولا رجعنا ورانا، ولا انصرفنا، بل نحن في مكاننا ننتظر أن يبارزوا فنبارزهم (2)، أو يخرجوا فنناجزهم، أو ينتشروا فنطويهم، أو ينبثوا فنزويهم، وأقمنا على طرقهم، وخيمنا على مخنقهم، وأخذنا بأطراف (3) خندقهم، [384] وأحوج ما كنا الآن إلى النجدة البحرية، والأساطيل المغربية، فإن عاريتنا بها ترد، وعاديتنا بها تشتد.
والأمير يبلغ ما بلغه من خطب الإسلام وخطوبه؛ ويقوم في البلاغ يوم الجمعة مقام خطيبه، ويعجّل العودة وقبلها الإجابة، ويستصحب السهم ويسبق ببشرى الإصابة، ويشعر بأن الراية قد رفعت لنصر تقدم به عرابه، فإن للإسلام نظرات إلى الأفق الغربى يقلبها (4)، وخطرات من اللطف الخفى يقربها، ويكفى من حسن الظن أنها نظرة ردت الهواء الشرقى غربا، وخطرة أو همت أن تلك الهمة لو تلم بالسفائن لأخذت كل سفينة غصبا ".
(1) راجع ما فات هنا ص 13، هامش 2
(2)
الأصل: " فنبرز إليهم "، والتصحيح عن المرجع السابق، ص 189
(3)
الأصل: " طراز خندقهم "، والتصحيح عن المرجع السابق.
(4)
الأصل: " تقبلها "، والتصحيح عن المرجع السابق.