الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عليه، وطلبوا منه أن يعبر الفرات ليقصدوا السلطان، فجمع سيف الدين عساكره، وكاتب أخاه عماد الدين زنكى، وأمره أن ينزل إليه من سنجار بعساكره، ليجتمعا على حرب السلطان الملك الناصر، فامتنع من ذلك، فجّهز أخوه سيف الدين أخاه عز الدين مسعود بن مودود في عسكر كبير هو معظم عسكره إلى الشام، وجعل المقدم على العسكر مع أخيه الأمير عز الدين محمود المعروف بزلفندار (1)، وجعله المدبر للأمر، وسار سيف الدين بنفسه إلى سنجار، وحصرها في شهر رمضان من هذه السنة - أعنى سنة سبعين وخمسمائة -، وجدّ في قتالها، فامتنع بها أخوه عماد الدين، وأحسن حفظها والذبّ عنها، فبينما هو [كذلك](2) إذ أتاه الخبر [183] بانهزام عسكره الذى مع أخيه عز الدين - كما سنذكره -، فصالح حينئذ أخاه ورحل عائدا إلى الموصل.
ذكر كسرة المواصلة بقرون حماة
لما تسلم الملك الناصر رحمه الله بعلبك عاد إلى حمص، ووصل عز الدين مسعود بن قطب الدين مودود بن زنكى بعساكر الموصل إلى حلب، ومعه عز الدين [محمود الملقب](3) بزلفندار (4)، ثم جاءوا إلى حماة فحصروها، وراسلوا السلطان في الصلح، فقدم السلطان في خف (5) من أصحابه، فجاءه
(1) س: " بركفندار " وما هنا يتفق والرسم في (ابن الأثير: الكامل، ج 11، ص 158) وهو المرجع الذى ينقل عنه المؤلف هنا.
(2)
ما بين الحاصرتين عن س (66 أ).
(3)
ما بين الحاصرتين عن س.
(4)
قال (ابن الأثير: الكامل، ج 11، ص 159): " وكان زلفندار جاهلا بالحروب والقتال، غير عالم بتدبيرها، مع جبن منه، إلا أنه قد رزق سعادة وقبولا عند سيف الدين ".
(5)
س: " في جماعة " وما هنا يتفق ونص العماد (الروضتين، ج 1، ص 248) وهو المرجع الذى ينقل عنه هنا.
الأمير سعد الدين كمشتكين والعدل شهاب الدين أبو صالح بن العجمى وغيرهما، وتفاوضوا في معنى الصلح، فأجابهم السلطان إلى أن يرد عليهم الحصول التي أخذها، وأن يقنع بدمشق نائبا عن الملك الصالح منتميا (1) إليه، والخطبة والسكة له، وأن يرد عليهم كلما أخذ من الخزانة، فلما رأوه مجيبا لكل ما يلتمس منه وقلة عسكره اشتطوا عليه وطمعوا، وطلبوا الرحبة وأعمالها، فقال:
" هى لابن عمى نصر الدين محمد بن أسد الدين شيركوه، ولا سبيل إلى الإضرار به ".
فنفروا وأصبحوا على الرحيل إلى جانب العاصى قريبا من شيزر، وجمعوا العساكر وأظهروا عزمهم على المصاف، فعبّر السلطان إلى سفح قرون حماة خيامه، ووصل إليه جماعة من العسكر المصرى ومعهم عشرة من المقدمين، منهم أبناء أخيه: الملك المظفر تقى الدين عمر بن شاهنشاه بن أيوب، وعز الدين فرخ شاه بن شاهان شاه بن أيوب، وغيرهم؛ ثم كانت الوقعة بين الفريقين تاسع عشر شهر رمضان من السنة، فلم يثبت عسكر الموصل، وانهزموا لا يلوى أحد على أحد، وثبت عز الدين مسعود بعد انهزام أصحابه، فلما رأى السلطان ثباته قال:
" إما أن هذا أشجع الناس، وإما أنه لا يعرف الحرب، " وأمر أصحابه بالحملة عليه، فحملوا فأزالوه عن موقفه، وتمت الهزيمة عليهم، وتبعهم السلطان وعسكره، حتى جاوز معسكرهم (2)، وغنم كل ما معهم، وأسر جماعة منهم، ثم منّ عليهم وأطلقهم، وعادوا منهزمين إلى حلب، وتبعهم السلطان بنية المحاصرة لحلب والمنازلة لها، وقطع حينئذ خطبة الملك الصالح ابن نور الدين، وأزال اسمه عن السكة في بلاده.
(1) س: " مؤتمنا ".
(2)
س: " بعسكرهم ".