الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ذكر مراسلة السلطان للديوان العزيز
ثم أرسل السلطان الخطيب شمس الدين بن أبى المضاء (1) رسولا إلى الخليفة الإمام المستضىء بنور الله بن المستنجد برسالة فاضلية (2)، تشتمل على تعداد ما للسلطان عليه من الآثار الجميلة، والقيام بخدمة الدولة العباسية، من جهاد (3) العدو في أيام نور الدين ثم فتح مصر واليمن وبلاد جمة من أطراف المغرب، وإقامة الخطبة العباسية بها، وأنه لم تخل سنة من غزو الفرنج برا وبحرا، و (4) مركبا وظهرا (4)، وفتح معاقل لهم من جملتها قلعة كانت بثغر أيلة قد بناها العدو في بحر الهند المسلوك منه إلى الحرمين واليمن، [وغزا ساحل الحرم](5)، فسبى منه خلقا، وخرق الكفر في ذلك الجانب خرقا، ففتحت هذه القلعة، وصارت معقلا لجهاد المسلمين وموئلا للمسافرين (6)، وفيه:
فصل في ذكر أهل مصر:
(1) في س، وفى (السلوك، تعليقات الدكتور زيادة نقلا عن " بلوشيه "، ج 1، ص 6)" أبى البيضاء " وفى (ابن كثير، البداية والنهاية، ج 1، ص 297): " أبو الضياء " وصحة الإسم كاملا " شمس الدين محمد بن المحسن بن الحسين بن أبى المضاء البعلبكى أبو عبد الله " وذلك نقلا عن: (ابن الدبيثى: تاريخه باختصار الذهبى، نشر الدكتور مصطفى جواد، ج 1، ص 241) و (الروضتين، ج 1، ص 193، 195، 241) وقد أشرنا فيما سبق (مفرج الكروب، ج 1، ص 200، هامش 3) إلى الرواية التي تقول بأن هذا الرجل هو أول من قطع الخطبة للعاضد الفاطمى وخطب للمستضىء العباسى في مصر بأمر صلاح الدين، وتؤكد المراجع التي ترجمت له أنه حظى بعد ذلك عند صلاح الدين " حتى جعله سفيرا بينه وبين الملوك والخلفاء ". أنظر أيضا:(النجوم الزاهرة، ج 5، ص 343).
(2)
أنظر النص الكامل لهذه الرسالة في (الروضتين، ج 1، ص 241 - 243).
(3)
النص في س مضطرب غير مفهوم وهو: " من جهاد الدين هو دايم للعدو في أيام نور الدين إلخ "، ونص الروضتين (ص 241):" من جهاد الأفرنج في حياة نور الدين ".
(4)
هذان اللفظان ساقطان من س.
(5)
ما بين الحاصرتين عن س (65 أ)، وهو متفق مع نص الروضتين.
(6)
جاء في نسخة س بعد هذا اللفظ ما يأتى: " وفى هذه الرسالة فصولا (كذا) يذكر فيها ماتم له في مصر وغيرها، نتركها خوف الإطالة " ثم حذف بعد ذلك هذه المقتبسات من الرسالة الفاضلية التي =
" ووصلنا البلاد وبها أجناد عددهم كثير، وسوادهم كبير، وأموالهم واسعة، وكلمتهم جامعة، وهم على حرب الإسلام أقدر منهم على حرب الكفر، والحيلة في السر فيهم أنفذ من العزيمة في الجهر، وبها راجل من السودان يزيد على مائة ألف رجل (1)، كلهم أغتام أعجام، إن هم إلا كالأنعام (180) لا يعرفون ربا إلا ساكن قصره، ولا قبلة إلا ما يتوجهون إليه من ركنه [وامتثال أمره](2)، وبها عسكر من الأرمن باقون على النصرانية (3)، موضوعة عنهم الجزية، ولهم شوكة وشكة، [وحمة](2) وحمية، لهم حواش لقصرهم من بين داع تتلطف في الضلال مداخله، وتصيب العقول (4) مخاتله، ومن كتّاب تفعل أقلامهم فعل الأسل، وخدام يجمعون إلى سواد الوجوه سواد النحل، ودولة قد كبر عليها (5) الصغير ولم يعرف غيرها الكبير، ومهابة تمنع من خطرات (6) الضمير، فكيف
= انفردت بذكرها نسخة ك التي اعتمدناها أصلا للنشر، وقد أورد صاحب الروضتين النص الكامل للرسالة وهى رسالة هامة لأنها تلخص جهود صلاح الدين منذ ولى الوزارة بمصر بعد وفاة عمه إلى هذه السنة (570)، وهذا الفارق مثل واضح من أمثلة كثيرة على أفضلية نسخة ك على نسخة س، ولتصحيح هذه المقتبسات سنعارضها على الروضتين. وسننشر هذه الرسالة كاملة في ملاحق هذا الجزء.
(1)
هذا نص هام لأنه يحدد عدد الجند من السودانيين في الجيش المصرى في أواخر العصر الفاطمى.
(2)
ما بين الحاصرتين زيادة عن (الروضتين، ج 1، ص 242).
(3)
دخل الأرمن في الجيش الفاطمى وفى وظائف الدولة منذ ولى بدر الجمالى الوزارة للمستنصر ثم كثر عددهم وزادت شوكتهم وأصبحوا غالبية كبيرة في مصر، ولم يقتصر الأمر على استخدام المسلمين منهم بل استخدم الأرمن النصارى بعد ذلك، وخاصة بعد أن ولى بهرام الأرمنى الوزارة للخليفة الحافظ، ولهذا النص هنا أهميته، لأن المعروف أن الدول الإسلامية في كل العصور لم تكن تستخدم في جيوشها إلا جتودا مسلمين، وهذا النص يدل على أن الجيش الفاطمى كان به جنود من الأرمن النصارى.
(4)
النص يختلف هنا قليلا عن الروضتين، فمكان هذا اللفظ هناك " القلوب ".
(5)
الروضتين: " نملها ".
(6)
الروضتين (242): " تمنع ما يكنه الضمير ".
بخطوات التدبير، هذا إلى استباحة للمحارم (1) ظاهرة، وتعطيل للفرائض على عادة [جارية](2) جائرة، وتحريف للشريعة بالتأويل، وعدول إلى غير مراد الله بالتنزيل، وكفر يسمى بغير اسمه، وشرع يتستر به ويحكم بغير حكمه، فما زلنا نسحتهم سحت المبارد للشفار، ونتحيفهم تحيف الليالى (3) والنهار، يعجائب (4) تدبير لا تحتملها المساطير، وغرائب تقدير (5) لا تحملها الأساطير (6)، فشرعنا في تلك الطوائف من الأجناد والسودان والأرمن، فأخرجناهم من القاهرة (6)، حتى بقى القصر ومن به من خدم وذرية قد تفرقت شيعه، وتمزقت بدعه، وأخفيت دعوته، وخفتت ضلالته، فهناك تمت لنا إقامة الكلمة والجهر بالخطبة، والرفع للواء الأعظم الأسود، وعجل الله للطاغية الأكبر بفنائه، وبرأنا من عهدة يمين كان إثم حنثها (7) أيسر من إثم إبقائه، إلا أنه عوجل لفرط روعته، ووافق هلاك شخصه هلاك دولته ".
فصل (6): " وكان باليمن ما علم من [أمر](8) ابن مهدى الضال الملحد، المبتدع المتمرد (9)، وله آثار في الإسلام وثأر طالبه النبى عليه الصلاة والسلام، لأنه سبا الشرائف الصالحات، وباعهن بالثمن البخس، واستباح منهن كل
(1) في الأصل: " المحارم والفرائص "، والتصحيح عن الروضتين.
(2)
زيادة عن (الروضتين، ج 1، ص 242).
(3)
الروضتين: " الليل ".
(4)
في الأصل: " وللأعمال العجائب تدبير " وما هنا عن الروضتين.
(5)
في الأصل: " تقريب " وما هنا عن الروضتين.
(6)
قبل هذا اللفظ في الروضتين فقرات طويلة من الرسالة أسقطها ابن واصل اختصارا.
(7)
في الأصل: " خبثها " والتصحيح عن الروضتين.
(8)
ما بين الحاصرتين عن الروضتين.
(9)
في الأصل: " المتترد " والتصحيح عن الروضتين (242).
ما لا تقر عليه نفس، ودان ببدعة صعبة، ودعا إلى قبر أبيه وسماه كعبة، وأخذ أموال الرعايا [المعصومة](1) وأجاحها، وأحل الفروج المحرمة وأباحها.
فصل: ولنا بالمغرب أثر أغرب، (2) قد ملكنا مما تجاور منه بلادنا بلادا تزيد مسافتها على شهر، وسيرنا [إليها] عسكرا بعد عسكر، رجع بنصر بعد نصر، من مشاهيرها: برقة، قفصة، قسطيلية، توزر؛ كل هذه تقام فيها الخطبة لمولانا المستضىء بنور الله، سلام الله عليه ".
(181)
ثم ذكر تشتت بلاد الشام بعد وفاة نور الدين، وطمع العدو فيها لاختلاف الآراء، (2)" وأن كل قلعة قد حصل فيها صاحب، وكل جانب قد طمح إليه طالب، وساءت السيرة، وخبثت السريرة ".
فصل: " (2) وعرفنا أن البيت المقدس إن لم تتيسر الأسباب لفتحه، وأمر الكفر إن لم نجرد العزم لقلعه، وإلا نبتت عروقه، واتسعت على المسلمين (3) خروقه، وكانت الحجة لله قائمة، وهمم القادرين بالقعود آثمة، وإنا لا نتمكن بمصر منه مع بعد المسافة، وانقطاع العمارة، وكلال الدواب التي بها على الجهاد قوة، وإذا جاوزناه كانت المصلحة بادية، والمنفعة جامعة، واليد قادرة، والبلاد قريبة، والغزوة ممكنة، والميرة متسعة، والخيل مستريحة، والعساكر كثيرة [الجموع](1).
(2)
وإذا شد رأينا حسن الرأى ضربنا بسيف يقطع في غمده، وبلغنا المنى بمشيئة الله، ويد كل مسلم (4) تحت برده، واستنقذنا أسيرا من المسجد الأقصى، الذى أسرى الله إليه بعبده "
(1) ما بين الحاصرتين عن الروضتين.
(2)
قبل هذا اللفظ في الروضتين فقرات أسقطها ابن واصل اختصارا.
(3)
الروضتين (ص 243): " على أهل الدين ".
(4)
في (الروضتين، ج 1، ص 243): " مؤمن ".