الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ذكر مكاتبة السلطان إلى الأطراف في الاستنفار للجهاد
وواصل السلطان كتبه إلى جميع الأقطار يستدعى الناس إلى الجهاد ويحثهم عليه، وسرّح عدنان النّجاب إلى أخيه سيف الإسلام ظهير الدين طغتكين ابن أيوب - صاحب اليمن - يشرح له ما جرى من الحوادث ويطلب منه الإعانة بالمال.
وكاتب مظفر الدين قرا أرسلان - صاحب العجم - يحتج عليه بما افترضه الله تعالى من القيام بنصرة الإسلام، وكان اسم السلطنة بالعجم لابن أخى مظفر الدين هذا لأمه، وهو السلطان ركن الدين طغرل بن محمد بن طغرل بن محمد بن ملكشاه السلجوقى، وهو آخر السلاطين السلجوقية، فورد على السلطان كتابه يتظلم إليه من عمه قرا أرسلان، ويطلب من السلطان إعانته عليه، فاعتذر إليه السلطان بما هو فيه من شغل الجهاد مع الكفار، وأرسل رسولا - في السفارة بينه وبين عمه - جمال الدين أبا الفتح إسماعيل بن محمد بن عبد كويه، وكتب إلى زين الدين [347] بن نور الدين - صاحب إربل -، وإلى حسن بن قفجاق ونائبه بشهرزور يأمرهما بالتوفر (1) على خدمته.
وكتب السلطان إلى الإمام الناصر لدين الله أمير المؤمنين كتابا منه:
" وقد مضت ثلاثة أشهر [شهر](2) بها التثليث وحلّ التوحيد سلاحه، وبسط الكفر جناحه، وقتل من الفرنج وعدم في الوقعات التي روّعت [و](2) الروعات التي وقعت أكثر من عشرين ألف مقاتل من فارس وراجل، ورامح
(1) الأصل: «بالوفود» والتصحيح عن (الروضتين، ج 2، ص 149).
(2)
ما بين الحاصرتين زيادة عن نص الرسالة الوارد في (الروضتين، ج 2، ص 149).
وتارس (1) ونابل، فما أثر ذلك فىّ نقصهم ولا أرث إلا نار حرصهم، وليس هذا العدو بواحد فينجح فيه التدبير ويأتى عليه التدمير، وإنما هو كلّ من وراء البحر، وجميع من في ديار الكفر، فإنه لم يبق لهم مدينة ولا بلدة ولا جزيرة، ولا خطة صغيرة ولا كبيرة إلا جهّزت مراكبها، وأنهضت كتائبها، وتحرك ساكنها، وبرز كامنها، وثار ثائرها، (2) وسار سائرها (2)، وطار طائرها، ونقضت خزائنها، وانفضت معادنها، وحملت ذخائرها، وبذلت أخائرها (3)، ونثلت كنائن كنائسها، واستخرجت دفائن نقائسها، وخرج بصلبانها أساقفها وبطاركها، وغصت بالأفواج فجاجها ومسالكها، وتصلبت للصليب السليب، وتعصبت للمصاب المصيب، ونادوا في نواديهم بأن البلاد بلادهم، وأن إخوانهم بالقدس أبارهم (4) الإسلام وأبادهم، وأنه من خرج من بيته مهاجرا لحرب الإسلام وهبت له ذنوبه، وذهبت عنه عيوبه، ومن عجز عن السفر سفّر من يقاتل عوضه، أو يعين بماله وعدته قدره، فجاءوا لابسين الحديد بعد أن كانوا لابسين الحداد، وتواصلت منهم الأمداد».
وورد على السلطان من عز الدين مسعود بن مودود - صاحب الموصل - أحمال من النفط الأبيض، ومن التراس والرماح، ومن كل جنس أحكمه وأقومه وأجوده.
قال: وكتب إليه السلطان:
(1) هذا اللفظ غير موجود في س ولا في نص الروضتين.
(2)
هذان اللفظان ساقطان من س.
(3)
الأصل: «أجايرها» ، وما هنا عن الروضتين.
(4)
الأصل: «أثارهم» وما هنا عن الروضتين.