الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ودورين وماكسين والشمسانّية (1) والفدين (2) والمجدل والحصين، ثم قطع نهر الخابور على قنطرة تنينير (3)، ونازل نصيبين، فامتنعت القلعة عليه أياما، ثم استسلم من فيها، فملكها، وولاها حسام الدين أبا الهيجاء السمين، وولى الخابور جمال الدين خوشترين (4).
وأقام السلطان بنصيبين ليصلح أمورها، فأتاه الخبر أن الفرنج قد قصدوا بلد دمشق، ونهبوا القرى ووصلوا إلى داريا، وأرادوا تخريب جامعها، فأرسل النائب بدمشق إليهم جماعة من النصارى، يقول لهم:«إذا خربتم جامع داريا جددنا عمارته، ونخرب كل بيعة لكم في بلادنا، ولا نمكن أحدا من عمارتها» ، فتركوه، ولما وصل الخبر بذلك إلى السلطان، أشار عليه بعض أصحابه بالعود، فقال السلطان:«يخربون قرى ونملك عوضها بلادا، ثم نعود فنعمرها، ونقوى على قصد بلادهم» ، ولم يرجع وعزم على منازلة الموصل.
ذكر منازلة السلطان الملك الناصر الموصل
لما ملك (5) السلطان نصيبين جمع الأمراء الأكابر واستشارهم: أي البلاد يبدأ بها، بالموصل أم بسنجار أم بالجزيرة؟ فاختلفت آراؤهم، فقال مظفر الدين كوكبورى بن زين الدين على كوجك:
(1) كذا في الأصل وفى (الروضتين، ج 2، ص 32)، وس:" الشماسة " وهو خطأ؛ وقد ضبط الاسم بعد مراجعة (ياقوت: معجم البلدان)، حيث ذكر أنها بليدة بالخابور.
(2)
كذا في الأصل، وفى س:" الغدير "، والروضتين:" الغدين "؛ وصيغة الأصل هى الصحيحة، وقد ضبط اللفظ عن (ياقوت: معجم البلدان) حيث عرفه بأنه قرية على شاطىء الخابور ما بين ماكسين وقرقيسيا.
(3)
الأصل: " القبتين "، س:" العسس " دون نقط؛ والروضتين: " التنبنير "؛ وقد صححت وضبطت بعد مراجعة (ياقوت: معجم البلدان) حيث عرفها بقوله: " تنينير تصغير تنور، اسم لبلدتين من نواحى الخابور: تنينير العليا، وتنينير السفلى، وهما على نهر الخابور ".
(4)
الأصل: " جوشيرين "، والتصحيح عن س والروضتين.
(5)
س (77 أ): " أصلح ".
ووافقه على ذلك ناصر الدين محمد بن شيركوه، وكان قد بذل للسلطان مالا كثيرا ليقطعه الموصل إذا ملكها، فأجابه إلى ذلك، فأشار بهذا الرأى لهواه، فسار السلطان إلى الموصل، وكان عز الدين صاحبها ونائبه مجاهد الدين [قايماز](1) قد جمعا بالموصل العساكر الكثيرة ما بين فارس وراجل، وأظهرا من السلاح وآلات الحصار ما حارت له الأبصار، وكانت طريق السلطان على أعمال ما بين النهرين، ثم أعمال البقعة (2)، ثم سار (3) إلى دجلة، فوردت خيله - في أشهر متقاربة - نيل مصر والفرات والدجلة؛ ثم صمم على قصد الموصل، فلما قرب منها انفرد هو ومظفر الدين بن زين الدين، وابن عمه ناصر الدين محمد بن شيركوه، ونفر من أعيان دولته، وقربوا من البلد، فلما رآه وحققه رأى ما هاله وملأ صدره وصدور أصحابه، فإنه رأى بلدا عظيما، ورأى الأسوار قد ملئت بالرجال، وليس فيها (4) شرّافة (5) إلا وعليها رجل مقاتل، سوى من عليه من عامة البلد المتفرجين، فلما رأى ذلك علم أنه لا يقدر على أخذه، فقال لناصر الدين:
(1) ما بين الحاصرتين عن س.
(2)
كذا في الأصل، و (الروضتين، ج 2، ص 32)؛ وس (77 أ): " هعه " بدون نقط.
(3)
قبل هذا اللفظ في س: " ثم للد "، ولعلها:" بلد "، فقد جاء في الروضتين نقلا عن العماد:" ثم سرنا إلى بلد وأشرفنا على دجلة ".
(4)
الأصل: " فيه " وقد صححت ليستقيم بها المعنى.
(5)
في (اللسان): " الشّرف " كل نشز من الأرض قد أشرف على ما حوله، و " الشرفة " ما يوضع على أعالى القصور والمدن، والجمع شرف. فلعل المقصود هنا بالشرافة الأجزاء العليا من السور التي تشرف على خارجه.
" إذا رجعنا إلى العسكر فاحمل ما بذلت من المال، فنحن معك على (1) القول ".
فقال. ناصر الدين:
" قد رجعت عما بذلت من المال ".
فقال له ولمظفر الدين:
" غررتمانى وأطمعتمانى في غير مطمع، ولو قصدت غيره قبله كان أسهل أخذا بالاسم والهيبة التي حصلت لنا [في قلوب الناس] (2)، ومتى نازلناه (3) وعدنا عنه ولم نأخذه ينكسر ناموسنا، ويفل حدنا وشوكتنا ".
ثم رجع إلى معسكره [وبات تلك الليلة](2) وضجّ البلد، ودار العسكر حول السور، وعيّن لكل مقدم مقاما، ونزل هو وراء البلد، ونزل الملك المظفر تقى الدين - صاحب حماة - من شرقيه، ونزل تاج الملوك بورى بن أيوب عند الباب العمادى (4)، ونزل نور الدين - صاحب حصن كيفا - بباب الجسر.
وكان نزول السلطان على الموصل [236] يوم الخميس حادى عشر رجب من هذه السنة - أعنى سنة ثمان وسبعين وخمسمائة - ثم نشب القتال بين الفريقين، ولم يمكن عز الدين [صاحب الموصل](2) ومجاهد الدين أحدا (5) من الخروج، بل لزموا القتال على الأسوار، وخرج يوما بعض العامة إلى العسكر، فنالوا منه.
ثم إن الملك المظفر أشار على عمه السلطان بنصب منجنيق، فقال:
" مثل هذا البلد لا ينصب عليه منجنيق (6)، ومتى نصبناه أخذوه، ولو خرّبنا برجا (7) أو بدنة من يقدر على الدخول إلى هذا البلد وفيه هذا الخلق الكثير؟ "
(1) الأصل: " فنحن على هذا القول "، وما هنا صيغة (ابن الأثير، ج 11، ص 182) وهو المرجع الذى ينقل عنه المؤلف هنا.
(2)
ما بين الحاصرتين عن س.
(3)
في الأصل: " باريناه "، وفى س (77 أ):" فارقناه "، وما هنا عن ابن الأثير.
(4)
س: " العمادية ".
(5)
هذا اللفظ غير موجود في س.
(6)
الأصل: " منجنيقا ".
(7)
في الأصل المنقول عنه وهو (ابن الأثير: الكامل، ج 11، ص 183): " وبدنة ".