الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الدليل السادس:
تناقض قول من يشترط أن يكون الخف ساتراً لما يجب غسله خالياً من الخروق يدل على ضعف الشرط، فبعضهم يقول: لا يجوز، ولو كان الخرق بمقدار رأس المخراز، وبعضهم يمنع ظهور ثلاثة أصابع، ولا يمنع مادونها، وبعضهم يحده بالثلث، وبعضهم يوجب غسل ما ظهر، ومسح الباقي، فهذا الاختلاف دليل على أن الأمر ليس من عند الله، {ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافاً كثيراً}
(1)
فالتحديد بمقدار معين لابد فيه من توقيف شرعي، فإنه لا يبدو فرق بين الأصبعين والثلاثة، ولا ما بين الثلث وما دون الثلث بقليل.
الدليل السابع:
إذا كان المسح على الخفين إنما شرع لمشقة نزعهما، فلا فرق في ذلك بين الخف الذي فيه خرق، وبين الخف الذي لا خرق فيه، فالمشقة موجودة فيهما.
الدليل الثامن:
قالوا: إذا كان لبس الخف المخرق محرماً على المُحْرِم، ويسمى خفاً، فلما لم يخرجه خرقه عن مسمى الخف لم يمنع من المسح عليه لبقاء اسم الخف عليه.
دليل القائلين بالتفريق بين اليسير والكثير
.
قالوا: إن الخف قلما يخلو من فتوق وخروق، حتى ولو كان جديداً
(1)
النساء، آية:82.
فأثار الزرور والآثافي خرق فيه، ولهذا يدخله التراب، فجعلنا القليل عفواً لهذا. فأما إذا كان الخرق كبيراً فلا يجوز المسح عليه، وقدرنا القليل بما دون ثلاثة أصابع؛ لأنه إذا ظهر ثلاثة أصابع ظهر أكثر الأصابع، وللأكثر حكم الكل
(1)
.
والدليل على أن القليل معفو عنه أن جماهير أهل العلم كانوا يعفون عن ظهور يسير العورة، وعن يسير النجاسة التي يشق الاحتراز منها، فالخرق اليسير في الخف من باب أولى.
قال ابن تيمية: " كان أحدهم - يعني الصحابة - يصلي في الثوب الضيق، حتى إنهم كانوا إذا سجدوا تقلص الثوب فظهر بعض العورة، وكان النساء نهين عن أن يرفعن رؤوسهن حتى يرفع الرجال رؤوسهم، لئلا يرين عورات الرجال من ضيق الأزر، مع أن ستر العورة واجب في الصلاة وخارج الصلاة بخلاف ستر الرجلين في الخف.
وأما دليل المالكية بتقدير القليل بما دون الثلث، واعتبار الثلث فما فوق من الكثير، فلعلهم يستدلون بما جاء في حديث سعد بن أبي وقاص في الصحيحين،
(56)
قال البخاري: حدثنا عبد الله بن يوسف، أخبرنا مالك، عن ابن شهاب، عن عامر بن سعد بن أبي وقاص،
عن أبيه رضي الله تعالى عنه، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعودني عام حجة الوداع من وجع اشتد بي، فقلت: إني قد بلغ بي من الوجع، وأنا ذو مال، ولا يرثني إلا ابنة أفأتصدق بثلثي مالي؟ قال: لا. فقلت:
(1)
انظر المبسوط (1/ 100).