الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقيل: يجمع بين المسح والتيمم، وهو قول الشافعي في الأم، وعليه جمهور أصحابه
(1)
.
وقيل: لا يشرع المسح، واختلف القائلون به.
فقيل: يسقط المسح إلى غير بدل، وهو اختيار ابن حزم
(2)
.
وقيل: بل يكفيه التيمم، ولا يمسح، وهو قول للشافعية، ونسبه النووي إلى الحناطي وصاحب العدة، واختاره القاضي أبو الطيب
(3)
.
دليل القائلين بجواز المسح على الجبيرة
.
الدليل الأول:
(171)
ما رواه أبو داود، قال: حدثنا موسى بن عبد الرحمن الأنطاكي، حدثنا محمد بن سلمة، عن الزبير بن خريق، عن عطاء،
عن جابر، قال: خرجنا في سفر، فأصاب رجلاً منا حجر فشجه في رأسه، ثم احتلم، فسأل أصحابه، فقال: هل تجدون لي رخصة في التيمم؟ فقالوا: ما نجد لك رخصة، وأنت تقدر على الماء، فاغتسل، فمات، فلما قدمنا على النبي صلى الله عليه وسلم أخبر بذلك، فقال: قتلوه قتلهم الله، ألا سألوا إذ لم يعلموا؛ فإنما شفاء العي السؤال، إنما كان يكفيه أن يتيمم ويعصر أو يعصب ـ شك موسى ـ على جرحه خرقة، ثم يمسح عليها، ويغسل سائر جسده
(4)
.
(1)
المجموع (2/ 367).
(2)
المحلى (1/ 316).
(3)
المجموع (1/ 367).
(4)
سنن أبي داود (336).
[إسناده ضعيف، وزيادة ويعصر أو يعصب ثم يمسح عليها زيادة منكرة]
(1)
.
(1)
في إسناده الزبير بن خريق.
ذكره ابن أبي حاتم، وسكت عليه. الجرح والتعديل (3/ 580).
ونسب الحافظ ابن حجر إلى أبي داود أنه قال في سننه: ليس بالقوي. تهذيب التهذيب (3/ 271). ولم أقف عليه في المطبوع، فلعله نسخة.
وقال الدارقطني: ليس بالقوي. المرجع السابق، والكاشف (1619).
وذكره ابن حبان في الثقات. (4/ 262)، وفي التقريب: لين الحديث.
[تخريج الحديث]
الحديث أخرجه الدارقطني (1/ 189ـ190) من طريق موسى بن عبد الرحمن، نا محمد ابن سلمة به.
وأخرجه البيهقي (1/ 227) والبغوي في شرح السنة (2/ 120) من طريق أبي داود به.
واختلف على عطاء فيه، فرواه الزبير بن خريق، عن عطاء، عن جابر كما سلف.
ورواه الأوزاعي، عن عطاء، عن ابن عباس، وليس فيه ذكر التيمم مع المسح على الجبيرة، فتكون زيادة جمع التيمم مع المسح على الجبيرة زيادة منكرة، إلا أنه قد اختلف فيه على الأوزاعي:
فرواه أبو مغيرة كما عند أحمد (1/ 330) والدارمي (752) والدارقطني (1/ 192) ويحيى بن عبد الله كما عند الدارقطني (1/ 192).
ومحمد بن شعيب كما عند أبي داود (337).
والوليد بن مزيد، كما عند الدارقطني (1/ 192)، والبيهقي (1/ 227) أربعتهم عن الأوزاعي، بلغني عن عطاء أنه سمع ابن عباس يخبر أن رجلاً أصابه جرح في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أصابه احتلام، فأمر بالاغتسال، فمات، فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فقال: قتلوه قتلهم الله، ألم يكن شفاء العي السؤال. هذا لفظ أحمد.
زاد أبو المغيرة كما عند الدارمي، والوليد بن مزيد كما عند الدارقطني والبيهقي قال =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= عطاء: فبلغنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن ذلك، فقال: لو غسل جسده، وترك رأسه، حيث أصابه الجرح.
وهذه الزيادة مرسلة، وليس فيها إلا ترك موضع الجرح إلى غير بدل من مسح أو تيمم. والحديث كله عن ابن عباس ليس فيه المسح على الجبيرة.
وأخرجه عبد الرزاق (867) ومن طريقه الدارقطني (1/ 191) عن الأوزاعي، عن رجل، عن عطاء، بنحو الرواية السابقة، وذكر الزيادة المرسلة عن عطاء.
وأخرجه الطبراني (11472) عن إسحاق بن إبراهيم الدبري، عن عبد الرزاق، عن الأوزاعي، سمعته منه، أو أخبرته عن عطاء به، وقال في آخره:" ألا يمموه ".
فهنا عبد الرزاق تارة يرويه عن الأوزاعي، عن رجل، عن عطاء.
وتارة يرويه بالشك، سمعته أو أخبرته عن عطاء.
وقال بعضهم، عن الأوزاعي، عن عطاء، أخرجه الدارقطني (1/ 191) من طريق أيوب بن سويد، وأبو نعيم في الحلية (3/ 317،318) من طريق محمد بن كثير، كلاهما عن الأوزاعي، عن عطاء بن أبي رباح به.
وأخرجه أبو يعلى (2420)، والدارقطني (1/ 190)، والحاكم (1/ 178) من طريق الهقل بن زياد، قال: سمعت الأوزاعي، قال: قال عطاء: قال ابن عباس.
وهذه الروايات لا تعارض من رواه عن الأوزاعي، قال: بلغني عن عطاء، وذلك لأن الأوزاعي لم يصرح بالتحديث فيها.
وقد أخرجه الحاكم (1/ 178) من طريق بشر بن بكر، حدثني الأوزاعي، حدثنا عطاء بن أبي رباح أنه سمع عبد الله بن عباس، وساق في آخره مرسل عطاء.
وضعف الحاكم رواية بشر، حيث قال: وقد رواه الهقل بن زياد، وهو من أثبت أصحاب الأوزاعي، ولم يذكر سماع الأوزاعي عن عطاء.
قلت: قد جاء في التهذيب: قال مسلمة بن صلة، عن بشر بن بكر: روى عن الأوزاعي أشياء انفرد بها، وهو لا بأس به إن شاء الله اهـ.
فالتصريح بالتحديث في روايته شاذة، فالراجح في رواية الأوزاعي أنها منقطعة.
وقد رواه عبد الحميد بن حبيب بن أبي العشرين، عن الأوزاعي، واختلف على =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= عبد الحميد فيه:
فجاء في العلل لابن أبي حاتم (1/ 37) عن أبي حاتم وأبي زرعة قالا: روى هذا الحديث ابن أبي العشرين، عن الأوزاعي، عن إسماعيل بن مسلم، عن عطاء، عن ابن عباس، وأفسد الحديث. اهـ
فقولهما: وأفسد الحديث: أي بين أن الواسطة بين الأوزاعي وعطاء هذا الرجل الضعيف، وهو إسماعيل بن مسلم المكي.
وقد رواه ابن ماجه (572) حدثنا هشام بن عمار، ثنا عبد الحميد بن حبيب بن أبي العشرين، ثنا الأوزاعي، عن عطاء بن أبي رباح به، ولم يذكر إسماعيل بن مسلم. وطريق الأوزاعي وإن كان ضعيفاً إلا أنه تابعه الوليد بن عبيد الله بن أبي رباح، وزاد فيه ذكر التيمم، ولم يذكر الأوزاعي فيه التيمم، رواه ابن الجارود في المنتقى (128) قال: حدثنا محمد بن يحيى، ومن طريق محمد بن يحيى أخرجه ابن خزيمة (273) وابن حبان (1314) قال: ثنا عمر بن حفص بن غياث، قال: ثنا أبي، قال: أنبأني الوليد بن عبيد الله بن أبي رباح، أن عطاء حدثه عن ابن عباس رضي الله عنهما، أن رجلاً أجنب في شتاء، فسأل، فأمر بالغسل، فاغتسل، فمات، فذكر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم، فقال: ما لهم قتلوه، قتلهم الله ثلاثاً، قد جعل الله الصعيد أو التيمم طهوراً، شك ابن عباس، ثم أثبته بعد.
والوليد بن عبيد الله ضعفه الدارقطني، ووثقه يحيى بن معين، وأخرج له ابن خزيمة وابن حبان في صحيحهما. انظر الجرح والتعديل (9/ 9)، ولسان الميزان (6/ 223).
وليس في هذا الطريق المسح على الجبيرة، فلا يكون فيه دليل للمسح على الجبيرة.
تلخص من هذه الروايات ما يلي:
أولاً: الحديث من مسند جابر منكر، فالمعروف أن الحديث من مسند ابن عباس.
ثانياً: المسح على الجبيرة بقوله: " يعصر أو يعصب على جرحه خرقة، ثم يمسح عليها، ويغسل سائر جسده .. " زيادة منكرة، تفرد بها الزبير بن خريق، وهو ضعيف.
ثالثاً: هذا الحديث أعني حديث جابر، الذي استدلوا به، هم لا يقولون بدلالته، فإن الحديث جمع بين المسح والتيمم، وهم لا يرون مشروعية الجمع بينهما، بل يقولون: المشروع: هو المسح فقط. =