الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
نية فعدم توقف طهارة الحدث على النية أولى؛ وإنما قلنا إن طهارة الخبث أولى؛ لأن سببها وموجبها أمر حسي، وخبث مشاهد؛ ولأنه لا بدل لها من التراب، فقد ظهرت قوتها حساً وشرعاً.
وأجيب:
هناك فرق بين طهارة الحدث، وطهارة الخبث، فالأولى من باب فعل المأمور، ولم يكن الموجب لها نجاسة حسية، وتخصيصها بالأعضاء الأربعة في الصغرى تعبد، أما طهارة الخبث فالمطلوب التخلي منها، فهي من باب التروك، ولهذا لو صلى ناسياً حدثه أعاد، بخلاف طهارة الخبث، فما كان من باب فعل المأمور وجبت له النية كالصلاة، وما كان من باب التروك لم تجب كالنجاسة وترك الزنا ونحوهما.
الدليل السابع:
قال تعالى: {وأنزلنا من السماء ماء طهوراً}
(1)
. فإذا كان الماء خلق طهوراً، فهذه صفته وطبيعته، كما خلق الماء مروياً، وخلق مبرداً سائلاً، كل ذلك طبعه ووصفه الذي جعل عليه، فكما أنه لا يحتاج إلى النية في حصول الري والتبريد، فكذلك في حصول التطهير، فإذا كان الماء خلق طاهراً، وطاهريته لا تتوقف على نية، فكذلك طهوريته
(2)
.
الدليل الثامن:
المراد من الوضوء النظافة والوضاءة، وقيام العبد بين يدي الرب
(1)
الفرقان، آية:48.
(2)
بدائع الفوائد ـ ابن القيم (3/ 186).
تبارك وتعالى على أكمل أحواله، مستور العورة، متجنباً للنجاسة، نظيف الأعضاء وضيئها، وهذا حاصل باتيانه بهذه الأفعال، نواها أو لم ينوها، يوضحه أن الوضوء غير مراد لنفسه، بل مراد لغيره، والمراد لغيره لا يجب أن ينوى؛ لأنه وسيلة. وإنما تعتبر النية في المراد لنفسه إذ هو المقصود المراد
(1)
. فالراجح قول الجمهور وأن النية شرط في طهارة الحدث، وقياسها على طهارة الخبث لا يصح، ونية الوضوء كافية، ولا يحتاج المسح على الخفين إلى نية مستقلة، بل هو داخل في نية الوضوء، كأفعال الصلاة، فالصلاة لا بد لها من نية، وأفعال الركوع والسجود لا يحتاجان إلى نية خاصة، بل هما داخلان في نية الصلاة، ومثله أفعال الحج، والله أعلم.
(1)
بدائع الفوائد (3/ 178).