الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
جوربين منعلين لا يلزم منه أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم فعل كذلك، فلا يدل فعل أنس على تأويل الحديث بما لا يحتمله لفظه
(1)
اهـ.
وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم المسح على النعلين بلا جوربين، فيؤيد هذا أن مسحه على الجورب كان بانفراده، وسوف تأتي أحاديث المسح على النعلين في بحث مستقل إن شاء الله تعالى.
والجلد في أسفل الجورب لا يسمى نعلاً في لغة العرب، حتى يقال: مسح على جوربين منعلين.
الدليل الرابع:
قالوا: إن المسح على الخف على خلاف القياس، فلا يصح إلحاق غيره به إلا إذا كان بطريق الدلالة، وهو أن يكون في معناه، ولا يكون الجورب في معنى الخف إلا إذا كان مجلداً أو منعلاً.
والجواب على هذا:
أننا لم نلحق الجورب بالخف اعتماداً على القياس وحده، بل اعتماداً على ما صح من الأحاديث المرفوعة، وأفعال الصحابة رضي الله عنهم أجمعين ولو لم يأت إلا فعل الصحابة رضي الله عنهم لكفى به دليلاً، فهم أعلم بمراد الله، ومراد رسوله صلى الله عليه وسلم، وهم أهل اللغة، ويعرفون معنى الجورب، ومعنى الخف أكثر من غيرهم، ولذلك قال أنس رضي الله عنه عن الجورب: إنهما خفان، ولكن من صوف.
(1)
الجوهر النقي (1/ 280).
الراجح من هذه الأقوال:
الراجح جواز المسح على الجوربين، واشتراط كونهما صفيقين لا دليل عليه، وسوف يأتي بحث هذا الشرط في مسألة مستقلة في شروط المسح على الخفين إن شاء الله تعالى.
وقد أطلت القول في هذه المسألة مع شدة وضوحها خاصة في بلد مثل بلدي أغلب أهله على مذهب الحنابلة، ويرجع هذا لسببين:
الأول: أن هذا الكتاب كتب لطالب العلم في بلاد المسلمين شرقها وغربها، وليس المخاطب فيه أهل بلدي خاصة.
الثاني: حتى لا يأتي محتج فيقول: إن القول بأنه لا يجوز المسح على الجوربين هو قول الجمهور، فالحق يعرف بدليله، لا بمن قاله، وكم من مسألة فقهية كان فيها قول الجمهور مجانباً للصواب، ولو بحث باحث فقط في مسائل العبادات التي خالف فيها الجمهور الدليل لوقع ذلك في مجلد ضخم، فكيف بمسائل الفقه كلها، نعم احتمال الخطأ على المجتهد الواحد أكثر من احتماله على الجماعة لو كانت المسألة خالية من التقليد، لكن إذا كان كل مذهب له جمهوره الذين لا يتجاوزن قول إمامهم لم تكن الكثرة مظنة الإصابة، والله أعلم.