الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الشرط الخامس
إمكان متابعة المشي على الخف
الشرط الخامس
إمكان متابعة المشي على الخف
(1)
يشترط في الخف حتى يمسح عليه أن يمكن متابعة المشي عليه، وهو مذهب الحنفية
(2)
، والمالكية
(3)
، والشافعية
(4)
، الحنابلة
(5)
.
وقيل: إن ذلك ليس بشرط، وهو وجه في مذهب الشافعية
(6)
.
(1)
قد أغفل كتاب زاد المستقنع، وهو متن حنبلي، يدرسه الشيوخ عندنا، فهل أغفله اكتفاء بقوله:" يثبت بنفسه " باعبتارهما بمعنى واحد، فإن كان كذلك فالذي يظهر لي أنهما شرطان، وليسا شرطاً واحداً، كما فعل ذلك ابن تيمية في شرح العمدة (1/ 250): " فذكر شرط المسح على الخفين قائلاً: أحدها: أن يستر محل الفرض، وهو القدم إلى ما فوق الكعبين.
الثاني: أن يثبت في القدم بنفسه.
الثالث:: أن يمكن متابعة المشي فيه. ففرق ابن تيمية رحمه الله بين الشرطين، ولم يجعلهما شرطاً واحداً، وكذلك صنع صاحب كشاف القناع (1/ 115،116)، والفروع (1/ 158)، وكذلك فرق بينهما من الحنفية صاحب مراقي الفلاح (ص: 53).
وهو الظاهر؛ لأن الشيء قد يثبت بنفسه، ولا يمكن متابعة المشي فيه لضيقه، وقد جعلهما بعض مشايخنا ممن شرح زاد المستقنع جعلهما شرطاً واحداً، وفيه تأمل.
(2)
حاشية ابن عابدين (1/ 263)، تبيين الحقائق (1/ 52)، مراقي الفلاح (ص: 53).
(3)
حاشية الخرشي (1/ 179،180)، مواهب الجليل (1/ 320)، حاشية الدسوقي (1/ 143).
(4)
المجموع (1/ 522)، روضة الطالبين (1/ 126)، مغني المحتاج (1/ 66).
(5)
شرح العمدة (1/ 520)، كشاف القناع (1/ 116)، المبدع (1/ 145).
(6)
قال النووي في المجموع (1/ 528): " لو اتخذ خفاً واسعاً لا يثبت في الرجل إذا مشى فيه، أو ضيقاً جداً بحيث لا يمكن المشي فيه، فوجهان: =
واختلف القائلون بهذا الشرط، هل يقدر إمكان المشي فيه بمسافة معينة أم لا؟
فذهبت الحنفية إلى تقديره بفرسخ، فأكثر
(1)
.
وقالت المالكية: أن يمكن المشي فيه عادة
(2)
.
وقيل: بقدر ما يحتاج إليه المسافر في حوائجه عند الحط والترحال، وهو مذهب الشافعية
(3)
.
= أصحهما: لا يجوز المسح عليه.
والثاني: يجوز؛ لأنه صالح في نفسه بدليل أنه يصلح لغيره، فأما الضيق الذي يتسع بالمشي فيجوز المسح عليه بلا خلاف اهـ.
(1)
انظر العزو إلى مذهب الحنفية.
(2)
الشرح الصغير (1/ 155).
(3)
اختلف كلام أصحاب المذهب الشافعي، فذكر النووي في روضة الطالبين (1/ 126):" بقدر ما يحتاج إليه المسافر في حوائجه عند الحط والترحال ".
وقال النووي في المجموع (1/ 523): " اتفق الأصحاب ونصوص الشافعي رضي الله عنه على أنه يشترط في الخف كونه قوياً يمكن متابعة المشي عليه، قالوا: ومعنى ذلك أن المشي يمكن عليه في مواضع النزول، وعند الحط والترحال، وفي الحوائج التي يتردد فيه في المنزل، وفي المقيم نحو ذلك كما جرت عادة لابسي الخفاف، ولا يشترط إمكان متابعة المشي فراسخ، هكذا صرح به أصحابنا " اهـ.
وقال في مغني المحتاج (1/ 66): " واختلف في قدر المدة المتردد فيها، فضبطه المحاملي بثلاث ليال فصاعداً، ووافقه الأسنوي في التنقيح.
وقال في المهمات: إن المعتمد ما ضبطه به الشيخ أبو حامد بمسافة القصر تقريباً.
وقال ابن النقيب: لو ضبط بمنازل ثلاثة أيام ولياليهن لم يبعد اهـ. ثم قال: والأقرب إلى كلام الأكثرين ما قاله ابن العماد: أن المعتبر التردد فيه بحوائج سفر يوم وليلة للمقيم =
وقيل: يمكن متابعة المشي عليه عرفاً، وهو مذهب الحنابلة
(1)
.
دليل من قال بهذا الشرط.
قالوا: إن الذي تدعو الحاجة إلى مسحه هو الخف الذي يمكن متابعة المشي عليه، فإن كان يسقط من القدم لسعته، فلا يشق نزعه، فيجب غسل القدم.
ثانياً: أن الرخصة وردت في الخف المعتاد، وهو ما يمكن المشي فيه، وما لا يمكن المشي فيه فلا يدخل في الرخصة.
والراجح: أنه ليس بشرط، وأن الذي لا يمكن المشي فيه إن كان لضيقه، فإن كان لا يضره، وكان لا يحتاج للمشي كما لو كان راكباً، أو مقعداً فما المانع من المسح عليه، فهو لا يحتاج إلى المشي حتى نشترط إمكان متابعة المشي عليه، والمسح على الخفاف والجوارب ورد مطلقاً غير مقيد بشيء، فمن وضع قيداً طلب منه الدليل.
وإن كان الخف ضيقاً يضره حرم لبسه فضلاً عن المسح عليه.
قال العدوي من المالكية: " أما انتفاء ضيقه، فليس بشرط فمتى أمكن لبسه مسح، وإلا فلا "
(2)
.
وإن كان لا يمكن متابعة المشي عليه لسعته بحيث إذا مشى خرجت
= ونحوه، وسفر ثلاثة أيام ولياليهن للمسافر سفر قصر؛ لأنه عند انقضاء المدة يجب نزعه، فقوته تعتبر بأن يمكن التردد فيه لذلك. الخ كلامه رحمه الله.
(1)
قال في الروض المربع (1/ 278): " يجوز المسح على خف يمكن متابعة المشي فيه عرفاً " اهـ.
(2)
حاشية العدوي على الخرشي (1/ 179).
قدمه، كما لو كان الخف كبيراً، وقدمه صغير، فإن شده على ساقه بحيث يمكنه المشي عليه، رجعت هذه المسألة إلى المسألة السابقة، وهو اشتراط كونه يثبت بنفسه، وقد بينت الراجح في هذه المسألة، وأنه لا يشترط أن يثبت بنفسه.
قال في التاج والإكليل: " ولا بأس بالمسح على الخفين الواسعين، فإن خرجت رجله من مقدم الخف إلى ساقه بطل مسحه، ووجب عليه غسل رجله، وإن خرج عقبه من مقدمه إلى ساقه فلا شيء عليه إلا أن يخرج جل رجله
(1)
.
وإن كان لا يمكن متابعة المشي عليه لثقله، كخف الحديد الثقيل، فذكر النووي وجهين:
الأول: المنع، وهو الذي قطع به الجمهور.
والثاني: الجواز، واختاره إمام الحرمين والغزالي، قالا: لأن عدم إمكان المشي فيه لضعف اللابس، لا الملبوس، ولا نظر إلى أحوال اللابسين
(2)
.
ومع أن النووي ضعفه إلا أنه هو المختار فيما أرى؛ لأن من منع شيئاً فعليه الدليل، والخف ورد الإذن فيه مطلقاً، ولا تقييد لما أطلقه الله إلا بنص أو إجماع، والله أعلم.
(1)
التاج والإكليل (1/ 469)
(2)
المجموع (1/ 528).