الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
على الخفين ممن لا يختلف عليه فيه إلا عائشة "
(1)
.
قلت: قد اعترفت عائشة على نفسها كما في حديث شريح بن هانئ، عن علي، بأنها ليس عندها علم في المسألة، ولهذا أشارت على شريح بأن يسأل علياً، ولو كان ما قالته عن علم بلغها عن النبي صلى الله عليه وسلم ما ردت شريحاً إلى علي، والاجتهاد في ما يخالف النص غير مقبول، وقد خالفها غيرها من الصحابة.
الدليل الثاني:
(12)
ما رواه أحمد، قال: حدثنا أبو الوليد، حدثنا أبو عوانة، عن عطاء، عن سعيد بن جبير،
عن ابن عباس، قال: قد مسح رسول الله صلى الله عليه وسلم على الخفين، فاسألوا هؤلاء الذين يزعمون أن النبي صلى الله عليه وسلم مسح قبل نزول المائدة، أو بعد المائدة؟ والله ما مسح بعد المائدة، ولأن أمسح على ظهر عابر بالفلاة أحب إلي من أن أمسح عليهما
(2)
.
[إسناده ضعيف]
(3)
.
(1)
الاستذكار (2/ 241).
(2)
المسند (1/ 323).
(3)
فيه عطاء بن السائب، جاء في ترجمته:
قال عبد الرحمن بن أبي حاتم سمعت أبي يقول: إبراهيم بن مهاجر ليس بقوي، هو وحصين بن عبد الرحمن، وعطاء بن السائب قريب بعضهم من بعض، فمحلهم عندنا محل الصدق، يكتب حديثهم، ولا يحتج بحديثهم. قلت لأبي: ما معنى لا يحتج بحديثهم؟.
قال: كانوا أقواماً لا يحفظون، فيحدثون بما لا يحفظون، فيغلطون. ترى في حديثهم =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= اضطراباً ما شئت. الجرح والتعديل (2/ 132).
وعطاء صدوق، لكنه اختلط بآخرة، وقد سمع أبو عوانة من عطاء في الصحة والاختلاط جميعاً، انظر الكواكب النيرات (ص: 328).
وقال أبو طالب عن أحمد بن حنبل: من سمع منه قديماً كان صحيحاً، ومن سمع منه حديثاً لم يكن بشيء، سمع منه قديماً شعبة وسفيان، وسمع منه حديثاً جرير وخالد بن عبد الله وإسماعيل يعنى ابن علية وعلى بن عاصم، فكان يرفع عن سعيد بن جبير أشياء لم يكن يرفعها. الجرح والتعديل (6/ 332).
وقال أبو حاتم: كان عطاء بن السائب محله الصدق قديماً قبل أن يختلط، صالح مستقيم الحديث، ثم بآخرة تغير حفظه، في حديثه تخاليط كثيرة، وقديم السماع من عطاء سفيان وشعبة، وحديث البصريين الذين يحدثون عنه تخاليط كثيرة؛ لأنه قدم عليهم في آخر عمره، وما روى عنه ابن فضيل ففيه غلط واضطراب، رفع أشياء كان يرويه عن التابعين، فرفعه إلى الصحابة. المرجع السابق.
[تخريج الأثر]
الأثر أخرجه الطبراني (12287) من طريق محمد الرقاشي، عن أبي عوانة به.
ورواه خصيف بن عبد الرحمن، واختلف عليه فيه:
فقيل: عن خصيف، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس.
أخرجه الطبراني (12237) من طريق عتاب بن بشير، عن خصيف بن عبد الرحمن، عن سعيد بن جبير به، ولفظه عن ابن عباس قال: قد علمنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد مسح على الخفين، ومسح أصحابه، فهل مسح منذ نزلت سورة المائدة؟
وقيل: عن خصيف، عن مقسم، عن ابن عباس.
أخرجه أحمد (1/ 366) حدثنا عبد الرزاق، أخبرنا ابن جريج. وروح قال: حدثنا ابن جريج، قال: أخبرني خصيف أن مقسماً مولى عبد الله بن الحارث بن نوفل أخبره، أن ابن عباس أخبره، قال:
أنا عند عمر حين سأله سعد وابن عمر عن المسح على الخفين؟ فقضى عمر لسعد، فقال ابن عباس: فقلت: يا سعد قد علمنا أن النبي صلى الله عليه وسلم مسح على خفيه، ولكن أقبل =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= المائدة أم بعدها؟ قال: لا يخبرك أحد أن النبي صلى الله عليه وسلم مسح عليهما بعد ما أنزلت المائدة، فسكت عمر.
وأخرجه الطبراني في الكبير (11140) وفي الأوسط (2931) من طريق عبيد بن عبيدة التمار، عن عثمان بن وساج، عن خصيف، عن مجاهد وعكرمة وسعيد بن جبير، عن ابن عباس.
وفيه: عبيد بن عبيدة، قال ابن حبان: يغرب. الثقات (8/ 431).
وقال الدراقطني: يحدث عن معتمر بغرائب، لم يأت بها غيره. اللسان (4/ 121).
وفيه عثمان بن ساج، قال الحافظ في التقريب: فيه ضعف.
كما أن خصيفاً سيء الحفظ، جاء في ترجمته:
قال أحمد: ضعيف الحديث. الجرح والتعديل (3/ 403).
وقال أبو حاتم: خصيف صالح يخلط، وتكلم في سوء حفظه. المرجع السابق.
قال عبد الله بن أحمد: سألت أبى عن خصيف، فقال: ليس هو بقوي في الحديث، قال: وسمعته مرة أخرى يقول: خصيف ليس بذاك، وسمعت أبى يقول: خصيف شديد الاضطراب في المسند. الضعفاء للعقيلي (2/ 31).
وقال ابن حبان: تركه جماعة من أئمتنا، واحتج به جماعة آخرون، وكان خصيف شيخاً صالحاً فقيهاً عابداً إلا أنه كان يخطىء كثيراً فيما يروي، وينفرد عن المشاهير بما لا يتابع عليه، وهو صدوق في روايته، إلا أن الإنصاف في أمره قبول ما وافق الثقات من الروايات، وترك ما لم يتابع عليه وإن كان له مدخل في الثقات، وهو ممن أستخير الله فيه. المجروحين (1/ 287).
وقال أبو زرعة: ثقة. الجرح والتعديل (3/ 403).
وقال ابن سعد: كان ثقة. الطبقات الكبرى (7/ 482).
وفي التقريب: صدوق سيء الحفظ، خلط بآخرة، ورمي بالإرجاء.
وقد جاء عن خصيف خلاف هذا، فقد روى البزار كما في نصب الراية (1/ 169) من طريق خصيف، عن مقسم، عن ابن عباس، قال: أشهد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مسح على الخفين.
وأجيب:
قد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه مسح على الخفين بعد نزول سورة المائدة، كما في حديث: بال جرير، ثم توضأ، ومسح على خفيه، فقيل: تفعل هذا؟ فقال: نعم، رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم بال، ثم توضأ، ومسح على خفيه، قال الأعمش: قال إبرهيم: كان يعجبهم هذا الحديث؛ لأن إسلام جرير كان بعد نزول المائدة. وقد سبق تخريجه.
وأخرج مسلم: عن بريدة الأسلمي، أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى الصلوات يوم الفتح بوضوء واحد، ومسح على خفيه، فقال له عمر: لقد صنعت اليوم شيئاً لم تكن تصنعه، قال: عمداً صنعته يا عمر
(1)
، ونزول آية المائدة قبل الفتح.
ومسح رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك من حديث المغيرة في الصحيحين، وهي متأخرة، وسبق تخريجه.
ثم لو فرض أن المسح قبل نزول المائدة، فإن آية المائدة ليست معارضة للمسح على الخفين، حتى تكون ناسخة له، بل هي توجب غسل الرجلين إذا لم يكن هناك خفان.
قال الشوكاني في النيل: " واعلم أن في المقام مانعاً من دعوى النسخ لم ينتبه إليه أحد فيما علمت، وهو أن الوضوء ثابت قبل نزول المائدة بالاتفاق، فإن كان المسح على الخفين ثابتاً قبل نزولها فورودها بتقدير أحد الأمرين: أعني الغسل، مع عدم التعرض للآخر، وهو المسح لا يوجب نسخ
(1)
مسلم (277).
المسح على الخفين، لا سيما إذا صح ما قاله البعض من أن قراءة الجر في قوله تعالى في الآية:{وأرجلِكم} مراد بها مسح الخفين، وأما إذا كان المسح غير ثابت قبل نزولها فلا نسخ بالقطع، نعم يمكن أن يقال على التقدير الأول: أن الأمر بالغسل نهي عن ضده، والمسح على الخفين من أضداد الغسل المأمور به، لكن كون الأمر بالشيء نهياً عن ضده محل نزاع واختلاف، وكذلك كون المسح على الخفين ضداً للغسل، وما كان بهذه المثابة حقيق بأن لا يعول عليه، ولا سيما في إبطال مثل هذه السنة التي سطعت أنوار شموسها في سماء الشريعة المطهرة اهـ.
قلت: ما ورد عن ابن عباس من القول بعدم المسح مطلقاً، مع ضعفه، فقد سقت أنه يقول بجوازه في السفر والبرد الشديد، وجاء عنه بجوازه مطلقاً.
(13)
فقد روى ابن أبي شيبة، قال: حدثنا وكيع، عن سفيان، عن الزبير بن عدي، عن عطاء، عن ابن عباس أنه مسح
(1)
.
[وهذا إسناد صحيح]
(2)
.
(1)
المصنف (1/ 165) رقم 1896.
(2)
وأخرجه ابن أبي شيبة (1/ 170) رقم 1951 قال: حدثنا ابن إدريس، عن فطر، قال: قلت لعطاء: إن عكرمة يقول:
قال ابن عباس: سبق الكتاب الخفين، فقال عطاء: كذب عكرمة، أنا رأيت ابن عباس يمسح عليهما اهـ.
وكذب في لغة أهل الحجاز: يعني: أخطأ.
وهذا إسناد حسن، رجاله كلهم ثقات إلا فطر بن خليفة فإنه صدوق رمي بالتشيع =