الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
دليل الجمهور
.
(60)
ما رواه البخاري، قال: حدثنا أبو نعيم، قال: حدثنا زكريا، عن عامر، عن عروة بن المغيرة،
عن أبيه، قال: كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم في سفر، فأهويت لأنزع خفيه، فقال: دعهما؛ فإني أدخلتهما طاهرتين، فمسح عليهما
(1)
.
وجه الدلالة:
قوله: " أدخلتهما طاهرتين " فالجمهور حملوا الطهارة على كمالها؛ لأنه إذا غسل رجله اليمنى، ثم ألبسها الخف، فقد لبس الخف، وهو محدث، ومن شرط المسح لبس الخف، وقد ارتفع حدثه، ولا يكون طاهراً إلا إذا أتم الطهارة، ولذا لا يجوز له أن يصلي، وقد بقي عليه شيء لم يغسله مما يجب غسله.
= الجليل (1/ 320).
وانظر في المذهب الشافعي: الأم (1/ 33)، روضة الطالبين (1/ 124)، المجموع (1/ 540)، نهاية المحتاج (1/ 186،187).
وفي المذهب الحنبلي: جاء في مسائل ابن هانئ (1/ 20): " قلت: فإني توضأت، فغسلت رجلاً واحدة، فأدخلتها الخف، والأخرى غير طاهرة، ثم غسلت الأخرى، ولبست الخف.
فقال لي أبو عبد الله: لا تفعل، كذا قال النبي صلى الله عليه وسلم:" إني أدخلتهما، وهما طاهرتان"، فهذه واحدة طاهرة، والأخرى غير طاهرة، تعيد الوضوء من الرأس إن كان جف
الوضوء " اهـ.
وانظر المحرر (1/ 12)، الإنصاف (1/ 171، 172)، كشاف القناع (1/ 126، 127).
(1)
صحيح البخاري (206) ومسلم (274).
الدليل الثاني:
(61)
ما رواه ابن خزيمة، قال: نا بندار وبشر بن معاذ العقدي ومحمد بن أبان، قالوا: نا عبد الوهاب بن عبد المجيد، نا المهاجر، وهو ابن مخلد أبو مخلد، عن عبد الرحمن بن أبي بكرة،
عن أبيه، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه رخص للمسافر ثلاثة أيام ولياليهن، وللمقيم يوماً وليلةً إذا تطهر، فلبس خفيه، أن يمسح عليهما
(1)
.
[إسناده ضعيف، وكلمة (فلبس) اختلف الرواة في ذكرها]
(2)
.
(1)
صحيح ابن خزيمة (192).
(2)
أما سبب ضعف إسناده، فإن فيه المهاجر بن مخلد، وسبقت ترجمته.
والحديث مداره على عبد الوهاب بن عبد المجيد، عن المهاجر بن مخلد، عن عبد الرحمن بن أبي بكرة، عن أبيه مرفوعاً.
رواه بشر بن معاذ العقدي ومحمد بن أبان كما عند ابن خزيمة (192)، والدارقطني (1/ 204) عن عبد الوهاب به بلفظ:" إذا تطهر فلبس خفيه ".
ورواه الشافعي، واختلف عليه، فرواه عنه الربيع عن عبد الوهاب به، كما في شرح السنة للبغوي (237) بلفظ:" إذا تطهر فلبس خفيه ".
ورواه الشافعي في مسنده (ص: 17) عن عبد الوهاب، بلفظ:" أنه رخص للمسافر أن يمسح على الخفين ثلاثة أيام ولياليهن وللمقيم يوماً وليلة ". وليس فيه الشرط، والتعبير بالفاء.
ورواه جماعة عن عبد الوهاب بلفظ: " إذا تطهر ولبس خفيه " بالواو، فلا يكون فيه دليل للجمهور، منهم:
بشر بن هلال الصواف كما عند ابن ماجه (556).
ومحمد بن المثنى، كما في صحيح ابن حبان (1324)، وسنن الدارقطني (1/ 194).
وأبو الأشعث، والعباس بن يزيد، ومسدد، كما في سنن الدارقطني (1/ 194). =
الدليل الثالث:
(62)
ما رواه عبد الرزاق، قال: عن معمر، عن عاصم بن أبي النجود، عن زر بن حبيش، قال:
أتيت صفوان بن عسال المرادي، فقال: ما حاجتك؟ قال: قلت: جئت أبتغي العلم، قال: فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ما من خارج يخرج من بيته في طلب العلم إلا وضعت له الملائكة أجنحتها رضى بما يصنع. قال: جئتك أسألك عن المسح على الخفين؟ فقال: نعم، كنت في الجيش الذي بعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم فأمرنا أن نمسح على الخفين إذا نحن أدخلناهما على طهور ثلاثاً إذا سافرنا، وليلة إذا أقمنا، ولا نخلعهما من غائط ولا بول، ولا نخلعهما إلا من جنابة. الحديث.
= فهؤلاء خمسة رواة، رووه بلفظ:" لبس خفيه وتطهر ".
والواو لا تفيد ترتيباً كما هو معروف في اللغة.
ورواه بندار باللفظين، تارة بلفظ:" فلبس خفيه " كما عند ابن خزيمة (192) والدارقطني (1/ 204).
وتارة بلفظ: " إذا تطهر ولبس خفيه " كما عند ابن ماجه (556).
ورواه بعضهم بدون اشتراط الطهارة، منهم:
يحيى بن معين، كما في المنتقى لابن الجارود (87).
وزيد بن الحباب، كما في مصنف ابن أبي شيبة (1/ 163).
وعمر بن يزيد السياري، كما في صحيح ابن حبان (1328).
والشافعي في مسنده (ص: 17) وسبق الإشارة إليها. فهؤلاء أربعة رووه عن عبد الوهاب، ولم يذكروا اشتراط الطهارة. وعليه فأكثر الرواة لم يذكروا لفط " إذا تطهر فلبس" وهو موضع الشاهد، على أن إسناده لو ثبت ضعيف كما قدمنا.
[حديث حسن، وزيادة: " إذا أدخلناهما على طهر" شاذة]
(1)
.
(1)
ومن طريق عبد الرزاق أخرجه أحمد (4/ 239،240) والدراقطني (1/ 196،197)، والبيهقي (1/ 281،282).
والحديث مداره على عاصم بن أبي النجود، عن زر بن حبيش، عن صفوان بن عسال.
وزيادة " إذا أدخلناهما على طهر، وذكر التوقيت للمقيم " انفرد بها معمر، رواها عنه عبد الرزاق، وقد اختلف على عبد الرزاق،
فرواه أحمد كما في المسند (4/ 239).
والحسن بن أبي الربيع، كما عند الدارقطني (1/ 196)، والبيهقي (1/ 281،282).
ومحمد بن يحيى، ومحمد بن نافع، كما عند ابن خزيمة (193) ومن طريقه ابن حبان (1325). كلهم رووه عن عبد الرزاق، عن معمر، عن عاصم به، بذكر اشتراط إدخالهما على طهر، وتوقيت المسح للمقيم.
ورواه إسحاق بن إبراهيم، عن عبد الرزاق كما عند ابن حبان (1319)، وليس فيه اشتراط إدخالهما على طهر، وزاد فيه التوقيت للمقيم.
وقد رواه جمع كثير من الحفاظ، عن عاصم، ولم يذكروا ما ذكره معمر، من اشتراط إدخالهما على طهر، كما لم يذكروا التوقيت للمقيم، منهم:
الأول: الثوري، عن عاصم.
كما في مصنف عبد الرزاق (792)، وأحمد (4/ 239)، والبيهقي (1/ 118).
الثاني: ابن عيينة، عن عاصم، كما عند عبد الرزاق (795)، وأحمد (4/ 240)، والحميدي في مسنده (881)، وابن أبي شيبة (1/ 162)، والترمذي (3535)، والنسائي (126)، وابن ماجه (478)، والطحاوي (1/ 82)، والبيهقي (1/ 276).
الثالث: همام، عن عاصم.
كما في مسند أبي داود الطيالسي (1166)، ومسند أحمد (4/ 239).
الرابع: شيبان بن عبد الرحمن، كما في سنن البيهقي (1/ 114).
الخامس: أبو خيثمة، كما في سنن النسائي (127)، وسنن البيهقي (1/ 289). =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= السادس: شعبة، كما في مسند أبي داود الطيالسي (1166).
السابع والثامن: حماد بن زيد وحماد بن سلمة، كما في مسند الطيالسي (1166).
التاسع: أبو الأحوص، كما عند الترمذي (96).
العاشر: مالك بن مغول، كما عند النسائي (127).
الحادي عشر: أبو بكر بن عياش، كما عند النسائي (127).
الثاني عشر: مسعر، كما عند البيهقي (1/ 114،115)، إلا أنه قال: من غائط وبول وريح، وذِكْر الريح شاذ في الحديث مخالف لما رواه الجماعة من ذكر النوم، فهؤلاء اثنا عشر حافظاً كلهم اتفقوا على رواية الحديث، ولم يذكروا فيه اشتراط إدخالهما على طهر، ولم يذكروا فيه التوقيت للمقيم، ولا يعني الحكم بشذوذها في هذا الحديث ألا يكون اللفظ ثابتاً من حديث آخر، فهذا بحث آخر، المهم أن حديث عاصم ليس فيه ما زاده معمر، وهؤلاء الواحد منهم مقدم على معمر في روايته عن عاصم، فكيف وقد اجتمعوا، وقد قال الحافظ في التقريب بأن رواية معمر، عن عاصم فيها شيء، حيث قال: ثقة ثبت، إلا أن في روايته عن ثابت، والأعمش وعاصم بن أبي النجود، وهشام بن عروة شيئاً، وكذا فيما حدث به بالبصرة اهـ.
وقد تابع معمراً أبو الغريف، قال ابن عبد الهادي في التنقيح (1/ 527): " وقد روى أبو يعلى الموصلي، ثنا إسحاق بن أبي إسرائيل، ثنا أبو إسامة، حدثني أبو روق، عن عطية ابن الحارث الهمداني، حدثني أبو الغريف، عن صفوان بن عسال، قال: بعثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم سرية، وقال: سيروا باسم الله، قاتلوا أعداء الله، ولا تغلوا، ولا تغدروا، ولا تمثلوا،
ولا تقتلوا وليداً، وليمسح أحدكم إذا كان مسافراً إذا أدخل رجليه، وهما طاهرتان، ثلاثة أيام ولياليها، وإن كان مقيماً فيوم وليلة. اهـ ولم أجد مسند صفوان بن عسال في مسند أبي يعلى المطبوع، فلعله رواه في كتاب آخر.
وهذا إسناد ضعيف، وقد اختلف على أبي إسامة، فرواه عنه إسحاق بن أبي إسرائيل كما سبق، ويوسف بن موسى، وحوثرة بن محمد، كما في سنن البيهقي (1/ 282)، ثلاثتهم رووه عن أبي أسامة به، بذكر اشتراط إدخالهما، وهما طاهرتان.
ورواه هارون بن عبد الله، كما في سننن النسائي الكبرى (8837). =
وجه الاستدلال من الحديث قوله: " إذا نحن أدخلناهما على طهور" فكلمة طهور أبلغ في الدلالة من قوله: " فإني أدخلتهما طاهرتين " لأنه هنا قد ينازع منازع، فيقول: إني لم أدخل اليمنى إلا وهي طاهرة: أي قد غسلتها بالماء، فيصدق عليه أني أدخلتها وهي طاهرة، ولو كان قبل غسل اليسرى، لكن قوله:" على طهور ": أي وأنا طاهر، والمتوضئ لا يقال له: على طهور إلا إذا أكمل الطهارة، ولهذا قال ابن خزيمة: ذكرت للمزني خبر عبد الرزاق هذا، فقال: حدثه به أصحابنا، فإنه ليس للشافعي حجة
= والحسن بن علي الخلال الحلواني، كما في سنن ابن ماجة (2857).
والحسن بن علي بن عفان العامري، كما في سنن البيهقي (1/ 276).
ثلاثتهم رووه عن أبي أسامة به، بدون ذكر المسح على الخفين.
ورواه أحمد (4/ 240) والطحاوي (1/ 82) من طريق عبد الواحد بن زياد، ثنا أبو روق به، وذكر فيه التوقيت للمسح على الخفين، ولم يذكر اشتراط إدخالهما على طهر.
لكن رواه أحمد أيضاً (4/ 240) من طريق زهير، عن أبي روق به، بذكر اشتراط إدخالهما على طهر.
فالمعروف من رواية أبي الغريف ليس فيها ذكر اشتراط إدخالهما على طهر.
كما أن إسناد الحديث ضعيف، فيه أبو الغريف، قال ابن أبي حاتم: وسئل أبي عنه، فقال: كان على شرطة علي بن أبي طالب، ليس بالمشهور، قلت: هو أحب إليك أم الحارث الأعور؟ قال: الحارث أشهر، وهذا قد تكلموا فيه، وهو شيخ من نظراء أصبغ بن نباتة اهـ. الجرح والتعديل (5/ 313).
قلت: أصبغ قال فيه الحافظ: متروك رمي بالرفض، والحارث الذي قدمه عليه
أبو حاتم، في التقريب: كذبه الشعبي في رأيه، ورمي بالرفض، وفي حديثه ضعف.
فعلى كل حال، لفظ اشتراط الطهارة ليس بمحفوظ من حديث صفوان بن عسال، والله أعلم.