الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الدليل الثاني:
(71)
ما رواه عبد الرزاق، عن معمر، عن أيوب، قال:
رأيت الحسن بال، ثم توضأ، فمسح على خفيه مسحة واحدة على ظهورهما، قال: فرأيت أثر أصابعه على الخف
(1)
.
[إسناده صحيح]
(2)
.
وجه الاستدلال من الأثرين:
قوله في الأثرين: " فرأيت أثر أصابعه "، والأصابع: اسم جمع، وأقل الجمع الصحيح ثلاثة، فكان هذا تقديراً للمسح ثلاثة أصابع اليد. وقدرناها بأصابع اليد؛ لأنها آلة المسح؛ ولأن الفرض يتأدى بها بيقين؛ لأنها ظاهرة محسوسة، فأما أصابع الرجل فمستترة بالخف، لا يعلم مقداره إلا بالحرز والظن، فكان التقدير بأصابع اليد أولى.
دليل من قال يجب إستيعاب ظاهر الخف
.
استدلوا بالأحاديث الدالة على مسح ظاهر الخف، فإنها نصت على مسح الظاهر، ولو كان المقصود أكثر الظاهر أو بعضه لنقل. منها:
(1)
المصنف (851).
(2)
ورواه ابن أبي شيبة (1/ 166)، قال: حدثنا فضيل بن عياض، عن هشام، عن الحسن، قال: المسح على الخفين خطاً بالأصابع.
وهذا إسناد رجاله ثقات، إلا أن رواية هشام عن الحسن فيها كلام، قيل: إنه كان يرسل عنه.
ومن طريق فضيل بن عياض أخرجه الدارقطني (1/ 195) إلا أنه قال: خطط بالأصابع.
(72)
ما رواه أبو داود، قال: حدثنا محمد بن رافع، ثنا يحيى بن آدم، قال: ثنا يزيد بن عبد العزيز، عن الأعمش، عن أبي إسحاق، عن عبد خير،
عن على رضي الله تعالى عنه قال: ما كنت أرى باطن القدمين إلا أحق بالغسل حتى رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يمسح على ظهر خفيه
(1)
.
[رجاله ثقات]
(2)
.
(1)
سنن أبي داود (163).
(2)
مدار هذا الحديث على عبد خير، عن علي مرفوعاً، ورواه عن عبد خير ثلاثة: أبو إسحاق السبيعي، وأبو السوداء عمرو بن عمران النهدي، والسدي.
أما رواية أبي إسحاق السبيعي، فرواه عنه الأعمش، واختلف عليه:
فرواه وكيع، وعيسى بن يونس، عن الأعمش به، لا يختلفون في لفظه، ولا يذكرون المسح على الخفين، ولفظه:" كنت أرى أن باطن القدمين أحق بالمسح من ظاهرهما، حتى رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يمسح على ظاهرهما ".
ورواه حفص بن غياث، عن الأعمش به، تارة بالمسح على القدمين، وتارة بالمسح على الخفين.
ورواه يزيد بن عبد العزيز، عن الأعمش، بذكر المسح على الخفين، ولم يختلف عليه فيه، ولذا اخترتها أن تكون في المتن.
وكان ممكن أن يكون هذا الاختلاف من قبل الأعمش؛ فإن روايته عن أبي إسحاق فيها كلام، لكن جاء المسح على القدمين من غير طريق الأعمش، فرواه الثوري، عن أبي إسحاق به بلفظ:" لولا أني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يمسح على ظاهر القدمين لرأيت أن أسفلهما أو باطنهما أحق ".
كما رواه إبراهيم بن طهمان، عن أبي إسحاق بذكر المسح على القدمين، لا على الخفين.
فالثوري وإبراهيم بن طهمان يرويانه عن أبي إسحاق بذكر المسح على ظاهر القدمين لا يختلف عليهما فيه، ولم يتعرضا لذكر الخفين. =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= ورواه أبو نعيم عن يونس، عن أبي إسحاق، واختلف على أبي نعيم فيه:
فرواه شعيب بن أيوب، عن أبي نعيم، به بذكر المسح على القدمين، لا على الخفين.
ورواه أحمد، عن أبي نعيم به، فخالف من سبق، وانفرد عنهم بذكر النعلين، ولفظه: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم توضأ، ومسح على النعلين، ثم قال: لولا أني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فعل كما رأيتموني فعلت، لرأيت أن باطن القدمين أحق بالمسح من ظاهرهما ".
هذا فيما يتعلق برواية أبي إسحاق، ولا يمكن أن يقال: إن هذا جاء من تغير أبي إسحاق، لأن من الرواة عنه سفيان الثوري، وهو من أصحابه القدماء.
أما رواية أبي السوادء، عن عبد خير، عن علي، فذكرت مسح القدم، لا مسح الخف، فخرج أبو إسحاق من عهدته بهذه المتابعة، إلا أنه ذكر غسل الظاهر، ولم يذكر مسح الظاهر، ومعلوم أنه لو كان الأمر يتعلق بالخف لذكر المسح؛ لأنه لم يقل أحد أنه يغسل ظاهر الخف إلا أن يحكم بشذوذ هذه اللفظة، وهو أقرب، قال: توضأ علي، فغسل ظاهر قدميه، وقال: لولا أني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يغسل ظهور قدميه، لظننت أن بطونهما أحق. وسنده صحيح.
وأما رواية السدي، عن عبد خير، فجاءت من طريق شريك، عن السدي به، واختلف على شريك فيه، فرواه محمد بن سعيد الأصبهاني، عن شريك بذكر مسح القدم، وليس مسح الخف.
ورواه إسحاق بن يوسف، عن شريك به، بمثله إلا أنه زاد:" هذا وضوء من لم يحدث "، وهذه الزيادة ليست محفوظة من هذا الحديث، لكنها محفوظة من حديث آخر، ولعله اختلط الحديثان على شريك بن عبد الله، وهو سيء الحفظ.
هذا ملخص الاختلاف في متن الحديث، فإما أن يقال: إنه يوجب الاضطراب، والمضطرب ضعيف.
أو يحمل من قال: بالمسح على ظاهر القدمين بالمسح عليه، وفيه الخف، وهذا أرجح، ولذلك جاء في بعضها الجمع بين المسح على ظاهر القدم، مع ذكر الخف مما يوحي بأن المراد بظاهر القدم هو ظاهر الخف، فقد جاء في رواية إبراهيم بن طهمان عن أبي إسحاق: =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= " كنت أرى أن باطن القدمين أحق بالمسح من ظاهرهما حتى رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم توضأ ومسح على ظهر قدميه على خفيه "
فتبين أن مراده من قوله: " ظاهر القدمين " أنه يريد ظاهر الخفين كما صرح به في آخر الحديث.
وقال الدارقطني في العلل (4/ 46): " والصحيح في ذلك قول من قال: كنت أرى باطن الخفين أحق بالمسح من أعلاهما "، وكذا رجح البيهقي في السنن (1/ 292).
قلت: وينبغي أن يحكم بشذوذ ذكر الغسل لظهور القدمين، وزيادة النعلين في هذا الحديث خاصة، ولا يعني أن المسح على النعلين ليس محفوظاً من حديث آخر، هذا ملخص ألفاظ هذا الحديث في الجملة، وإليك تخريجها من كتب السنة:
الحديث رواه ابن أبي شيبة (1/ 25) رقم 183 في باب المسح على القدمين، قال: حدثنا وكيع، عن الأعمش، عن أبي إسحاق، عن عبد خير، عن علي قال: لو كان الدين برأي كان باطن القدمين أحق بالمسح على ظاهرهما ولكن رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم مسح ظاهرهما ".
وهذا يعني أن ابن أبي شيبة فهم من الحديث مسح القدمين من غير خفين؛ لأنه خرجه في باب من يرى مسح القدمين يعني بلا غسل، ثم أعقبه في باب غسل القدمين.
وأخرجه عبد الله بن أحمد في زوائده على المسند (1/ 114) حدثنا إسحاق بن إسماعيل، حدثنا وكيع به.
وقد اختلف على الأعمش في متنه، فرواه وكيع كما سبق، وتابعه عيسى بن يونس كما في سنن النسائي الكبرى (119)، أخبرنا إسحاق بن إبراهيم، قال: أنبأنا عيسى بن يونس، عن الأعمش به.
فاتفق وكيع وعيسى بن يونس في روايتهما عن الأعمش، بأن المسح يتعلق بالقدم، وليس فيه ذكر الخف.
ورواه حفص، عن الأعمش، واختلف على حفص فيه:
فرواه ابن أبي شيبة (1/ 165) رقم 1895، قال: حدثنا حفص، عن الأعمش، به بلفظ: " لو كان الدين بالرأي كان باطن القدمين أولى وأحق بالمسح من ظاهرهما، =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= ولكني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم مسح ظاهرهما.
وخالف ابْنَ أبي شيبة كلُ من أبي هشام الرفاعي، وإبراهيم بن زياد (سبلان)، ومحمد بن العلاء، كلهم رووه عن حفص، عن الأعمش، بذكر المسح على الخفين، وهاك ألفاظها:
فرواه أبو داود (164) حدثنا محمد بن العلاء، قال: حدثنا حفص به، بلفظ:" لو كان الدين بالرأي لكان أسفل الخف أولى بالمسح من أعلاه، ولقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يمسح على ظاهر خفيه. لكن رواه أبو داود (164) عن محمد بن العلاء به، بدون ذكر المسح على الخفين، بلفظ: " لو كان الدين بالرأي لكان باطن القدمين أحق بالمسح من ظاهرهما، حتى رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يمسح ظاهرهما.
ورواه الدارقطني (1/ 199) من طريق أبي هشام الرفاعي، وإبراهيم بن زياد (سبلان) وسفيان بن وكيع، ثلاثتهم عن حفص به، بذكر المسح على الخفين.
وأخرجه البيهقي (1/ 292) من طريق إبراهيم بن زياد به.
ورواه يزيد بن عبد العزيز، عن الأعمش، بذكر المسح على الخفين كما في سنن أبي داود (163)، انظر سنده في حديث الباب (ما كنت أرى أن باطن القدمين إلا أحق بالغسل حتى رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يمسح على ظهر خفيه).
ورواه الدارقطني في العلل (4/ 74) حدثنا محمد بن مخلد، قال: ثنا أحمد بن عبد الله الحداد، قال: ثنا خلف بن سالم، ثنا إسحاق بن يوسف، عن سفيان، عن أبي إسحاق، عن عبد خير،
عن علي، قال: لولا أني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يمسح على ظاهر القدمين لرأيت أن أسفلهما وباطنهما أحق ".
- فشيخ الدارقطني محمد بن مخلد، ثقة، انظر تاريخ بغداد (3/ 310)، والسير (15/ 256).
- وأحمد بن عبد الله الحداد ثقة، انظر تاريخ بغداد (4/ 217).
- وباقي رجال الإسناد إلى أبي إسحاق كلهم ثقات.
كما رواه إبراهيم بن طهمان، عن أبي إسحاق به، بلفظ: " كنت أرى أن باطن =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= القدمين أحق بالمسح من ظاهرهما حتى رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم توضأ، ومسح على ظهر قدميه على خفيه، أخرجه البيهقي (1/ 292) قال: أخبرنا أبو عبد الله الحافظ، أنا أبو الطيب محمد بن عبد الله الشعري، ثنا محمش بن عصام، ثنا حفص بن عبد الله، حدثني إبراهيم بن طهمان به.
ورواه أبو نعيم، عن يونس، عن أبي إسحاق، واختلف على أبي نعيم:
فرواه البيهقي (1/ 292) من طريق شعيب بن أيوب، ثنا أبو نعيم به، بلفظ: رأيت علياً توضأ، ومسح، ثم قال: لولا أني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يمسح على ظهر القدمين لرأيت أن أسفلهما أو باطنهما أحق بذلك.
ورواه أحمد (1/ 148) حدثنا أبو نعيم به، بلفظ: " رأيت علياً توضأ، ومسح على النعلين، ثم قال: لولا أني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فعل كما رأيتموني فعلت لرأيت أن باطن القدمين أحق بالمسح من ظاهرهما.
فجعل المسح على النعلين، لا على ظاهر القدمين، ولا على الخفين، وهذا اللفظ بذكر النعلين لا أعلم أحداً تابع فيه أبا نعيم، فهي رواية شاذة، والله أعلم.
ورواه غير أبي إسحاق عن عبد خير، ولم يذكر الخفين، فخرج أبو إسحاق من العهدة، فقد رواه عبد الرزاق في المصنف (57) عن ابن عيينة، عن أبي السوداء، قال: سمعت ابن عبد خير يحدث عن أبيه، قال: رأيت علياً يتوضأ، فجعل يغسل ظهر قدميه، وقال: لولا أني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يغسل ظهر قدميه لرأيت باطن القدمين أحق بالغسل من ظاهرهما.
وأخرجه الحميدي (47) عن سفيان به.
وأخرجه عبد الله بن أحمد في زوائد المسند (1/ 114) حدثنا إسحاق بن إسماعيل، حدثنا سفيان به.
ورواه النسائي في السنن الكبرى (120) أنبا إسحاق بن إبراهيم، أنبا سفيان به.
وهذا اللفظ شاذ أيضاً؛ لأنه ذكر غسل ظاهر القدمين، ومعلوم أنه لو كان الحديث عن الغسل، لما كان هناك فرق بين ظاهر القدم وباطنه، ولكن الحديث عن المسح، ولم يذكر الغسل إلا في هذا الطريق، فهو شاذ، والله أعلم. =