الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الدليل السادس:
الآثار الموقوفة على الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين، وهي وإن كانت موقوفة إلا أن لها حكم الرفع، وذلك لأن القول بالتوقيت لا يمكن
أن يقال بمحض الرأي، فلا بد أن يكون القائل بذلك وقف عليه من الشرع، فما الفرق بين أربع وعشرين ساعة، وخمس وعشرين ساعة للمقيم لولا
أن ذلك متلقى من الشرع، ومثله يقال في حق المسافر، وإليك هذه
الآثار:
الأثر الأول: عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه.
(106)
رواه عبد الرزاق، عن عبد الله بن المبارك، قال: حدثني عاصم بن سليمان،
عن أبي عثمان النهدي، قال: حضرت سعداً وابن عمر يختصمان إلى عمر في المسح على الخفين، فقال عمر: يمسح عليهما إلى مثل ساعته من يومه وليلته
(1)
.
= حسن، مداره على عاصم بن أبي النجود، وهو حسن الحديث، فإذا كان حديث صفوان حديثاً حسناً، فحديث أبي بكرة أقل منه درجة، فيكون ضعيفاً. والله أعلم.
[تخريج الحديث]
الحديث أخرجه الشافعي في مسنده (ص: 17) ومن طريق الشافعي أخرجه البغوي في شرح السنة (237) عن عبد الوهاب به.
وأخرجه ابن ماجه (556) قال: حدثنا محمد بن بشار وبشر بن هلال الصواف، قالا: ثنا عبد الوهاب بن عبد المجيد به.
وأخرجه ابن الجارود في المنتقى (87) قال: من طريق يحيى بن معين، قال: حدثنا عبد الوهاب به.
وأخرجه الدارقطني (1/ 194) من طريق محمد بن المثنى، وأبي الأشعث، والعباس بن يزيد ومسدد أربعتهم، عن عبد الوهاب الثقفي به.
وأخرجه ابن خزيمة (1/ 96) من طريق بندار وبشر بن معاذ العقدي ومحمد بن أبان، قالوا: نا عبد الوهاب بن عبد المجيد به.
وأخرجه ابن الجوزي في التحقيق (1/ 211) من طريق ابن خزيمة، حدثنا بندار وحده به.
وأخرجه ابن حبان (1324) من طريق محمد بن المثنى حدثنا عبد الوهاب الثقفي به.
وأخرجه أيضاً (1328) من طريق عمر بن يزيد السياري، حدثنا عبد الوهاب الثقفي به.
وأخرجه البيهقي (1/ 276) من طريق زيد بن الحباب، عن عبد الوهاب الثقفي به.
وأخرجه البيهقي (1/ 281) من طريق محمد بن أبي بكر، ثنا عبد الوهاب به.
وأخرجه ابن عبد البر في التمهيد (11/ 154،155) من طريق بندار وابن المثنى، قالا: حدثنا عبد الوهاب به.
ورواه ابن عبد البر في التمهيد أيضاً (11/ 155) من طريق علي بن المديني، قال: حدثنا عبد الوهاب به.
قال ابن عبد البر: قال أبو يحيى الساجي: مهاجر أبو مخلد هذا صدوق ومعروف، وليس قول من قال فيه مجهول بشيء، روى عنه أيوب السختياني وعوف الأعرابي وحماد بن زيد وإسماعيل بن علية وعبد الوهاب الثقفي وغيرهم، واحتج به الشافعي في توقيت المسح على الخفين اهـ.
وأخرجه الطحاوي (1/ 82) من طريق إبراهيم بن أبي الوزير، قال: حدثنا عبد الوهاب الثقفي به.
وسبق الكلام على الاختلاف في متنه عند الكلام على شروط المسح على الخفين، في ذكر اشتراط إدخال الخفين على طهارة، والله أعلم.
(1)
المصنف (1/ 209) رقم 808.
[إسناده صحيح]
(1)
.
(1)
رجاله ثقات، وعاصم بن سليمان، هو الأحول.
والأثر أخرجه البيهقي في السنن (1/ 276) من طريق سفيان، عن عاصم به. وأخرجه الطحاوي (1/ 84) من طريق حفص بن غياث، عن عاصم به.
وأخرجه ابن المنذر في الأوسط (1/ 443) من طريق خالد الحذاء، عن أبي عثمان النهدي به. فهذه متابعة من خالد لعاصم.
وقد جاء عن عمر القول بالتوقيت من طرق كثيرة، منها:
الأول: عن ابن عمر، عن عمر.
أخرجه ابن أبي شيبة (1/ 164) حدثنا يزيد بن هارون، عن أبي مالك الأشجعي، عن أبي حازم، عن ابن عمر،
أن عمر بن الخطاب قال في المسح على الخفين: للمسافر ثلاث، وللمقيم يوم إلى الليل. وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات. وأبو حازم هو سلمان الأشجعي الكوفي، وليس سلمة بن دينار، فإن هذا لم يسمع من ابن عمر، بخلاف الأول.
ومنها سويد بن غفلة، عن عمر.
أخرجه الطحاوي (1/ 83) حدثنا ربيع المؤذن، قال: ثنا يحيى بن حسان، قال: حدثنا أبو الأحوص، عن عمران بن مسلم، عن سويد بن غفلة، قال:
قلنا لنابتة الجعفي، وكان أجرأنا على عمر: سله عن المسح على الخفين، فسأله، فقال: للمسافر ثلاثة أيام ولياليهن، وللمقيم يوم وليلة.
فالأثر إسناد رجاله كلهم ثقات، وإنما جعلت الحديث من رواية سويد بن غفلة، عن عمر، لا من رواية نباتة عن عمر؛ لأن نباتة في هذا الإسناد ليس واسطة بين سويد وبين عمر حتى ممكن أن يكون من رواية نباتة عن عمر، وقد جاء عند الطحاوي (1/ 84) عن سويد ابن غفلة قال: أتينا عمر، فسأله نباتة، فهذا صريح في أن السائل والسامع اشتركا في سماعه من عمر
…
قلت ذلك حتى لا يضعف الأثر بنباتة.
ونباتة وثقه العجلي، وقال ابن حزم في المحلى (2/ 91): من أوثق التابعين . وفي =
. . . . . . . . . . . . . . . . . .
= التقريب: مقبول. يعني: إن توبع، وإلا فلين. وحكم الحافظ أدق.
وقد اختلف على أبي الأحوص:
فرواه ابن أبي شيبة (1/ 164) حدثنا أبو الأحوص، عن عمران بن مسلم، قال: قلنا لنباتة الجعفي - وكان أجرأنا على عمر -: سله، فذكر الحديث. فهنا أسقط من الإسناد سويد بن غفلة.
ورواه يحيى بن حسان كما في إسناد الطحاوي المتقدم، عن أبي الأحوص، عن عمران، عن سويد بن غفلة به. وهذا أرجح؛ لأن يحيى بن حسان قد توبع بذكر سويد، تابعه: الثوري وزهير ومالك بن مغول، فقد أخرجه الطحاوي (1/ 83) من طريق مؤمل، قال: ثنا سفيان ثنا عمران بن مسلم، عن سويد بن غفلة به، إلا أنه قال: امسح عليهما يوماً وليلة. ومؤمل صدوق، وسوء حفظه قد زال بالمتابعة.
وأخرجه الطحاوي (1/ 83) من طريق سعيد بن منصور، حدثنا هشيم، أنا مالك بن مغول، عن سويد، قال: أتينا عمر، فسأله نباتة .. وذكر الأثر. وقد صرح هشيم بالتحديث فالإسناد صحيح.
ورواه ابن المنذر في الأوسط (1/ 436) من طريق زهير، ثنا عمران بن مسلم، عن سويد بن غفلة. فهؤلاء ثلاثة ثقات يذكرون في الإسناد سويداً، وهم الثوري، ومالك بن مغول، وزهير.
ورواه حماد، عن إبراهيم، عن الأسود، واختلف على حماد فيه:
فرواه شعبة كما عند الطحاوي (1/ 83) عن حماد، عن إبراهيم، عن الأسود، عن نباتة، عن عمر، بذكر نباتة.
ورواه هشام، عن حماد، واختلف على هشام:
فرواه أبو عامر العقدي كما عند الطحاوي (. . .) عن هشام، عن حماد به، بذكر نباتة.
ورواه مسلم - يعني: ابن إبراهيم - ثنا هشام، ثنا حماد، عن إبراهيم، عن الأسود، عن عمر، فأسقط نباتة. وعلى تقدير ترجيح طريق شعبة حيث لم يختلف عليه، فإن الإسناد حسن؛ لأن نباتة قد توبع، وباقي الإسناد رجالهم كلهم ثقات إلا حماد بن أبي سليمان ففي التقريب: فقيه صدوق له أوهام، والله أعلم.
الأثر الثاني: عن ابن مسعود.
(107)
رواه عبد الرزاق، عن الثوري، عن سلمة بن كهيل، عن إبراهيم، عن الحارث بن سويد،
عن عبد الله بن مسعود، قال: ثلاثة أيام للمسافر، ويوم للمقيم
(1)
.
[إسناده صحيح]
(2)
.
(1)
المصنف (799).
(2)
رجاله كلهم ثقات، وإبراهيم هو التيمي، ومن طريق الثوري أخرجه الطحاوي (1/ 84) والبيهقي (1/ 276).
وأخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (1/ 167) حدثنا ابن مهدي، عن سفيان به. وهذا إسناد صحيح أيضاً.
ورواه ابن أبي شيبة (1/ 165) حدثنا أبو معاوية، عن الأعمش، عن شقيق، عن عمرو بن الحارث، قال: خرجت مع عبد الله إلى المدائن، فمسح على خفيه ثلاثاً
لا ينزعهما. وهذا إسناد صحيح.
وأخرجه البيهقي (1/ 277) من طريق أبي معاوية، عن الأعمش به.
وأخرجه عبد الرزاق (800) عن الثوري، عن الأعمش، عن أبي وائل (شقيق بن سلمة) به.
وأخرجه عبد الرزاق (801) عن إسرائيل، عن عامر بن شقيق، عن شقيق بن سلمة به. فهذه متابعة من عامر بن شقيق للأعمش.
وأخرجه الطحاوي (1/ 84) من طريق مغيرة، عن إبراهيم، عن عمرو بن الحارث به. وهذا سند فيه عنعنة مغيرة، وهو يدلس عن إبراهيم، كما أن إبراهيم لم يسمع من عمرو بن الحارث؛ لأن إبراهيم كان مولده سنة خمسين، وعمرو بن الحارث توفي بعد الخمسين بيسير. وقد قال العجلي عن النخعي: لم يحدث عن أحد من الصحابة، وأدرك جماعة منهم، ورأى عائشة رؤيا، وعلى كل حال فهو صالح في المتابعات، وقد صح من طريق شقيق بن سلمة، عن عمرو. =
الأثر الثالث: عن ابن عباس.
(108)
رواه الطحاوي، قال: حدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا عبد الصمد، قال: ثنا شعبة، عن قتادة، عن موسى بن سلمة، قال:
سألت ابن عباس رضي الله تعالى عنه عن المسح على الخفين، قال: للمسافر ثلاثة أيام ولياليهن، وللمقيم يوم وليلة
(1)
.
[إسناده صحيح]
(2)
.
الأثر الرابع: عن سعد بن أبي وقاص.
(109)
روى ابن أبي شيبة، قال: حدثنا عائذ بن حبيب، عن
= وأخرجه ابن أبي شيبة (1/ 164) حدثنا هشيم، أخبرنا حصين، عن إبراهيم، عن ابن مسعود، أنه كان يقول في المسح على الخفين: ثلاثة أيام ولياليهن للمسافر، ويوم وليلة للمقيم. وهذا إسناد رجاله كلهم ثقات إلا أنه منقطع؛ لأن إبراهيم لم يسمع من ابن مسعود، وعليه فالقول بالتوقيت ثابت عن ابن مسعود رضي الله عنه.
(1)
شرح معاني الآثار (1/ 84).
(2)
عبد الصمد بن عبد الوارث، وإن قيل فيه: صدوق إلا أن الحافظ قال في التقريب: ثبت في شعبة اهـ وقد توبع عبد الصمد، فقد أخرجه ابن أبي شيبة (1/ 166) حدثنا ابن علية، عن ابن أبي عروبة، عن قتادة به.
وأخرجه البيهقي في السنن (1/ 277) من طريق موسى بن خلف العمي، ثنا قتادة به.
وأخرجه عبد الرزاق (802) عن الثوري، عن موسى بن عبيدة، عن محمد بن عمرو بن عطاء، عن ابن عباس.
وأخرجه ابن أبي شيبة (1/ 165) حدثنا وكيع، عن موسى بن عبيدة به. وهذا إسناد رجاله كلهم ثقات إلا موسى بن عبيدة فإنه ضعيف، وعلى كل فهو إسناد صالح في المتابعات، وعليه فالقول ثابت عن ابن عباس بالتوقيت للمقيم والمسافر، وهذا يؤكد رجوع ابن عباس عن القول بإنكار المسح على الخفين كما بينت ذلك في مسألة متقدمة، والله أعلم.