الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقال أيضاً: " أجمعوا على أن كل من أكمل طهارته، ثم لبس الخفين، وأحدث، أن له أن يمسح عليهما
(1)
.
أدلة القائلين بجواز المسح في السفر خاصة
.
الدليل الأول:
(9)
ما رواه مسلم، قال: حدثنا إسحاق بن إبراهيم الحنظلي، أخبرنا عبد الرزاق، أخبرنا الثوري، عن عمرو بن قيس الملائي، عن الحكم بن عتيبة، عن القاسم بن مخيمرة، عن شريح بن هانئ، قال:
أتيت عائشة أسألها عن المسح على الخفين، فقالت: عليك بابن أبي طالب، فسله؛ فإنه كان يسافر مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فسألناه، فقال: جعل رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثة أيام ولياليهن للمسافر، ويوماً وليلة للمقيم
(2)
.
[الحديث روي مرفوعاً وروي موقوفاً، والرفع محفوظ إن شاء الله تعالى]
(3)
.
(1)
الإجماع (ص: 34).
(2)
مسلم (276).
(3)
هذا الإسناد مداره على الحكم بن عتيبة، عن القاسم بن مخيمرة، عن شريح، عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه.
ورواه جماعة عن الحكم مرفوعاً، منهم الأعمش، وعمرو بن قيس، وزيد بن أبي أنيسة.
ورواه شعبة عن الحكم، فكان في بادئ الأمر يرويه مرفوعاً، ثم ترك رفعه فرواه موقوفاً.
وقد رواه عن شعبة مرفوعاً كل من يحيى بن سعيد القطان، ومحمد بن جعفر (غندر) =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= وأبو سعيد مولى بني هاشم، والطيالسي.
ورواه أبو إسحاق السبيعي، عن القاسم بن مخيمرة مرفوعاً وموقوفاً.
ورواه يزيد بن أبي زياد وعبدة بن أبي لبابة، عن القاسم به، موقوفاً.
فصار الحديث يرويه عن القاسم بن مخيمرة:
يزيد بن أبي زياد وعبدة بن أبي لبابة، وروايتهما موقوفة.
ويرويه الحكم وأبو إسحاق، وقد اختلف عليهما في وقفه ورفعه، وإليك تخريج هذه الطرق:
أما رواية الحكم بن عتيبة، فله طرق كثيرة جداً، منها:
الطريق الأول: عمرو بن قيس، عن الحكم.
أخرجه عبد الرزاق (789) ومن طريقه أحمد (1/ 134) ومسلم (276)، وأبو عوانة (1/ 261) والنسائي (128) والبيهقي (1/ 275) عن سفيان، عن عمرو بن قيس به. وقرن أحمد رواية عبد الرزاق برواية إسحاق بن يوسف.
وأخرجه الدارمي (714) والطحاوي (1/ 81) من طريق محمد بن يوسف الفريابي، عن سفيان الثوري به.
وأخرجه أبو عوانة (1/ 261) من طريق قبيصة وزيد بن الحباب، وإسحاق الأزرق ثلاثتهم، عن سفيان به.
الطريق الثاني: شعبة، عن الحكم به.
أخرجه أحمد (1/ 120) حدثنا يحيى بن سعيد، عن شعبة، قال: حدثني الحكم، عن القاسم، عن شريح بن هانئ، قال: سألت عائشة
…
الخ إلا أنه جعله موقوفاً.
قال يحيى: وكان يرفعه - يعني شعبة - ثم تركه. أي ترك الرفع.
وعليه فرواية الرفع متقدمة على رواية الوقف.
وأخرجه أبو عوانة (1/ 262) وابن حبان (1331) من طريق يحيى بن سعيد القطان به مرفوعاً
قال ابن حبان: ما رفعه عن شعبة إلا يحيى القطان، وأبو الوليد الطيالسي اهـ. =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= وأخرجه أبو داود الطيالسي (92) عن شعبة به موقوفاً.
وأخرجه أحمد (1/ 120) حدثنا محمد بن جعفر، حدثنا شعبة به موقوفاً. قيل لمحمد: كان يرفعه؟ فقال: كان يرى أنه مرفوع، ولكنه كان يهابه.
وأخرجه ابن ماجه (552) من طريق محمد بن جعفر به. مرفوعاً.
وأخرجه أحمد (1/ 100) حدثنا أبو سعيد مولى بني هاشم، حدثنا شعبة، عن الحكم وغيره، عن القاسم به موقوفاً. وسنده صحيح.
الطريق الثالث: عن الأعمش، عن الحكم بن عتيبة به.
أخرجه أحمد (1/ 113) وابن أبي شيبة (1/ 162)، ومسلم (276)، والنسائي (129)، وأبو يعلى (364)، وابن خزيمة (194)، وأبو عوانة (1/ 261،262) والبيهقي (1/ 272،275) والبغوي في شرح السنة (238) من طريق أبي معاوية، حدثنا الأعمش، عن الحكم به مرفوعاً. ورجاله ثقات.
الطريق الرابع: الحجاج بن أرطاة، عن الحكم به.
أخرجه أحمد (1/ 149،296) حدثنا يزيد، أنبأنا الحجاج بن أرطاة، عن الحكم به مرفوعاً.
والحجاج قال فيه الحافظ في التقريب: صدوق كثير الخطأ والتدليس. اهـ وما يخشى من غلطه وتدليسه قد زال بكثرة الطرق والمتابعات.
ورواه أحمد (1/ 96) حدثنا يزيد، عن الحجاج، إلا أنه قال: عن أبي إسحاق، عن علي بن ربيعة، عن علي، بمثل رواية الحجاج عن الحكم، وأخرجه الطحاوي من هذا الطريق، وسيأتي الكلام عليها إن شاء الله تعالى.
الطريق الخامس: زيد بن أبي أنيسة، عن الحكم.
أخرجه مسلم (276) حدثنا إسحاق - هو ابن إبراهيم - أخبرنا زكريا بن عدي، عن عبيد الله بن عمرو، عن زيد بن أبي أنيسة، عن الحكم به.
الطريق السادس: عبد الملك بن حميد (أبو غنية) عن الحكم به. =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= أخرجه ابن خزيمة (195) وابن حبان (1322) من طريق زياد بن أيوب، حدثنا ابن أبي غنية، حدثنا أبي، عن الحكم به، بدون ذكر عائشة.
الطريق السابع: زبيد اليامي، عن الحكم به.
أخرجه الطحاوي (1/ 81) من طريق أسد بن موسى، قال ثنا محمد بن طلحة عن زبيد به. مرفوعاً. وزبيد ثقة، وابن طلحة صدوق له أوهام.
الطريق الثامن: ابن أبي ليلى، عن الحكم.
أخرجه البيهقي في السنن الكبرى (1/ 282) من طريق زائدة، عن محمد بن عبد الرحمن ابن أبي ليلى، عن الحكم به موقوفاً.
هذا ما وقفت عليه من طرق إلى الحكم بن عتيبة، ولم ينفرد به، فقد تابعه كل من:
الأول: أبو إسحاق السبيعي، عن القاسم بن مخيمرة به.
أخرجه ابن أبي شيبة (1/ 165) رقم 1892 قال: حدثنا أبو بكر بن عياش، عن أبي إسحاق، عن القاسم به موقوفاً. وهذا إسناد فيه لين؛ أبو بكر بن عياش قال فيه بالتقريب: ثقة عابد، إلا أنه لما كبر ساء حفظه، وكتابه صحيح. اهـ وقد توبع أبو بكر.
أخرجه البيهقي في السنن الكبرى (1/ 277) من طريق زياد بن خيثمة عن أبي إسحاق به. موقوفاً.
وأخرجه الطحاوي (1/ 81) من طريق أبي الأحوص، عن أبي إسحاق، عن القاسم ابن مخيمرة به. ولفظه: كنا نؤمر إذا كنا سفرا أن نمسح ثلاثة أيام ولياليهن، وإذا كنا مقيمين فيوماً وليلةً. وهذا مرفوع حكماً، وسنده صحيح، وقد أخرج الشيخان حديث أبي إسحاق من رواية أبي الأحوص عنه، وعنعنة أبي إسحاق قد زالت بالمتابعة إن شاء الله تعالى.
وأخرجه ابن الجعد في مسنده (2549) والطحاوي (1/ 84) من طريق زهير، عن أبي إسحاق به موقوفاً.
وأخرجه الدراقطني في العلل (3/ 237) من طريق سفيان، عن أبي إسحاق به مرفوعاً.
فصار أبو الأحوص وسفيان يرويانه عن أبي إسحاق مرفوعاً. =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= وأبو بكر بن عياش، وزهير وزياد بن خيثمة يروونه عنه موقوفاً.
الثاني: يزيد بن أبي زياد، عن القاسم به.
أخرجه الحميدي (46) عن سفيان، عن يزيد بن أبي زياد، عن القاسم به. وفيه سقط فلم أتحقق من رفعه ووقفه، لكن أشار الدارقطني في العلل أن رواية سفيان مرفوعة.
وأخرجه عبد الرزاق (788) عن معمر، عن يزيد بن أبي زياد به، موقوفاً.
وأخرجه أبو يعلى (556) من طريق يونس بن أرقم، عن يزيد بن أبي زياد به.
وابن أبي زياد فيه لين.
وأخرجه عبد الله بن أحمد في فضائل الصحابة (1148) من طريق صالح - يعني: ابن عمر، عن يزيد بن أبي زياد، عن القاسم به موقوفاً بذكر المسح على الخفين للمقيم.
الثالث: عبدة بن أبي لبابة، عن القاسم.
أخرجه أحمد (1/ 100) ثنا ابن الأشجعي، ثنا أبي، عن سفيان، عن عبدة بن أبي لبابة، عن القاسم بن مخيمرة به، بلفظ: أمرني علي أن أمسح على الخفين، وهذا مع كونه موقوفاً لم يذكر توقيتاً.
وابن الأشجعي لم يوثقه إلا ابن حبان، وفي التقريب: مقبول، وباقي الإسناد كلهم ثقات.
وتابع شريك القاسم بن مخيمرة.
فأخرجه أحمد (1/ 117،118) قال: حدثنا حجاج، حدثنا شريك، عن المقدام بن شريح، عن أبيه، قال: سألت عائشة رضي الله تعالى عنها، فقلت: أخبريني برجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أسأله عن المسح على الخفين، فقالت: ائت علياً رضي الله تعالى عنه، فسله؛ فإنه كان يلزم النبي صلى الله عليه وسلم. قال: فأتيت علياً رضي الله تعالى عنه، فسألته، فقال: أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمسح على خفافنا إذا سافرنا.
وأخرجه البيهقي في السنن الكبرى (1/ 272) من طريق عمرو بن عون عن شريك به.
وسنده فيه ضعف من أجل شريك. لكنه قد توبع
فقد أخرجه الطبراني في الأوسط (1564) قال: حدثنا أحمد، قال حدثنا الفضل بن =
وجه الاستدلال:
أخذوه من قول عائشة: " فسله؛ فإنه كان يسافر مع رسول الله " صلى الله عليه وسلم فعللت الأمر بسؤاله بكونه يسافر معه، وهذا دليل على اختصاص الحكم بالسفر، كما أن المسح لو كان جائزاً في الحضر لعلمته عائشة، ولم يكن له لقولها معنى: " فإنه كان يسافر مع النبي صلى الله عليه وسلم، والله أعلم.
وأجيب على هذا:
قال ابن عبد البر: ولم يمعن النظر من احتج بهذا - يعني: حديث علي بن أبي طالب - أو سامح نفسه في احتجاجه ببعض الحديث، وترك بعضه، وفي هذا الحديث المسح بالحضر والسفر، والتوقيت في ذلك أيضاً، فكيف يسوغ لعاقل أن يحتج بحديث موضع الحجة منه عليه لا له؟
(1)
.
وقال أيضاً: " ليس في الحديث أكثر من جهل عائشة المسح على الخفين، وليس من جهل شيئاً كمن علمه، وقد سأل شريح علياً كما أمرته
= يعقوب الرخامي، قال: حدثنا سعيد بن مسلمة، قال: حدثنا عبد الملك بن أبي سليمان، عن المقدام بن شريح، عن أبيه، عن علي، قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يمسح على الخفين إذا كان مسافراً ثلاثة أيام ولياليهن، وإذا كان مقيماً يوماً وليلة.
قال الطبراني: لم يرو هذا الحديث عن عبد الملك، إلا سعيد.
فالخلاصة أن الحديث روي مرفوعاً من أكثر من طريق، كما روي موقوفاً من أكثر من طريق أيضاً، وعلى فرض أن يكون الحديث موقوفاً فإن المقادير لا دخل للرأي فيها، فكون المسافر يقدر بثلاثة أيام، والمقيم يوم وليلة، هذا مما لا مجال فيه للرأي، فيكون الموقوف في حكم المرفوع، والله أعلم.
(1)
التمهيد (11/ 142).