الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وجه الاستدلال:
أن الرسول صلى الله عليه وسلم مسح هنا على العمامة، ولم يذكر الناصية، فدل على جواز الاقتصار عليها.
الدليل الثالث:
(146)
ما رواه مسلم، قال: حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ومحمد بن العلاء، قالا: حدثنا أبو معاوية ح
وحدثنا إسحق، أخبرنا عيسى بن يونس كلاهما عن الأعمش، عن الحكم، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن كعب بن عجرة،
عن بلال أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مسح على الخفين والخمار
(1)
.
= ولا نشترط في الزيادة الشاذة أن تكون منافية، وعفى الله عنك يا ابن حجر فقد كنت مضطرب المنهج في زيادة الثقة، وكلامك الذي رجحته في النكت في تعريف الشاذ يرد ما ذكرته هنا وما ذكرته في النخبة، ومنهج المحدثين مخالف لمنهج الأصوليين والفقهاء ممن لم يمارس هذا الفن. بل كم من حديث حكمت عليه في الشذوذ، ولم يكن منافياً لرواية من هو أوثق، بل يكفي مجرد المخالفة، والله أعلم.
(1)
صحيح مسلم (84 - 275).
وحديث بلال رواه جماعة عن بلال، منهم أبو إدريس الخولاني، ومنهم نعيم بن خمار، وأبو عبد الرحمن السلمي، وعبد الرحمن بن أبي ليلى.
أما رواية ابن أبي ليلى، فرواه عنه الأعمش، عن الحكم بن عتيبة، عنه، واختلف على الأعمش:
فرواه عبد الله بن نمير، وعيسى بن يونس، وأبو معاوية، وعلي بن مسهر، عن الأعمش، عن الحكم، عن عبد الرحمن =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= بن أبي ليلى، عن كعب بن عجرة، عن بلال.
وتابع الأعمش الليث بن سليم، فرواه عن الحكم به.
ورواه زائدة بن قدامة، وحفص بن غياث، عن الأعمش، عن الحكم، عن عبد الرحمن ابن أبي ليلى، عن البراء بن عازب، عن بلال. فجعلا بدلاً من كعب بن عجرة البراء بن عازب، وهذا غير محفوظ كما سيأتي بيانه، وقد رواه زائدة بن قدامة عن الأعمش بمثل رواية أبي معاوية ومن ذكر معه فتابعهم على ذكر كعب بن عجرة.
ورواه الثوري، عن الأعمش، عن الحكم، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن بلال.
فهنا أسقط الواسطة بين ابن أبي ليلى، وبين بلال.
وتابع جماعة الأعمش في رواية الثوري عنه: وهم شعبة وزيد بن أبي أنيسة، وعبد الله ابن محرر، عن الحكم، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن بلال، دون واسطة بين ابن أبي ليلى وبلال، وحينئذ يصبح الحديث منقطعاً؛ لأني قد ذكرت في حديث سابق أن ابن أبي ليلى لم يسمع من بلال.
وإليك عزو الروايات السابقة بألفاظها:
أما رواية الأعمش، عن الحكم، عن ابن أبي ليلى، عن كعب بن عجرة، عن بلال. فقد رواه جماعة عن الأعمش، وهم:
الأول: أبو معاوية، وهو من أثبت الناس في الأعمش. أخرج روايته مسلم (84 - 275) حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ومحمد بن العلاء، قالا: حدثنا أبو معاوية به.
ورواه أحمد (6/ 12) حدثنا أبو معاوية، حدثنا الأعمش به.
وأخرجه ابن أبي شيبة (1/ 28،162) حدثنا أبو معاوية به. ومن طريق ابن أبي شيبة أخرجه أبو عوانة (1/ 260).
وأخرجه النسائي (104) أخبرنا الحسين بن منصور، قال: حدثنا أبو معاوية به.
الثاني عيسى بن يونس، عن الأعمش به.
أخرجه مسلم (275) حدثنا إسحاق، أخبرنا عيسى بن يونس به. ورواه ابن ماجه (561) حدثنا هشام بن عمار، عن عيسى بن يونس به. ورواه أبو عوانة (1/ 260) من طريق مسدد، عن عيسى بن يونس به.
الثالث: عن عبد الله بن نمير، عن الأعمش به.
أخرجه أحمد (6/ 14) حدثنا ابن نمير، عن الأعمش به. وأخرجه النسائي (104) أنبأنا الحسين بن منصور، قال: حدثنا عبد الله بن نمير به. =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= وأخرجه أبو عوانة (1/ 260) من طريق الحسين بن عفان وعيسى بن أحمد، كلاهما عن ابن نمير، عن الأعمش به.
وأخرجه من طريق محمد بن عبد الله بن نمير، حدثني أبي به.
الرابع: علي بن مسهر، عن الأعمش.
أخرجه الترمذي (101) حدثنا هناد، عن علي بن مسهر به.
الخامس: زائدة بن قدامة، عن الأعمش.
أخرجه ابن خزيمة (1/ 183) من طريق أبي أسامة، عن زائدة به. وقد روي عن زائدة بن قدامة، عن الأعمش به، فجعل بدلاً من كعب بن عجرة البراء بن عازب. والمحفوظ الأول.
وتابع ليث بن أبي سليم الأعمش بذكر كعب بن عجرة في الإسناد، إلا أنه زاد في متنه، فقد أخرجه ابن أبي شيبة (1/ 168) نا يحيى بن يعلى، عن ليث، عن الحكم، عن ابن أبي ليلى، عن كعب بن عجرة، عن بلال أن النبي صلى الله عليه وسلم وأبا بكر وعمر كانوا يمسحون على الخفين والخمار.
وهذا السند فيه ليث بن أبي سليم، وهو ضعيف مختلط، لكنه سند صالح في المتابعات، لكن زيادة ذكر أبي بكر وعمر في هذا الإسناد زيادة منكرة، تفرد بها ليث، وهو ممن لا يحتمل تفرده.
ورواه الثوري، عن الأعمش، وخالف فيه الجماعة، فقد رواه بإسقاط كعب بن عجرة، فقد أخرجها عبد الرزاق (736) ومن طريقه أحمد (6/ 15) عن سفيان، عن الأعمش، عن الحكم، عن ابن أبي ليلى، عن بلال.
والمحفوظ من رواية الأعمش ذكر كعب بن عجرة كما رواه أثبت الناس عن الأعمش أبو معاوية، وتابعه عيسى بن يونس وعبد الله بن نمير وعلي بن مسهر، ولعل سفيان اختلط عليه روايته عن الأعمش بروايته عن الحكم بن عتيبة مباشرة، فقد رواه الثوري وغيره كما سيأتي، عن الحكم، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن بلال، بدون ذكر كعب، فتداخلت الروايتان على الثوري؛ لأن الثوري كما قلت تارة يروي الحديث عن الأعمش، عن الحكم، وتارة يرويه عن الحكم مباشرة، كما سيأتي تخريجها إن شاء الله تعالى. =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= وقيل: عن الأعمش، عن الحكم، عن ابن أبي ليلى، عن البراء بن عازب، عن بلال، فجعل البراء بدلاً من كعب بن عجرة، وذكر البراء شاذ في رواية الأعمش، بل وفي رواية غيره ممن رواه عن الحكم. رواه عن الأعمش زائدة بن قدامة وحفص بن غياث، فقد أخرجه أحمد (6/ 15) ثنا معاوية بن عمرو ويحيى بن أبي بكير، قالا: حدثنا زائدة، عن الأعمش، عن الحكم، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن البراء، عن بلال، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يمسح على الخفين. اهـ ولم يذكر موضع الشاهد، وهو الخمار. ورجاله ثقات.
ولم يتابع زائدة أحد إلا حفص بن غياث في طريق فيه ضعف، فقد أخرجه النسائي (105) أخبرنا الحسين بن عبد الرحمن الجرجرائي، عن طلق بن غنام، قال: حدثنا زائدة وحفص بن غياث، عن الأعمش، عن الحكم، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن البراء بن عازب، عن بلال، قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يمسح على الخفين.
وهذا الإسناد فيه الحسين بن عبد الرحمن. قال أبو حاتم: مجهول.
ولم يوثقه أحد سوى ابن حبان ذكره في ثقاته (8/ 188).
وقال أبو حاتم: مجهول. تهذيب التهذيب (2/ 296).
وفي التقريب مقبول. فخالف فيه زائدة جميع من رواه عن الأعمش، كما خالف أيضاً جميع من رواه عن الحكم كشعبة وزيد بن أبي أنيسة والثوري، كما أنه قصر الحديث على المسح على الخفين، فذكر البراء في الإسناد شاذ بدون شك.
وأما تخريج رواية من رواه عن الحكم، عن ابن أبي ليلى، عن بلال، بدون ذكر أي واسطة بين ابن أبي ليلى وبلال، فهاك هي:
الأول: شعبة، عن الحكم. أخرجها أحمد (6/ 13) ثنا وكيع ومحمد بن جعفر، قالا: ثنا شعبة، عن الحكم به. رجاله ثقات.
وأخرجه النسائي (106) أخبرنا هناد بن السري، عن وكيع، عن شعبة به.
ورواه أبو داود الطيالسي (1116) قال: حدثنا الحكم، سمعت ابن أبي ليلى يحدث عن بلال، وقد سقط منه شيخ أبي داود لأن أبا دواد أصغر سناً أن يكون أدرك الحكم، فلعله رواه عن شعبة، عن الحكم، والله أعلم. =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= الثاني: زيد بن أبي أنيسة. أخرجه أحمد (6/ 14) حدثنا عبد الجبار بن محمد الخطابي، ثنا عبيد الله، عن زيد بن أبي أنيسة، عن الحكم به.
وعبد الجبار ذكره ابن حبان في الثقات (8/ 418)، ولم يوثقه أحد غيره، ولم يرو عنه أحد من أصحاب الكتب الستة.
وعبيد الله هو ابن عمرو الرقي، ثقة. هو راوية زيد بن أبي أنيسة. فالإسناد ضعيف.
الثالث: عبد الله بن محرر أخرجه عبد الرزاق (735) عنه قال: أخبرني الحكم به، وهذا الإسناد ضعيف جداً؛ لأن عبد الله بن محرر متروك كما في التقريب.
الرابع: الثوري، عن الحكم، وهي عند أحمد (6/ 13) عن عبد الرزاق، عن سفيان، عن الحكم به.
الخامس والسادس: أبان بن تغلب ومحمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى، كما في مسند الحميدي (150)، قال: ثنا سفيان، ثنا أبان بن تغلب ومحمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى به.
السابع: الأعمش، من رواية الثوري عنه.
أخرجه عبد الرزاق (1/ 736)، ومن طريقه أحمد (6/ 15) عن سفيان، عن الأعمش، عن الحكم به.
هذا فيما يتعلق برواية الحكم، والمحفوظ منها ما رواه الأعمش، عن الحكم، عن ابن أبي ليلى، عن كعب بن عجرة، عن بلال. وهذه الرواية في صحيح مسلم، وكعب وبلال كلاهما صحابي، وأما رواية من أسقط كعب بن عجرة، فلا يضر إذا علمنا أن الراوي الذي سقط كان ثقة، فكيف إذا كان صحابياً.
وأما حديث بلال من رواية أبي إدريس عنه، فأخرجه أحمد (6/ 15) وابن أبي شيبة (1/ 162) كلاهما عن عفان، عن حماد بن سلمة، عن أيوب، عن أبي قلابة، عن أبي إدريس الخولاني، عن بلال إلا أنه ذكر الموقين بدلاً من الخفين، ولفظه: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يمسح على الموقين والخمار.
ورواه ابن خزيمة (189) من طريق أسد بن موسى، عن حماد بن سلمة به. ورجالها كلهم ثقات، وعفان من أثبت الناس في حماد
ورجح بعضهم أن هذا الإسناد منقطع يرويه أبو قلابة عن بلال، ولم يسمع منه، =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= لا يذكرون أبا إدريس بينهما، واختلف على أبي إدريس، فقد جاء في العلل لابن أبي حاتم (1/ 39) قال: سألت أبي عن حديث رواه هشيم، عن داود بن عمرو، عن بسر بن عبيد الله، عن أبي إدريس الخولاني، عن عوف بن مالك الأشجعي، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه بالمسح بتبوك للمسافر ثلاثاً، وللمقيم يوم وليلة وثبت.
ورواه الوليد بن مسلم، عن إسحاق بن سيار، عن يونس بن ميسرة بن حليس، عن أبي إدريس، قال: سألت المغيرة بن شعبة عن ماحصر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بتبوك، فبال النبي صلى الله عليه وسلم فمسح على خفيه.
قلت: ورواه خالد الحذاء، عن أبي قلابة، عن إبي إدريس، عن بلال، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه مسح على الخفين والخمار. قلت لأبي: أيهم أشبه وأصح؟
فقال أبي: داود بن عمرو، وليس بالمشهور، وكذلك إسحاق بن سيار ليس بالمشهور، لم يرو عنه غير الوليد، ولا نعلم روى أبو إدريس عن المغيرة بن شعبة شيئاً سوى هذا الحديث، وأما حديث خالد فلا أعلم أحداً تابع خالداً في روايته عن أبي قلابة، ويروونه عن أبي قلابة، عن بلال، عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلاً لايقول: أبو إدريس. وأشبههما حديث بلال؛ لأن أهل الشام يروون عن بلال هذا الحديث في المسح من حديث مكحول وغيره، ويحتمل أن يكون أبو إدريس قد سمع من عوف والمغيرة أيضاً؛ فإنه من قدماء تابعي أهل الشام وله إدراك حسن اهـ.
وذكر البخاري في التاريخ الكبير هذا الاختلاف على أبي إدريس في ترجمة إسحاق بن سيار، فقال البخاري (1/ 390): إسحاق بن سيار، سمع يونس بن ميسرة الشامي سمع أبا إدريس الخولاني، سألت المغيرة بن شعبة بدمشق، قال: وضأت النبي صلى الله عليه وسلم بتبوك، فمسح على خفيه، قاله لي سليمان بن عبد الرحمن، عن الوليد بن مسلم.
وقال هشيم، عن داود بن عمرو، عن بسر بن عبيد الله، عن أبي إدريس، عن عوف بن مالك، قال: جعل النبي صلى الله عليه وسلم المسح على الخفين في غزوة تبوك ثلاثاً للمسافر ويوماً للمقيم، قال أبو عبد الله: إن كان هذا محفوظاً، فإنه حسن. وقال حماد بن سلمة، عن أيوب، عن أبي قلابة، عن أبي إدريس، عن بلال مسح النبي صلى الله عليه وسلم، وقال غير واحد، عن أيوب، عن أبي قلابة، عن بلال مرسل اهـ. =
وجه الاستدلال:
أن بلالاً هنا نقل المسح على الخمار - يعني: العمامة - ولم يذكر أنه مسح معها شيئاً آخر مما يدل على جواز المسح على العمامة، ولاقتصار
= وأما رواية نعيم بن خمار، عن بلال. فأخرجها عبد الرزاق (737) ومن طريقه أحمد (6/ 13) عن محمد بن راشد، قال: حدثني مكحول، عن نعيم بن خمار، أن بلالاً أخبره أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: امسحوا على الخفين وعلى الخمار ".
وهذا إسناد حسن، ونعيم بن خمار صحابي. ورواه أحمد (6/ 12) ثنا هشام بن سعيد، كما رواه أحمد أيضاً (6/ 12،13) ثنا أبو سعيد مولى بني هاشم كلاهما ثنا محمد بن راشد به.
كما رواه أحمد أيضاً (6/ 14) حدثنا هاشم بن القاسم، ثنا محمد بن راشد به. وهذه الرواية قولية، والمحفوظ من حديث بلال أنه فعلي.
وأما رواية أبي عبد الرحمن السلمي، عن بلال، فأخرجها أحمد (6/ 13) حدثنا محمد ابن جعفر، ثنا شعبة، عن أبي بكر بن حفص، عن أبي عبد الله، عن أبي عبد الرحمن، قال: كنت قاعداً مع عبد الرحمن بن عوف فمر بلال، فسأله عن المسح على الخفين، فقال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقضي حاجته، فآتيه بالماء، فيتوضأ، فيمسح على العمامة، وعلى الخفين.
وأخرجه أبو داود (153) عن عبيد الله بن معاذ، ومن طريق عبيد الله أخرجه الحاكم (1/ 170) عن أبيه، عن شعبة به.
وأخرجه أحمد (6/ 13) عن محمد بن أبي بكر وعبد الرزاق، عن ابن جريج، عن أبي بكر بن حفص بن عمر، عن أبي عبد الرحمن، عن أبي عبد الله، أنه سمع عبد الرحمن بن عوف يسأل بلالاً، فذكره .. وانقلب الإسناد على ابن جريج، فظنه عن أبي عبد الرحمن، عن أبي عبد الله، والصواب العكس، كما في رواية شعبة.
وأبو عبد الله مولى بني تميم مجهول العين، لم يرو عنه أحد إلا أبو بكر بن حفص، ولم يوثقه أحد، فالإسناد ضعيف.