الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الدلائل العقدية للآية الكونية - السماء
-:
قال ابن القيم رحمه الله مبيناً شأن هذه الآية الكونية: " ولهذا قل أن تجيء سورة في القرآن إلا وفيها ذكرها إما إخبارا عن عظمها وسعتها، وإما إقساما بها، وإما دعاءً إلى النظر فيها، وإما إرشادا للعباد أن يستدلوا بها على عظمة بانيها ورافعها، وإما استدلالاً منه سبحانه بخلقها على ما أخبر به من المعاد والقيامة، وإما استدلالا منه بربوبيته لها على وحدانيته وأنه الله الذي لا إله إلا هو، وإما استدلالا منه بحسنها واستوائها والتئام أجزائها وعدم الفطور فيها على تمام حكمته وقدرته".
ثم قال: " فكم من قسم في القرآن بها كقوله تعالى: {وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْبُرُوجِ} )
(1)
، {وَالسَّمَاءِ وَالطَّارِقِ}
(2)
، {وَالسَّمَاءِ وَمَا بَنَاهَا}
(3)
، {وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الرَّجْعِ}
(4)
،
…
ولم يقسم بشيء من مخلوقاته أكثر من السماء والنجوم والشمس والقمر"
(5)
.
أولاً: وجود الله:
دلت هذه الآية الكونية على وجود الله، فإن خلقها ووجودها بعد العدم، وتسخيرها دليل قاطع على وجود الله عز وجل، وذلك لافتقار المخلوق إلى
(1)
البروج: 1.
(2)
الطارق: 1
(3)
الشمس: 5.
(4)
الطارق: 11.
(5)
مفتاح دار السعادة: 1/ 303 - 304.
الخالق، واحتياج المحدَث إلى المحدِث
(1)
(2)
.
والعناية بهذه الآية الكونية، والإتقان فيها يدل على وجود خالقها وكمال ذاته وصفاته، قال تعالى:{صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ إِنَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَفْعَلُونَ}
(3)
(4)
.
ولما ذكر الله عز وجل استنكاره لمن كفر به في قوله تعالى: {كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَكُنْتُمْ أَمْوَاتًا فَأَحْيَاكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ}
(5)
، ذكر من الأدلة على وجوده - مع ما هو مستقر في الفطر - خلقَ السماوات والأرض
(6)
(7)
.
ولما حصلت المجادلة بين الكفار ورسلهم في الله، قالت لهم رسلهم -ترشدهم إلى الدليل والطريق لمعرفة الله لمن حصل عنده شك أو اضطراب-:{قَالَتْ رُسُلُهُمْ أَفِي اللَّهِ شَكٌّ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ}
(8)
أي: أفي وجوده شك
(9)
،
(1)
انظر: مجموع الفتاوى: 16/ 445، والأدلة العقلية النقلية على أصول الاعتقاد لسعود العريفي، دار عالم الفوائد، مكة، ط 1: 209 - 226.
(2)
الطور: 35 - 36.
(3)
النمل: 88.
(4)
الملك: 3.
(5)
البقرة: 28.
(6)
انظر: تفسير الطبري: 1/ 218، وتفسير ابن كثير: 1/ 213.
(7)
البقرة: 29.
(8)
إبراهيم: 10.
(9)
وهذا على أحد المعنيين في الآية. والمعنى الثاني: أفي إلهيته وتفرده بوجوب العبادة له شك، وهو الخالق لجميع الموجودات. انظر: تفسير ابن كثير: 4/ 482.