الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لَجَعَلْنَاهُ حُطَامًا فَظَلْتُمْ تَفَكَّهُونَ (65) إِنَّا لَمُغْرَمُونَ (66) بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ}
(1)
.
قال ابن سعدي رحمه الله: " وهذا امتنان منه على عباده، يدعوهم به إلى توحيده وعبادته والإنابة إليه، حيث أنعم عليهم بما يسره لهم من الحرث للزروع والثمار، فتخرج من ذلك من الأقوات والأرزاق والفواكه، ما هو من ضروراتهم وحاجاتهم ومصالحهم، التي لا يقدرون أن يحصوها، فضلا عن شكرها، وأداء حقها"
(2)
.
فتعرض هذه الآيات كلها في معرض نعم الله وفضله على الناس، وفي معرض الوحدانية وإخلاص الدين لله، وهي وإن كانت منناً يحق أن يشكرها الناس فإنها أيضاً دلائل إذا تفكر فيها المنعَمُ عليهم اهتدوا بها إلى أن الذي يخلق هذا ويبدعه بهذا التناسق هو الإله الحق الذي يجب أن يعبد وحده ويخلص له الدين وحده"
(3)
.
رابعاً: بيان آثار صفات الله وأفعاله من خلاله
ا.
فإن من هدي القرآن تجاه الآيات الكونية لفت الأنظار والتفتيش والاعتبار بآثار ربوبية الله وصفاته من الإحياء والإماتة، والرزق وخلق السماوات والأرض والنبات، وإنزال المطر من السحب، وتعاقب الليل والنهار وغيرها كثير
(4)
، للقيام بحق ربوبية الله وألوهيته، فلا يقصد في الحوائج غيره، ولا يتوكل على سواه، ولا يستعن إلا به، قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: " فإذا
(1)
الواقعة: 63 - 67.
(2)
تفسير ابن سعدي: 4/ 1768، وانظر تفسير البحر المحيط لمحمد بن يوسف المعروف بأبي حيان الأندلسي، تحقيق: عادل عبد الموجود وعلي محمد معوض، دار الكتب العلمية، بيروت، ط 1: 2/ 330، 3/ 411.
(3)
تفسير التحرير والتنوير: 25/ 337، وانظر: تفسير ابن سعدي: 2/ 851.
(4)
انظر: بيان تلبيس الجهمية في تأسيس بدعهم الكلامية لابن تيمية، تصحيح: محمد بن عبد الرحمن بن قاسم، دار القاسم، الرياض، ط 2: 1/ 180 - 181.
عرف العبد أن الله ربه وخالقه وأنه مفتقر إليه محتاج إليه عرف العبودية المتعلقة بربوبية الله وهذا العبد يسأل ربه ويتضرع إليه ويتوكل عليه"
(1)
.
وقال تعالى مبيناً أثراً من آثار صفاته - وهي صفة الرحمة -: {اللَّهُ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَابًا فَيَبْسُطُهُ فِي السَّمَاءِ كَيْفَ يَشَاءُ وَيَجْعَلُهُ كِسَفًا فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلَالِهِ فَإِذَا أَصَابَ بِهِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ (48) وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ يُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ مِنْ قَبْلِهِ لَمُبْلِسِينَ (49) فَانْظُرْ إِلَى آثَارِ رَحْمَتِ اللَّهِ كَيْفَ يُحْيِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا إِنَّ ذَلِكَ لَمُحْيِ الْمَوْتَى وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ}
(2)
.
قال ابن جرير رحمه الله: " فانظر يا محمد صلى الله عليه وسلم، إلى آثار الغيث الذي ينزل الله من السحاب، كيف يحيي بها الأرض الميتة، فينبتها ويعشبها، من بعد موتها ودثورها، {إِنَّ ذَلِكَ لَمُحْيِ الْمَوْتَى}. يقول جلّ ذكره: إن الذي يحيي هذه الأرض بعد موتها بهذا الغيث، لمحيي الموتى من بعد موتهم، وهو على كل شيء مع قدرته على إحياء الموتى قدير، لا يعزّ عليه شيء أراده، ولا يمتنع عليه فعل شيء شاءه سبحانه"
(3)
، " وفي هذا الحث على التذكر والتفكر في آلاء الله والنظر إليها بعين الاعتبار والاستدلال، لا بعين الغفلة والإهمال"
(4)
.
(5)
.
(1)
العبودية: 52.
(2)
الروم: 48 - 50.
(3)
تفسير الطبري: 21/ 64.
(4)
تفسير ابن سعدي: 2/ 552 - 553.
(5)
يونس: 5 - 6.