الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المطلب السادس: عود أرض العرب مروجاً
(1)
وأنهاراً
من أشراط الساعة ما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم من عود أرض العرب مروجاً وأنهاراً، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لا تقوم الساعة حتى يكثر المال ويفيض، حتى يخرج الرجل زكاة ماله، فلا يجد أحدا يقبلها، وحتى تعود أرض العرب مروجاً وأنهارا"
(2)
.
"إن أرض العرب أرض قاحلة كما هو معروف، شحيحة المياه، قليلة النبات، غالب مياهها من الآبار والأمطار، فمن علامات الساعة أن تنقلب هذه الأرض ويكثر فيها المياه، حتى تكون أنهاراً، فتنبت بها النباتات، فتكون مروجاً وحدائق وغابات، وذلك إما بسبب حفر الآبار وزراعة الأرض، وإما بسبب تغير المناخ أو غير ذلك"
(3)
.
وقد ورد في خصوص منطقة تبوك -شمال أرض العرب- أنها تكون جناناً، ففي حديث معاذ بن جبل رضي الله عنه عن غزوة تبوك، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"يوشك يا معاذ إن طالت بك حياة أن ترى ما هاهنا قد ملئ جنانا"
(4)
، وقد ملئت أرض تبوك جنانا، فالمزارع والبساتين والحدائق في كل مكان، بل أصبحت تبوك تصدر الكثير من الفواكه والخضراوات والزهور والحبوب إلى
(1)
المروج: جمع مرج، والمرج: الأرض الواسعة ذات نبات كثير، تمرج فيه الدواب، أي تخلى تسرح مختلطة كيف شاءت. انظر: النهاية في غريب الحديث: 4/ 315.
(2)
صحيح مسلم، كتاب الزكاة، باب الترغيب في الصدقة قبل أن لا يوجد من يقبلها: 2/ 700 برقم (157).
(3)
انظر: {إِنَّهُ الْحَقُّ} الهيئة العالمية للإعجاز العلمي في القرآن والسنة -مكة- ط 4: 75.
(4)
صحيح مسلم، كتاب الفضائل، باب في معجزات النبي صلى الله عليه وسلم: 4/ 1784 برقم (706).
بعض البلدان المجاورة، بسبب الاهتمام المتزايد من أهالي المنطقة بالزراعة، وحفر الآبار الارتوازية التي ينبع منها الماء بكثرة ووفرة، كما اتجهت الحكومة إلى إنشاء السدود التي تحبس المياه، حتى أصبحت وكأنها أنهارا تجري لري الأراضي الزراعية في تلك المنطقة، حتى أصبحت مروجا ومزارع وخضرة يانعة.
وقد قال النووي رحمه الله في تأويل قوله صلى الله عليه وسلم: " حتى تعود أرض العرب مروجًا وأنهارًا": "معناه: أنهم يتركونها ويعرضون عنها، فتبقى مهملة لا تزرع ولا تسقى من مياهها، وذلك لقلة الرجال، وكثرة الحروب، وتراكم الفتن، وقرب الساعة، وقلة الآمال، وعدم الفراغ لذلك والاهتمام به"
(1)
.
وفي هذا التأويل نظر؛ لأن أرض العرب أرض قاحلة لا أنهار فيها، وإنما تسقى نخيلها وزروعها من مياه الآبار، ولو تركت وأعرض عنها وبقيت مهملة لا تزرع ولا تسقى من مياه الآبار؛ لبقيت قاحلة يابسة.
والصحيح أن هذه إشارة إلى ما ابتدئ فيه الآن من حفر الآبار الارتوازية التي ينبع الماء منها بكثرة، وإلى عمل السدود التي تحبس مياه السيول، فتكون أنهارًا تجري إلى الأراضي الطيبة، فتكون مزارع ومروجًا للدواب
(2)
.
وفي قوله صلى الله عليه وسلم: " تعود": والعود
(3)
في الأصل هو رجوع الأمر إلى شيء سبق أن كان عليه. ومتصفاً به. هذه حقيقة العود.
أما معنى الحديث في النظرة العلمية المعاصرة: فإن " أرض العرب كانت مروجاً وأنهاراً، وأنها بعد فترة من الزمن أصبحت صحراء مجدبة قليلة الماء والأنهار، وأنها بعد ذلك ستعود ثانية فتجري فيها الأنهار وتمتلئ بالمرج
(1)
شرح النووي على مسلم: 7/ 97.
(2)
إتحاف الجماعة بما جاء في الفتن والملاحم وأشراط الساعة: 2/ 190.
(3)
انظر: الصحاح: 3/ 76، معجم مقاييس اللغة: 4/ 181، القاموس المحيط:270.
الأخضر الذي يعلو أرضها.
أما الشق الأول: وهو أن أرض العرب كانت تعلوها الخضرة، والمروج، وتسيل فيها الأنهار، فقد أثبتتها دراسات متعددة، وبينت تلك الدراسات أنها كانت كذلك.
وأما الشق الثاني: وهو أنها ستعود ثانية مروجاً تعلوها الخضرة، وتنتشر في أنحائها البساتين، وتفوح في أجوائها عطر الأزاهير، إن هذا الأمر الذي يتحدث به رسول الله صلى الله عليه وسلم منذ القرون المتطاولة الممتدة، لا يتصوره الإنسان يحدث في أرض جرداء ممتدة من البحر الأحمر إلى الخليج العربي تعلوها الرمال الكثيفة التي لا تنبت كلاً ولا تمسك ماء"
(1)
؛ ولكنه يؤمن ويسلم ويصدق بما قاله الرسول صلى الله عليه وسلم.
" وأما الأنهار وظهورها، فإننا سنترك ذلك للمستقبل القريب الذي سيطلعنا أو أبناءنا على ذلك، ولعل ما ثبت حديثاً في الدراسات الجيولوجية بأن المياه الجوفية في الأرض تتحرك باتجاه الجزيرة العربية، أقول: لعل ذلك مقدمة لظهور الأنهار في جزيرة العرب، وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم "
(2)
.
ونحن لا نشك بما قاله رسول الله صلى الله عليه وسلم وأن جزيرة العرب ستعود جنات وأنهاراً، وأن غداً لناظره قريب
(3)
.
(1)
الإعجاز العلمي في السنة النبوية: 924.
(2)
المرجع السابق: 925.
(3)
انظر: مروج وأنهار أرض العرب في الماضي والمستقبل، دراسة في الإعجاز العلمي للقرآن والسنة، للأستاذ الدكتور علي صادق، ضمن بحوث المؤتمر العالمي الثامن للإعجاز العلمي في القرآن والسنة:161. وعودة جزيرة العرب مروجاً وأنهاراً. م. جمال عبدالمنعم الكومي، مجلة الهيئة العلمية للإعجاز العلمي في القرآن والسنة - مكة- العدد السادس:167.