الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
من معاد ونشأة دال على قدرة الله سبحانه على المعاد الأكبر وتكرره.
ودوام مشاهدة النفوس له بحيث صار عادة ومألفا منعها من الاعتبار به والاستدلال به على النشأة الثانية وإحياء الخلق بعد موتهم، ولا ضعف في قدرة القادر التام القدرة ولا قصور في حكمته ولا في علمه يوجب تخلف ذلك، ولكن الله يهدي من يشاء ويضل من يشاء، وهذا أيضاً من آياته الباهرة أن يعمي عن هذه الآيات الواضحة البينة من شاء من خلقه فلا يهتدي بها ولا يبصرها لمن هو واقف في الماء إلى حلقه وهو يستغيث من العطش وينكر وجود الماء، وبهذا وأمثاله يعرف الله عز وجل ويشكر ويحمد ويتضرع اليه ويسأل"
(1)
.
أولاً: توحيد الربوبية:
بين الله عز وجل أن النظر في ملكوت السماوات والأرض والتأمل في خلقهما يدل على وحدانيته عز وجل، في ملكه وخلقه، وأنه لا إله غيره ولا رب سواه
(2)
.
وعظمة هذا الكون، وإبداع السموات والأرض، وتصرف الرب عز وجل فيه ومن ذلك الليل والنهار، يدخل هذا على هذا، وهذا على هذا، ويتصرف فيهما بزيادة أحدهما ونقص الآخر، وتغير أحوالهما بالحرارة والبرودة، وتعاقبهما بنظام ثابت دقيق، دليل قاطع محسوس على وجود الإله الخالق المبدع، والرب الواحد المتصرف، الذي لا رب سواه، ولا معبود بحق غيره
(3)
.
قال تعالى: {يُقَلِّبُ اللَّهُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِأُولِي الْأَبْصَارِ}
(4)
.
(1)
مفتاح دار السعادة: 1/ 203 - 204، وانظر: مختصر الصواعق المرسلة: 2/ 625.
(2)
انظر: تفسير الطبري: 7/ 283، 286، وتفسير ابن كثير: 3/ 290.
(3)
انظر: التفسير المنير: 18/ 265.
(4)
النور: 44.
وقال النبي صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عن ربه عز وجل: " قال الله عز وجل: يؤذيني ابن آدم يسب الدهر، وأنا الدهر، أقلب الليل والنهار"
(1)
.
ومن أعظم الأدلة على قدرة الله تعالى أن جميع الأشياء مسخرة مدبرة لا تملك من التدبير شيئاً، وخلقه تعالى الأضداد لبيان أنها مقهورة
(2)
، ومن ذلك الليل والنهار فيدخل بعضها على بعض فيحصل الفصول والضياء والنور والظلمة والسكون والانتشار قال تعالى:{قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (26) تُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَتُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَتُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَتُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَتَرْزُقُ مَنْ تَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ}
(3)
.
وقد ذكر الله عز وجل من الأدلة العقلية الأفقية الدالة على ربوبيته وإلهيته وعلى كماله في أسمائه وصفاته اختلاف الليل والنهار، وأخبر أنها آيات لقوم يتقون
(4)
(5)
.
كما أخبر الله عز وجل أنه جعل الليل سكناً والنهار معاشاً وبين عجز الآلهة التي تعبد من دون الله عن ذلك، وأنه لا دليل لهم على عبادتها؛ فإنها لا تملك شيئاً، وهذه من الحجج والأدلة التي يستدل بها على عظمة الخالق وربوبيته
(6)
، فقال تعالى: {أَلَا إِنَّ لِلَّهِ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ وَمَا
(1)
سبق تخريجه: 279.
(2)
انظر: تفسير ابن كثير: 4/ 561، تفسير السعدي:126.
(3)
آل عمران: 26 - 27.
(4)
انظر: تفسير القرطبي: 2/ 192، التفسير المنير: 15/ 33.
(5)
يونس: 6.
(6)
تفسير ابن كثير: 4/ 282، 5/ 341.