الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كما أخبر صلى الله عليه وسلم عن الجنة والنار عندما كسفت الشمس
(1)
، فدل هذا الحديث أيضاً على وجود الجنة والنار وأنهما مخلوقتان الآن.
كما أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج فزعاً لما كسفت الشمس يخشى أن تكون الساعة، "لما جاء أن القيامة تكون وهما مكسوفان"
(2)
.
سابعاً: الإيمان بالقدر:
بين تعالى قدرته على خلق الأشياء وتسخيره إياها على مقتضى حكمته، فذكر أنه خلق الشمس، وأنها تحت قهره وتسخيره ومشيئته، وأنها تجري لأجل مسمى، وأن جريانها مع القمر بحساب مقدر، لا يتغير ولا يضطرب، بل كل منهما له منازل يسلكها في الصيف والشتاء، قال تعالى:{وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ حَتَّى عَادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ (39) لَا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَهَا أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلَا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ}
(3)
(4)
، "فدلهم الله عز وجل بذلك على قدرته ووحدانيته"
(5)
.
ولما كان هذا الأمر يدل على قدرة الله تعالى وتقديره وعلمه وعزته ختمت كثير من هذه الآيات بالعزة والعلم
(6)
- والعلم من مراتب الإيمان بالقدر-، كما في قوله تعالى:{وَآيَةٌ لَهُمُ اللَّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهَارَ فَإِذَا هُمْ مُظْلِمُونَ (37) وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ}
(7)
.
ثامناً: النهي عن مشابهة المشركين والمنافقين في عبادتهم:
ورد النهي عن الصلاة عند طلوع الشمس وعند غروبها، لما في ذلك من
(1)
صحيح مسلم، كتاب الكسوف، باب ما عرض على النبي صلى الله عليه وسلم في صلاة الكسوف من أمر الجنة والنار: 2/ 622 برقم (904).
(2)
إكمال المعلم بفوائد مسلم: 3/ 333.
(3)
يس: 39 - 40.
(4)
الأنعام: 96.
(5)
تفسير القرطبي: 7/ 46.
(6)
انظر: تفسير ابن كثير: 3/ 305، 6/ 577.
(7)
يس: 37، 38.
مشابهة المشركين والمنافقين في عبادتهم؛ فإن الشمس تطلع وتغرب بين قرني شيطان وعندئذ يسجد لها الكفار، "وقد نهينا عن التشبه بهم، بل وعما يؤدي إليه أو يوهمه"
(1)
.
وفي حديث إسلام عمرو بن عبسة رضي الله عنه أنه قال: "يا نبي الله أخبرني عما علمك الله وأجهله، أخبرني عن الصلاة؟ قال: صل صلاة الصبح، ثم أقصر عن الصلاة حتى تطلع الشمس حتى ترتفع؛ فإنها تطلع حين تطلع بين قرني شيطان وحينئذ يسجد لها الكفار، ثم صل فإن الصلاة مشهودة محضورة حتى يستقل الظل بالرمح، ثم أقصر عن الصلاة فإنه حينئذ تسجر جهنم، فإذا أقبل الفيء فصل فإن الصلاة مشهودة محضورة حتى تصلي العصر، ثم أقصر عن الصلاة حتى تغرب الشمس؛ فإنها تغرب بين قرني شيطان وحينئذ يسجد لها الكفار"
(2)
.
"وكان صلى الله عليه وسلم يكره التشبه بالكفار ويحب مخالفتهم وبذلك وردت سنته صلى الله عليه وسلم، وكأنه أراد - والله أعلم - أن يفصل دينه من دينهم، إذ هم أولياء الشيطان وحزبه فنهى عن الصلاة في تلك الأوقات"
(3)
.
وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " تلك صلاة المنافق، يجلس يرقب الشمس، حتى إذا كانت بين قرني الشيطان قام فنقرها أربعا لا يذكر الله فيها إلا قليلا"
(4)
، وفي هذا الحديث التحذير من"التشبه
(1)
دليل الفالحين لطرق رياض الصالحين لمحمد بن علان الصديقي، اعتنى به: سمير خالد الرجب، دار إحياء التراث العربي، بيروت، ط 1: 2/ 335.
(2)
سبق تخريجه: 263.
(3)
التمهيد: 4/ 11، وانظر: الاستذكار: 1/ 364.
(4)
صحيح مسلم، كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب استحباب التبكير بالعصر: 1/ 434 برقم (622).