الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
"كأن السائل أراد أنه مثل السيف في الطول، فرد عليه البراء رضي الله عنه فقال: بل مثل القمر، أي في التدوير، ويحتمل أن يكون أراد مثل السيف في اللمعان والصقال؟ فقال: بل فوق ذلك، وعدل إلى القمر لجمعه الصفتين من التدوير واللمعان"
(1)
.
سادساً: الإيمان باليوم الآخر:
سبق في المبحث السابق: الشمس بيان الاستدلال بها على الإيمان باليوم الآخر
(2)
، وحيث قرن القمر بالشمس؛ فإنه يستدل به على الإيمان باليوم الآخر بنفس الاستدلال بالشمس.
وقد ذكر الله عز وجل أنه يفصّل الآيات - ومنها القمر- لعل الناس يوقنون بلقاء ربهم، فقال تعالى:{اللَّهُ الَّذِي رَفَعَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى} ، ثم قال:{يُدَبِّرُ الْأَمْرَ يُفَصِّلُ الْآيَاتِ لَعَلَّكُمْ بِلِقَاءِ رَبِّكُمْ تُوقِنُونَ}
(3)
أي" يفصل لكم ربُّكم آيات كتابه، فيبينها لكم احتجاجًا بها عليكم، أيها الناس، لتوقنوا بلقاء الله، والمعاد إليه، فتصدقوا بوعده ووعيده، وتنزجروا عن عبادة الآلهة والأوثان، وتخلصوا له العبادة إذا أيقنتم ذلك"
(4)
.
وكما ذُكر أيضاً في المبحث السابق: الشمس
(5)
، وجه الدلالة على البعث، من جهة أن الذي خلق هذه الآيات العظيمة - ومنها الشمس والقمر - قادر على البعث بعد الموت، وإعادة الخلق.
(1)
فتح الباري: 6/ 573، 8/ 122، عمدة القاري شرح صحيح البخاري: 24/ 110.
(2)
ص: 263.
(3)
الرعد: 2.
(4)
تفسير الطبري: 13/ 115، وانظر: تفسير ابن كثير: 4/ 430.
(5)
ص: 264.
وفي بيان أول زمرة
(1)
تدخل الجنة بين صلى الله عليه وسلم أنهم على صورة القمر، فقال:"إن أول زمرة تدخل الجنة على صورة القمر ليلة البدر، والتي تليها على أضوء كوكب دري في السماء، لكل امرئ منهم زوجتان اثنتان، يرى مخ سوقهما من وراء اللحم، وما في الجنة أعزب"
(2)
.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "يدخل الجنة من أمتي سبعون ألفاً زمرة واحدة، منهم على صورة القمر" الحديث
(3)
.
" يعني: أنهم في إشراق وجوههم على صفة القمر ليلة تمامه، وكماله، وهي ليلة أربعة عشر، وبذلك سمي القمر بدراً في تلك الليلة، ومقتضى هذا أن أبواب الجنة متفاوتة بحسب درجاتهم"
(4)
.
وقد أقسم الله تعالى بآيات الليل - ومنها القمر إذا امتلأ نورًا بإبداره
(5)
- على ركوب الناس أطواراً متعددة، وأحوالاً متابينة، من خلق في مراحل متعددة، ثم موتٍ، ثم بعثٍ ومجازاةٍ، وهذه الأمور دالة على أن الله وحده هو المعبود، المدبر لعباده بحكمته ورحمته، وعلى البعث والجزاء
(6)
، قال تعال:{فَلَا أُقْسِمُ بِالشَّفَقِ (16) وَاللَّيْلِ وَمَا وَسَقَ (17) وَالْقَمَرِ إِذَا اتَّسَقَ (18) لَتَرْكَبُنَّ طَبَقًا عَنْ طَبَقٍ} الآيات
(7)
.
(1)
الزمرة: الجماعة في تفرقة بعضها في اثر بعض. انظر: شرح النووي على مسلم: 3/ 90.
(2)
صحيح مسلم كتاب الجنة وصفة نعيمها وأهلها، باب أول زمرة تدخل الجنة: 4/ 2178 برقم (2834).
(3)
صحيح مسلم، كتاب الإيمان، باب الدليل على دخول طوائف من المسلمين الجنة بغير حساب ولا عذاب: 1/ 198 برقم (217).
(4)
المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم: 7/ 179، وانظر: فتح الباري: 11/ 413.
(5)
انظر: تفسير ابن كثير: 8/ 359.
(6)
تفسير السعدي: 1/ 918.
(7)
الانشقاق: 16 - 19.