الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
3 - البحار:
من المشاهد المهولة في يوم القيامة تغير البحار عن طبيعتها المعهودة لما يحصل لها من أمر الله تعالى وذلك بخرابها كما قال تعالى: {وَإِذَا الْبِحَارُ سُجِّرَتْ}
(1)
.
وقد ذكر المفسرون أقوالاً كثيرة لمعنى سجرت وكلها تعطي معنى للتغيرات العظيمة التي أرادها الله تعالى.
فقيل معنى: {وَإِذَا الْبِحَارُ سُجِّرَتْ} أي أوقدت فصارت نارا تضطرم.
وقيل: ملئت بأن صارت بحرا واحدا وكثر ماؤها.
وقيل أرسل عذبها على مالحها، ومالحها على عذبها حتى امتلأت، وقيل فجرت فصارت بحرا واحدا.
وقيل: هو من سجرت التنور أسجره سجرا: إذا أحميته.
وقيل معنى سجرت: أنها صارت حمراء كالدم
(2)
.
وقال تعالى: {وَإِذَا الْبِحَارُ فُجِّرَتْ}
(3)
"أي فتح بعضها على بعض، عندما تسوى الأرض بعد زوال الجبال وتصبح قاعا صفصفا، يذهب البرزخ الحاجز، والحجر الذي كان يمنع الماء من الفيضان على الأرض، فتتدفق المياه على بعضها، وهي نار تضطرم فتوجف القلوب وتضطرب من هذا المشهد المروع"
(4)
.
(1)
التكوير: 6.
(2)
انظر: تفسير القرطبي: 19/ 230، وتفسير ابن كثير: 8/ 331، وتفسير الشوكاني المعروف بفتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير، تحقيق: د. عبدالرحمن عميرة، دار الوفاء، المنصورة، ط 2: 5/ 516.
(3)
الانفطار: 3.
(4)
تفسير القرطبي: 19/ 244، وانظر: تفسير ابن كثير: 8/ 341.
أما النظرة العلمية المعاصرة فيقول د. زغلول النجار -حفظه الله- عن البحر المسجور: "من المعاني اللغوية للبحر المسجور هو المملوء بالماء ، والمكفوف عن اليابسة ، وهو معنى صحيح من الناحية العلمية صحة كاملة، كما أثبتته الدراسات العلمية في القرن العشرين ، ومن المعاني اللغوية لهذا القسم القرآني المُبهِر أيضا أن البحر قد أُوقد عليه حتى حمي قاعه فأصبح مسجورًا، وهو كذلك من الحقائق العلمية التي اكتشفها الإنسان في العقود المُتأخِّرة من القرن العشرين ، والتي لم يكن لبشر إلمام بها قبل ذلك أبداً ، وهذا ما نفصله في الأسطر التالية:
أولًا: " {وَالْبَحْرِ الْمَسْجُورِ}
(1)
بمعنى المملوء بالماء والمكفوف عن اليابسة "
…
ثم ذكر دورة تكوّن مياه الأرض، ثم قال:"هذه الدورة المُحكَمة للمياه حول الأرض أدَّت إلى خزن أغلب ماء الأرض في بحارها ومحيطاتها، وإبقاء أقله على اليابسة ، وبهذه الدورة للماء حول الأرض تملح ماء البحار والمحيطات ، وبقيت نسبة ضئيلة على هيئة ماء عذب على اليابسة".
ثم ذكر: "أن الجليد المُتجمِّع فوق قطبي الأرض وفي قمم الجبال المُرتفِعة فوق سطحها إذا انصهر، وهذا لا يحتاج إلا إلى مجرد الارتفاع في درجة حرارة صيف تلك المناطق بحوالي خمس درجات مئوية، وإذا حدث ذلك فإن كم الماء الناتج سوف يؤدي إلى رفع منسوب المياه في البحار والمحيطات إلى أكثر من مائة متر، فيغرق أغلب المناطق الآهلة بالسكان والمُمتدَّة حول شواطئ تلك البحار والمحيطات ".
(1)
الطور: 6.
ثم قال: "من هنا كان تفسير القسم القرآني بـ {وَالْبَحْرِ الْمَسْجُورِ} بأن الله
-تعالى- يمن علينا- وهو صاحب الفضل والمنة- بأنه ملأ منخفضات الأرض بماء البحار والمحيطات ، وحجز هذا الماء عن مزيد من الطغيان على اليابسة منذ خلق الإنسان ، وذلك بحبس كميات من هذا الماء في هيئات مُتعدِّدة أهمها ذلك السُمْك الهائل من الجليد المُتجمِّع فوق قطبي الأرض وعلى قمم الجبال ، والذي يصل إلى أربعة كيلو مترات في قطب الأرض الجنوبي ، وإلى ثلاثة آلاف وثمانمائة من الأمتار في القطب الشمالي ، ولولا ذلك لغطى ماء الأرض أغلب سطحها ، ولما بقيت مساحة كافية من اليابسة للحياة بمختلف أشكالها الإنسانية ، والحيوانية ، والنباتية ، وهي إحدى آيات الله البالغة في الأرض ، وفي إعدادها لكي تكون صالحة للعمران ".
وقد ذكر عن الحمم التي في النار أن العلم أثبت"سنة 1962 أن قاع البحر يتسع من منتصفه، واتساع البحر صفة تلازم بحار العالم اليوم، وأحدث محيط وهو البحر الأحمر الذي يسمى المحيط الوليد (Baby Ocean) يتسع قاعه منذ نشأته باستمرار، ويبلغ معدل اتساعه السنوي حاليا 4 ـ 6 سم.
والمعروف بالمشاهدة أن الحمم تصعد، من تحت البحر، من عند الأماكن التي يتسع فيها البحر، وتبرد وتكون قاع البحار. ومن المؤكد أن تحت البحر ناراً، ومن المعلوم لدى علماء الجيولوجيا والبحار أن البحر الأحمر لم يكن له وجود في الزمن الماضي، وكانت أرض العرب وأرض أفريقية قطعة واحدة تشكل يابسة تسمى الأرض العربية النوبية، ثم خسفت الأرض عبر الخط الذي يمتد بمحاذاة منتصف البحر الأحمر الحالي. ومدت الأرض من هذا الموضع، وتصدعت وأخذ الخسف يكبر شيئا فشيئاً، وصاحبه هبوط الأرض، واتصل جوفها بسطحها، وصعدت الحمم من باطن الأرض، وبردت الحمم لتكون أول جزء من قاع البحر، وكانت تلك اللحظة
شهادة ميلاد البحر. ومنذ تلك اللحظة والبحر يتسع باستمرار من منتصفه، ومنذ تلك اللحظة لا يتوقف صعود الحمم، ويظل البحر مسجوراً بالنار من منتصفه"
(1)
.
وقد ذكر كذلك الحقيقة المؤكدة أن قاع البحر مسجور، والدليل على ذلك حيد - حافة- وسط المحيط
(2)
.
وفي مجلة الهيئة العلمية للإعجاز العلمي في القرآن والسنة"أن قاع البحر يسجر بالنار عند المنطقة الناتجة من تباعد القطعتين، ولا يكون البحر بحراً إلا إذا كانت حالته أنه مسجور.
فالبحار مسجورة من منتصفاتها، ولكن بالقدر الذي يسمح لها بالوجود إلى أن يأتيها الأمر فتسجر وتفجر {وَإِذَا الْبِحَارُ سُجِّرَتْ}
(3)
، {وَإِذَا الْبِحَارُ فُجِّرَتْ}
(4)
. وحينئذ ستمد الأرض مداً من منتصفات قيعان البحار، وتصعد الحمم من عندها فتملأ البحر ناراً وحينئذ تسجر البحار، وتمد البحار من منتصفاتها فتخرج أثقال الأرض، وحينئذ تفجر البحار ويكون قد تحقق قوله تعالى:{وَإِذَا الْأَرْضُ مُدَّتْ (3) وَأَلْقَتْ مَا فِيهَا وَتَخَلَّتْ (4) وَأَذِنَتْ لِرَبِّهَا وَحُقَّتْ}
(5)
"
(6)
.
(1)
"والبحر المسجور" للدكتور: زغلول النجار، موقع الدكتور زغلول النجار.
www.elnaggarzr.com/index.php? itm=f 17585927839360 a 49 ife 96460896067
(2)
المرجع السابق.
(3)
التكوير: 6.
(4)
الانفطار: 3.
(5)
الانشقاق: 3 - 5.
(6)
البحر المسجور واتساع قاع البحر، مجلة الهيئة العلمية للإعجاز العلمي في القرآن والسنة بمكة، العدد (27)، وموقع الهيئة.
http: //www.eajaz.org/arabic/? option=com_content&view=article&id=797&catid=85: 27
والتفسير الثاني للبحر المسجور: يقول الدكتور زغلول النجار: "بمعنى القائم على قاع أحمته الصهارة الصخرية المندفعة من داخل الأرض فجعلته شديد الحرارة "
(1)
.
ثم ذكر قيعان محيطات الأرض وما فيها وما يحصل لها وما ينتج منها من توسع وأنه "يصاحب كل من عمليتي توسع قاع المحيط في محوره الوسطي ، واصطدامه عند أطرافه بعدد من الهزات الأرضية ، والثورات والطفوح البركانية "
(2)
.
ثم ذكر تكون سلاسل من الصخور البركانية، وما يحصل من اندفاع الصهارة الصخرية بملايين الأطنان وأنه"مع تجدد اندفاع الصهارة الصخرية عبر مستويات هذه الصدوع العملاقة يتسع قاع المحيط باستمرار ، وتتجدد مادته بدفع الصخور القديمة في اتجاه شاطيء المحيط يمنة ويسرة ، ليحل محلها أحزمة أحدث عمرا تتكون من تجمد تلك الصهارة الجديدة ، وتترتب بصورة متوازية علي جانبي أغوار المحيطات والبحار ، ويهبط كل جانب من جانبي قاع المحيط المتسع بنصف معدل اتساعه الكلي تحت كل قارة من القارتين أو القارات المحيطة بشاطئيه ، وبذلك يمتليء محور المحيط بالصهارة الصخرية الحديثة المندفعة عبر مستويات الصدوع الممزقة لقاعه فتسجره ، بينما
(1)
والبحر المسجور للدكتور زغلول النجار، موقع الدكتور زغلول النجار.
http: //www.eajaz.org/arabic/index.php? option=com_content&view=article&id=243: --6&catid=112: 2010 - 08 - 24 - 22 - 34 - 41&Itemid=97
وانظر: روح المعاني في تفسير القرآن العظيم والسبع المثاني: 30/ 603.
(2)
المرجع السابق.
تندفع الصخور الأقدم بالتدريج في اتجاه الشاطئين حيث توجد أقدم صخور ذلك القاع ، والتي تستهلك باستمرار تحت القارات المحيطة
…
بذلك ثبت لكل من علماء الأرض والبحار ـ بالأدلة المادية الملموسة ـ أن كل محيطات الأرض (بما في ذلك المحيطان المتجمدان الشمالي والجنوبي) ، وأن أعدادا من بحارها (من مثل البحر الأحمر) ، قيعانها مسجرة بالصهارة الصخرية المندفعة بملايين الأطنان من داخل الأرض عبر شبكة الصدوع العملاقة التي تمزق الغلاف الصخري للأرض بالكامل وتصل إلى نطاق الضعف الأرضي ، وتتركز هذه الشبكة من الصدوع العملاقة أساسا في قيعان البحار والمحيطات"
(1)
.
وفي الختام يجب أن نعلم كما ذكرنا سابقا
(2)
" أن يوم القيامة من الأمور الغيبية التي لا يصح الكلام فيها إلا بدليلٍ من الكتاب أو السنة .. كما أنّ الآخرة لا تنطبق عليها نواميس الدنيا .. فلها نواميس مختلفة، ولذلك لا يصح أن نطبق قوانين الدنيا على الآخرة .. وإنّما نصدق بما جاءنا عن رسولنا الكريم صلّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلّم تسليماً كثيراً .. ولا نخوض في أشياءٍ غيبية لا نعرفها .. لأن هذا من القول بغير علمٍ"
(3)
.
وقد قال سبحانه وتعالى: {وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا}
(4)
.
(1)
المرجع السابق، وانظر: روح المعاني في تفسير القرآن العظيم والسبع المثاني: 30/ 63.
(2)
ص: 606.
(3)
موسوعة الإعجاز العلمي ليوسف الحاج: 404.
(4)
الإسراء: 36.