الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المطلب الخامس: انتفاخ الأهلة
من أشراط الساعة الصغرى انتفاخ الأهلة
(1)
، حيث يرى الهلال عند بدو ظهوره كبيرا، حتى يقال ساعة خروجه إنه لليلتين أو ثلاثة، فعن ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من اقتراب الساعة انتفاخ الأهلة، وأن يرى الهلال الليلة فيقال هو ابن ليلتين "
(2)
، وعن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من اقتراب الساعة أن يرى الهلال قَبَلا
(3)
، فيقال: لليلتين، وأن تتخذ المساجد طرقا، وأن يظهر موت الفجأة "
(4)
.
وهذا الحديث واضح اليوم، فكم يختلف الناس في دخول الشهر وخروجه خصوصاً عند دخول شهر رمضان وخروجه، وكم هو اليوم؟ وذلك لانتفاخ الهلال، حتى يُرى وكأنه لليلتين.
وعن أبي البختري
(5)
رحمه الله قال: "خرجنا للعمرة، فلما نزلنا ببطن نخلة قال: تراءينا الهلال، فقال بعض القوم: هو ابن ثلاث، وقال بعض القوم: هو ابن ليلتين، قال: فلقينا ابن عباس رضي الله عنهما فقلنا: إنا رأينا الهلال، فقال بعض
(1)
انتفاخ الأهلة: عظمها. فيض القدير: 6/ 10.
(2)
المعجم الصغير للطبراني، تحقيق: محمد سليمان سمارة، دار إحياء التراث العربي، بيروت: 367، وله طرق يقوي بعضها بعضاً. انظر: المقاصد الحسنة: 677، والسلسلة الصحيحة: 5/ 366.
(3)
قبلاً: بفتح القاف والباء أي يرى ساعة ما يطلع لعظمه ووضوحه من غير أن يتطلب. فيض القدير: 6/ 10.
(4)
المعجم الصغير للطبراني: 467.
(5)
هو سعيد بن فيروز ابن أبي عمران البختري، الطائي الكوفي، توفي سنة ثلاث وثمانين. انظر: تهذيب الكمال في أسماء الرجال للمزي، تحقيق: بشار عواد، مؤسسة الرسالة، بيروت، ط 1: 11/ 32.
القوم: هو ابن ثلاث، وقال بعض القوم: هو ابن ليلتين، فقال: أي ليلة رأيتموه، قال: فقلنا: ليلة كذا وكذا، فقال: إن رسول الله قال: "إن الله مدَّه للرؤية، فهو لليلة رأيتموه"
(1)
.
وفي رواية عنه: "أهللنا رمضان ونحن بذات عرق، فأرسلنا رجلاً إلى ابن عباس رضي الله عنهما يسأله، فقال ابن عباس رضي الله عنهما: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إن الله قد أمدَّه لرؤيته، فإن أغمي عليكم فأكملوا العدة"
(2)
.
قال القاضي عياض
(3)
رحمه الله: " قال بعضهم: الوجه أن يكون أمدَّه بالتشديد من الإمداد، ومدَّه من الامتداد. قال القاضي: والصواب عندي بقاء الرواية على وجهها، ومعناه أطال مدته إلى الرؤية
…
يقال منه مدَّ وأمدَّ. قال الله تعالى: {وَإِخْوَانُهُمْ يَمُدُّونَهُمْ فِي الْغَيِّ}
(4)
، قرئ بالوجهين أي يطيلون لهم. قال: وقد يكون أمده من المدة التي جعلت له. قال صاحب الأفعال: أمددتك أي أعطيتكها، أو يكون من الإمداد وهي الزيادة في الشيء من غيره.
فهؤلاء الرهط، أبو البختري ومن معه لما استنكروا كِبَرَ جرم الهلال، ورأوا أنه أكبر من أن يكون ابن ليلة، لعلوِّه وضخامته، بيَّن لهم ابن عباس رضي الله عنهما أنه ابن ليلة، وألَاّ عبرة بكبره، معللاً بأن الله هو الذي مدَّه ليروه"
(5)
.
(1)
صحيح مسلم، كتاب الصيام، باب بيان أن لا اعتبار بكبر الهلال وصغره وأن الله تعالى أمده للرؤية: 2/ 765 برقم (1088).
(2)
صحيح مسلم، كتاب الصيام، باب بيان أن لا اعتبار بكبر الهلال وصغره وأن الله تعالى أمده للرؤية: 2/ 765 برقم (1088) ..
(3)
هو عياض بن موسى بن عياض اليحصبي المشهور بالقاضي، من علماء المالكية، من مؤلفاته: إكمال المعلم بفوائد مسلم، والشفا في حقوق المصطفى، وترتيب المدارك وغيرها، توفي سنة 544.
انظر: سير أعلام النبلاء: 20/ 212، وشذرات الذهب: 4/ 138.
(4)
الأعراف: 202.
(5)
إكمال المعلم بفوائد مسلم: 4/ 23، وشرح النووي على مسلم: 7/ 198.