الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والأرض، ثم سخرت له الحاملة التي تحمله على متنها كالجمل الذي يحمل الراوية، ثم سخرت له المؤلفة فتؤلف بين كِسفه وقطعه، ثم يجتمع بعضها إلى بعض فيصير طبقا واحدا، ثم سخرت له اللاقحة بمنزلة الذكر الذي يلقح الأنثى فتلقحه بالماء ولولاها لكان جهاما لا ماء فيه، ثم سخرت له المزجية التي تزجيه وتسوقه إلى حيث أمر فيفرغ ماءه هنالك، ثم سخرت له بعد إعصاره المفرقة التي تبثه وتفرقه في الجو فلا ينزل مجتمعا ولو نزل جملة لأهلك المساكن والحيوان والنبات بل تفرقه فتجعله قطرا"
(1)
.
أولاً: توحيد الربوبية:
من آيات الله الدالة على قدرته وتدبيره وسلطانه، تسخيره البحر لتجري فيه الفلك بأمره، وإجرائه الهواء بقدر ما يحتاجون إليه لسيرهم، وتصرفه سبحانه في هذه الريح التي لو شاء لأسكنها حتى لا تتحرك السفن، بل تظل راكدة لا تجيء ولا تذهب، بل واقفة على ظهره.
(2)
.
أي تقليبها في مهابها: قبولاً ودبوراً وجنوباً وشمالاً، وفي أحوالها: حارةً وباردةً وعاصفةً ولينة، وتارة مبشرة بين يدي السحاب، وطوراً تسوقه، وأوانةً تجمعه، ووقتاً تفرقه، وحيناً تصرفه. وتارة بالرحمة وتارة بالعذاب
(3)
، آية من آيات الله يتصرف فيها، وذلك مما لا يقدر عليه أحد إلا الله، فلو أراد كل من في العالم قلب الريح من الشمال إلى الجنوب أو إذا كان الهواء ساكنًا أن
(1)
مفتاح دار السعادة: 1/ 33.
(2)
البقرة/ 164.
(3)
انظر: تفسير الطبري: 2/ 78، وتفسير القرطبي: 2/ 197.
يحركه لتعذر
(1)
، وهذا من أدلة ربوبيته سبحانه وتعالى.
(2)
.
"فهو سبحانه إذا شاء جعل الريح ساكنة فوقفت، وإن شاء أرسلها ريحًا قوية عاتية، فأخذت السفن وأحالتها عن سيرها المستقيم، فصرفتها ذات اليمين أو ذات الشمال، آبقة لا تسير على طريق، ولا إلى جهة مقصد؛ ولكن من لطفه ورحمته أنه يرسله بحسب الحاجة"
(3)
، وهذا دليل على كمال قدرته وسلطانه
(4)
.
وأخبر تعالى أنه مالك كل شيء، وأن كل شيء سهل عليه، يسير لديه، وأن عنده خزائن الأشياء من جميع الصنوف، وأنه ينزل من هذه الخزائن بقدر معلوم كما يشاء ويريد، لما له في ذلك من الحكمة البالغة، والرحمة بعباده.
وأنه وحده تعالى يرسل الرياح اللواقح
(5)
(6)
.
(1)
انظر: تفسير الرازي: 27/ 149، 14/ 114.
(2)
الشورى: 32 - 35
(3)
تفسير ابن كثير: 7/ 209.
(4)
انظر: تفسير القرطبي: 7/ 229، زاد المسير: 6/ 307.
(5)
انظر: تفسير ابن كثير: 4/ 531، وتفسير السعدي:431.
(6)
الحجر: 21 - 25.