الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الدلائل العقدية للآية الكونية - الشمس
-:
الشمس آية كبرى ودلالة عظمى من آيات الله تعالى، وشروقها وغروبها بنظام لا تحيد عنه منذ خلقها الله عز وجل دليل على قدرة الله وعلمه وحكمته.
ولما ذكر ابن القيم رحمه الله فصولاً متعلقة بالكواكب والشمس وما فيها من الحكم والمنافع، وأن الله عز وجل " لم يقسم بشيء من مخلوقاته أكثر من السماء والنجوم والشمس والقمر"
(1)
.
قال: "وهل هذا إلا صنع من بهرت العقول حكمته، وشهدت مصنوعاته ومبتدعاته بأنه الخالق البارئ المصور الذي ليس كمثله شيء، أحسن كل شيء خلقه، وأتقن كل ما صنعه، وأنه العليم الحكيم، الذي خلق فسوى، وقدر فهدى، وأن هذه إحدى آياته الدالة عليه، وعجائب مصنوعاته الموصلة للأفكار إذا سافرت فيها إليه، وأنه خلق مسخر مربوب مدبر".
ثم قال: " فهذا الترتيب والنظام الذي هي عليه من أدل الدلائل على وجود الخالق وقدرته وإرادته وعلمه وحكمته ووحدانيته"
(2)
.
أولاً: وجود الله:
أخبر الله عز وجل عن محاجة إبراهيم عليه السلام للنمرود في وجود الله، وكان النمرود ينكر وجود الله عز وجل، وأن يكون ثم إله غيره، وأنه يحي ويميت، فاستدل إبراهيم عليه السلام على وجود الله، وأنه المالك المتصرف المستحق للعبادة وحده - بعد الاستدلال بأن الله يحي ويميت- بقوله: {فَإِنَّ اللَّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ
(1)
مفتاح دار السعادة: 1/ 303 - 304.
(2)
المرجع السابق: 1/ 326.
مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ الْمَغْرِبِ فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ}
(1)
.
فحدوث هذه الأشياء المشاهدة وإيجادها بعد العدم، وعدمها بعد الوجود دليل على وجود الله؛ لأنها لم تحدث بنفسها فلا بد لها من موجد أوجدها وهو الرب، فإذا" كنت كما تدعي من أنك أنت الذي تحيي وتميت فالذي يحيي ويميت هو الذي يتصرف في الوجود، في خلق ذواته، وتسخير كواكبه وحركاته، فهذه الشمس تبدو كل يوم من المشرق، فإن كنت إلهًا كما ادعيت تحيي وتميت فأت بها من المغرب.
فلما علم عجزه وانقطاعه، وأنه لا يقدر على المكابرة في هذا المقام بهت أي أخرس فلا يتكلم، وقامت عليه الحجة"
(2)
.
وفي" ضمن هذه المناظرة من حسن الاستدلال بأفعال الرب المشهودة المحسوسة التي تستلزم وجوده وكمال قدرته ومشيئته وعلمه ووحدانيته من الإحياء والإماتة المشهودين الذين لا يقدر عليهما إلا الله وحده، وإتيانه تعالى بالشمس من المشرق لا يقدر أحد سواه على ذلك"
(3)
.
وقد ذكر الله عز وجل من الأدلة على وجوده وقدرته التامة خلق الشمس وجريانها
(4)
(5)
.
وفي قوله صلى الله عليه وسلم: " إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله"
(6)
، " أي دليلان
(1)
البقرة: 258.
(2)
تفسير ابن كثير: 1/ 686، وانظر: تفسير السعدي: 111.
(3)
مفتاح دار السعادة: 2/ 285.
(4)
انظر: تفسير الطبري: 23/ 9، وتفسير القرطبي: 15/ 26، تفسير ابن كثير: 6/ 575.
(5)
يس: 37 - 38.
(6)
سبق تخريجه: 5.