الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المطلب الثالث: الدخان
من علامات الساعة وأشراطها العظمى ظهور دخان قبل قيام الساعة، قال تعالى:{فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ (10) يَغْشَى النَّاسَ هَذَا عَذَابٌ أَلِيمٌ (11) رَبَّنَا اكْشِفْ عَنَّا الْعَذَابَ إِنَّا مُؤْمِنُونَ (12) أَنَّى لَهُمُ الذِّكْرَى وَقَدْ جَاءَهُمْ رَسُولٌ مُبِينٌ}
(1)
.
وفي حديث حذيفة رضي الله عنه المتقدم، قال: اطلع علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن نتذاكر الساعة فقال: " ما تذاكرون "؟ قلنا: نذكر الساعة، قال: " إنها لن تقوم حتى تروا قبلها عشر آَيات فذكر الدخان
…
"
(2)
.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " بادروا بالأعمال ستا: وذكر منها الدخان
…
"
(3)
.
وقد اختلف العلماء حول المراد بالدخان ومتى يحدث؟ على قولين:
1 -
فذهب بعضهم إلى أن هذا الدخان هو ما أصاب قريشا من الشدة والجوع عندما دعا عليهم النبي صلى الله عليه وسلم حين لم يستجيبوا له، وجعلوا يرفعون أبصارهم إلى السماء فلا يرون إلا الدخان
(4)
.
وقد استدل هؤلاء بما جاء في حديث مسروق بن الأجدع
(5)
رحمه الله قال:
(1)
الدخان: 10 - 13.
(2)
سبق تخريجه: 586.
(3)
صحيح مسلم، كتاب الفتن وأشراط الساعة، باب في بقية أحاديث الدجال: 4/ 2267، برقم (2974).
(4)
انظر: تفسير الطبري: 25/ 132، وتفسير القرطبي: 16/ 131، وتفسير ابن كثير: 1/ 247.
(5)
هو مسروق بن الأجدع بن مالك الهمذاني، الوادعي، الكوفي، من كبار أئمة التابعين وفقهائهم، ثقة عابد، أخرج له الستة، توفي سنة 63 هـ.
انظر: سير أعلام النبلاء: 4/ 63، تهذيب التهذيب: 10/ 109.
" كنا جلوسا عند عبد الله بن مسعود رضي الله عنه فأتاه رجل فقال: يا أبا عبد الرحمن، إن قاصاً يقص ويزعم أن آية الدخان تجيء فتأخذ بأنفاس الكفار، ويأخذ المؤمنين منه كهيئة الزكام، فقال عبد الله، وجلس وهو غضبان: يا أيها الناس اتقوا الله، من علم منكم شيئا فليقل بما يعلم، ومن لم يعلم فليقل: الله أعلم، فإنه أعلم لأحدكم أن يقول لما لا يعلم: الله أعلم، فإن الله عز وجل قال لنبيه صلى الله عليه وسلم:{قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ}
(1)
، إن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما رأى من الناس إدبارا قال لهم:" اللهم سبع كسبع يوسف"، قال: فأخذتهم سنة حصت كل شيء حتى أكلوا الجلود والميتة من الجوع، وينظر إلى السماء أحدهم فيرى كهيئة الدخان"
(2)
.
2 -
وذهب كثير من العلماء إلى أن الدخان هو من الآيات المنتظرة التي لم تأت بعد، وسيقع قرب يوم القيامة.
وقد رجح الحافظ ابن كثير رحمه الله هذا القول مستدلا بالأحاديث التي سبق ذكرها عند الاستدلال على هذه الآية (آية الدخان).
قال ابن كثير رحمه الله بعد ذكر الأدلة وقول ابن عباس رضي الله عنه في أن الدخان من الآيات المنتظرة"وهكذا قول من وافقه من الصحابة والتابعين رضي الله عنهم، مع الأحاديث المرفوعة من الصحاح والحسان وغيرها التي أوردوها مما فيه مقنع ودلالة ظاهرة على أن الدخان من الآيات المنتظرة، مع أنه ظاهر القرآن، قال الله تبارك وتعالى:{فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ} أي بين
(1)
ص: 86.
(2)
صحيح مسلم، كتاب صفات المنافقين وأحكامهم، باب الدخان: 4/ 2155، برقم (2798).
واضح، يراه كل أحد، وعلى ما فسر به ابن مسعود رضي الله عنه إنما هو خيال رأوه في أعينهم من شدة الجوع والجهد، وهكذا قوله تعالى:{يَغْشَى النَّاسَ} ، وقوله تعالى:{هَذَا عَذَابٌ أَلِيمٌ} أي يقال لهم ذلك تقريعا وتوبيخا"
(1)
.
أما النظرة العلمية المعاصرة فيقول الدكتور زغلول النجار -حفظه الله- عن الإشارات العلمية والحقائق التاريخية في سورة الدخان: "الإشارة إلى دخان السماء الذي يصل إلى الأرض في صورة من صور العقاب الإلهي ، أو كواحدة من العلامات الكبرى للساعة ، ونحن نرى اليوم نجوم السماء تتخلق من دخان السماء ، ثم تنفجر بعد انتهاء أجلها لتعود إلى دخان السماء.
وهذه العلامة إشارة إلى بدء انهدام النظام الكوني بتحول النجوم إلى دخان يصل إلى سكان الأرض كنوع من العذاب الأليم الذي توعد الله ـ تعالى ـ به العاصين من عباده"
(2)
.
وهكذا ذكر، والله أعلم بحقيقة الأمر.
(1)
تفسير ابن كثير: 7/ 249، وانظر: البداية والنهاية: 19/ 265.
(2)
تفسير قوله تعالى: {فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ} للدكتور زغلول النجار.
http: //www.elnaggarzr.com/index.php? itm=2 fdae 23 a 8 ce 7119 cca 318 ebebb 479 b 67