الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المطلب الأول: ما يكون مع المسيح الدجال -بإذن الله
-
من أشراط الساعة الكبرى خروج الدجال
(1)
، وقد ورد أنه يأتي القوم فيدعوهم فيستجيبون له، فيأمر السماء فتمطر، ويأتي القوم فيدعوهم فلا يستجيبون له، فيصبحون ممحلين
(2)
.
ففي حديث النواس بن سمعان رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "فيأتي على القوم فيدعوهم فيؤمنون به ويستجيبون له فيأمر السماء فتمطر، والأرض فتبنت .. ثم يأتي القوم فيدعوهم فيردون عليه قوله، فيصبحون ممحلين ليس بأيديهم شيء من أموالهم، ويمر بالخربة
(3)
، فيقول لها أخرجي كنوزك فتتبعه كنوزها كيعاسيب النحل
(4)
" الحديث
(5)
.
ومما يفتن الدجال به الخلق أن معه ما يشبه الجنة والنار، أو معه ما يشبه نهرا من ماء، ونهرا من نار، وواقع الأمر ليس كذلك، فإن الذي يرونه نارا إنما هو ماء بارد، وحقيقة الذي يرونه ماء باردا نار.
(1)
انظر: أشراط الساعة وذهاب الأخيار وبقاء الأشرار لعبدالملك بن حبيب الأندلسي، تحقيق: عبدالله بن عبدالمؤمن القماري، دار أضواء السلف، الرياض، ط 1: 97، والبداية والنهاية: 19/ 113، وأشراط الساعة، ليوسف الوابل:275.
(2)
انظر: شرح النووي على مسلم: 18/ 58 - 59.
(3)
الخربة: أي الأرض الخراب. انظر: الصحاح: 2/ 35، والقاموس المحيط:74.
(4)
أي ذكور النحل. قال القاضي المراد جماعة النحل لا ذكورها خاصة، لكن كنى عن الجماعة باليعسوب وهو أميرها لأنه متى طار تبعته جماعته. انظر: شرح النووي على مسلم: 18/ 67.
(5)
صحيح مسلم، كتاب الفتن وأشراط الساعة، باب ذكر الدجال وصفته وما معه: 4/ 2250 برقم (2937).
عن حذيفة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال في الدجال: " إن معه ماءً وناراً، فناره ماء بارد، وماؤه نار"
(1)
.
وفي رواية عند مسلم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لأنا أعلم بما مع الدجال منه، معه نهران يجريان: أحدهما: رأي العين، ماء أبيض، والآخر: رأي العين، نار تأجج، فإما أدركن أحد فليأت النهر الذي يراه نارا وليغمض، ثم ليطأطئ رأسه فيشرب منه، فإنه ماء بارد"
(2)
.
وفي رواية أخرى عن حذيفة رضي الله عنه: " إن الدجال يخرج، وإن معه ماء ونارا، فأما الذي يراه الناس ماء فنار تحرق، وأما الذي يراه الناس نارا، فماء بارد عذب، فمن أدرك ذلك منكم فليقع في الذي يراه نارا، فإنه ماء عذب طيب"
(3)
.
فيتضح من هذه النصوص أن الناس لا يدركون ما مع الدجال حقيقة، وأن ما يرونه لا يمثل الحقيقة بل يخالفها، ولذلك فقد جاء في بعض الأحاديث في صحيح مسلم:"وإنه يجيء معه مثل الجنة والنار، فالتي يقول: إنها الجنة هي النار "
(4)
.
ومن فتنته أنه يقتل ذلك الرجل المؤمن الذي يخرج إليه ويشهد عليه بأنه الدجال، ثم يعجز عن قتله ولا يسلط عليه، ففي صحيح البخاري عن أبي سعيد رضي الله عنه قال: حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم حديثاً طويلاً عن الدجال، فكان فيما
(1)
صحيح البخاري، كتاب الفتن، باب ذكر الدجال: 1360 برقم (7130).
(2)
صحيح مسلم، كتاب الفتن وأشراط الساعة، باب ذكر الدجال وصفته وما معه: 4/ 2248 برقم (2934).
(3)
صحيح مسلم، كتاب الفتن وأشراط الساعة، باب ذكر الدجال وصفته وما معه: 4/ 2249، برقم (2935).
(4)
صحيح مسلم، كتاب الفتن وأشراط الساعة، باب ذكر الدجال وصفته وما معه: 4/ 2250 برقم (2936).
يحدثنا أنه قال: "يأتي الدجال - وهو محرم عليه أن يدخل نقاب المدينة - فينزل بعض السباخ التي تلي المدينة، فيخرج إليه يومئذ رجل هو خير الناس، أو من خير الناس، فيقول: أشهد أنك الدجال الذي حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم حديثه، فيقول الدجال، أرأيتم إن قتلت هذا ثم أحييته، هل تشكون في الأمر؟ فيقولون: لا، فيقتله، ثم يحييه، فيقول: والله ما كنت فيك أشد بصيرة مني اليوم، فيريد الدجال أن يقتله، فلا يسلط عليه"
(1)
.
وهذه الآية التي أعطاها الله آياها من إحياء الموتى -وهي آية عظيمة من آيات الأنبياء كما حصل لعيسى عليه السلام إنما هي على سبيل الفتنة للعباد، وقد بأن لهم بالأدلة أنه المسيح مبطل غير محق في دعواه وأنه أعور، ومكتوب على وجهه كافر يقرؤه كل مسلم. وهذا نقص له في ذاته وقدره.
أما آيات الأنبياء فهي سالمة من المعارضة فلا يوجد تشابه بينهما
(2)
.
ومن الأمور التي تحصل عند خروج الدجال حبس المطر والنبات، فقبيل خروج الدجال بثلاث سنوات، يأمر الله الأرض في السنة الأولى أن تمسك ثلث نباتها، والسماء أن تمسك ثلث مطرها، وفي السنة الثانية: يأمر الله الأرض أن تمسك ثلثي النبات، والسماء أن تمسك ثلثي المطر، وفي السنة الثالثة: قبل خروجه يأمر الله الأرض فلا تنبت شيئا، ويأمر السماء فلا تمطر شيء، فلا يبقى ذات ظلف إلا هلكت إلا ما شاء الله.
عن أسماء بنت يزيد الأنصارية رضي الله عنها؛ قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيتي، فذكر الدجال، فقال: "إن بين يديه ثلاث سنين: سنة تمسك السماء ثلث قطرها والأرض ثلث نباتها، والثانية تمسك السماء ثلثي قطرها والأرض ثلثي
(1)
صحيح البخاري، كتاب الفتن، باب لا يدخل الدجال المدينة: 1361 برقم (7132).
(2)
انظر: فتح الباري: 13/ 103، شرح النووي على مسلم: 18/ 71.