الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ما يوازيه في بعض صفاته ويخالفه في بعضها وتكون بالأضداد وغيرها"
(1)
.
فوصف السماء يقابله الأرض، ووصف الليل يقابله النهار وهكذا.
قال تعالى: {الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِرَاشًا وَالسَّمَاءَ بِنَاءً}
(2)
، فوصْف الأرض فراشاً يقابل وصف السماء بناءً، وقد جاء هذا الوصف عن السماء مع الأرض قراراً، قال تعالى:{اللَّهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ قَرَارًا وَالسَّمَاءَ بِنَاءً}
(3)
.
ومنه قوله تعالى في المقابلة بين الليل والنهار: {هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَالنَّهَارَ مُبْصِرًا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ}
(4)
(5)
.
ثامناً: الإقسام من الله بها لبيان أهمية هذا المقسم به والمقسم عليه
، ولبيان آيات العبرة والقدرة التي تظهر في هذا الكون الذي خلقه الله ونظمه
(6)
.
والقسم في الخطاب من أساليب تأكيد القضية وتقريرها، ودفع الخصم إلى الاعتراف بما يجحد وينكر، أو يتردد ويتخوف منه.
قال السيوطي
(7)
رحمه الله مبينا غاية القسم: "القصد بالقسم تحقيق الخبر
(1)
البرهان في علوم القرآن لمحمد بن عبد الله الزركشي، تحقيق: محمد أبو الفضل إبراهيم، المكتبة العصرية، بيروت، 1419: 3/ 458.
(2)
البقرة: 22.
(3)
غافر: 64.
(4)
يونس: 67.
(5)
النمل: 86.
(6)
انظر: التعليق العلمي على المنتخب في تفسير القرآن الكريم للجنة القرآن والسنة في المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية في القاهرة، دار الثقافة، الدوحة، ط 8:801.
(7)
هو عبد الرحمن بن أبي بكر بن محمد السيوطي، له مؤلفات كثيرة، منها: الأمر بالإتباع والنهي عن الابتداع، والخصائص الكبرى، وشرح الصدور بأحوال الموتى والقبور، والدر المنثور في التفسير بالمأثور وغيرها، توفي سنة 911. انظر: الضوء اللامع للسخاوي: 4/ 65 - 70، وشذرات الذهب: 8/ 51.
وتوكيده"
(1)
.
وقال ابن القيم رحمه الله: " والمقسم عليه يراد بالقسم توكيده وتحقيقه فلابد أن يكون بما يحسن فيه ذلك كالأمور الغائبة والخفية إذا أقسم على ثبوتها فأما الأمور الظاهرة المشهورة كالشمس والقمر والليل والنهار والسماء والأرض فهذه يقسم بها ولا يقسم عليها"
(2)
.
ويتنوع القسم بالآيات الكونية حسب تنوعها من آيات فلكية وآيات زمنية وآيات جوية
(3)
.
قال تعالى: {فَلَا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ (75) وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ}
(4)
.
وهذا القسم بهذه الآيات من باب التعظيم والتكريم لهذه المخلوقات وأنها شواهد ودلائل على عظمة الخالق وقدرته وتوحيده.
قال ابن كثير رحمه الله عند تفسير قوله تعالى: {فَلَا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ}
(5)
: "والذي عليه الجمهور أنه قسم من الله عز وجل، يقسم بما شاء من خلقه، وهو دليل على عظمته"
(6)
.
(1)
الإتقان في علوم القرآن: 4/ 46.
(2)
انظر: مجموع الفتاوى: 13/ 314، والتبيان في أقسام القرآن لابن القيم، تحقيق: محمد زهري النجار، المؤسسة السعيدية، الرياض: 1/ 46.
(3)
انظر: منهج القرآن الكريم في عرض الظواهر الكونية: 164.
(4)
الواقعة: 75 - 76.
(5)
الواقعة: 75.
(6)
تفسير ابن كثير: 4/ 319، وانظر: الإتقان في علوم القرآن: 4/ 46.
ولذلك يقسم الله بهذه الآيات الكونية على أمور عظيمة
(1)
، ومن ذلك القسم بالزاجرات - وهي الملائكة- تزجر السحاب، وعلى القول الأخر فأنه قسم بالصافات - وهي الطير تصف أجنحتها في الهواء -
(2)
، والسحاب والطير من آيات الله الكونية أقسم بها على التوحيد، قال تعالى:{وَالصَّافَّاتِ صَفًّا (1) فَالزَّاجِرَاتِ زَجْرًا (2) فَالتَّالِيَاتِ ذِكْرًا (3) إِنَّ إِلَهَكُمْ لَوَاحِدٌ}
(3)
.
وعلى أن القرآن الكريم حق وصدق ومنزل من عند الله قال تعالى: {فَلَا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ (75) وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ (76) إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ (77) فِي كِتَابٍ مَكْنُونٍ (78) لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ (79) تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ}
(4)
.
وعلى أن محمداً صلى الله عليه وسلم صادق القول وأن كلامه وحي من الله، قال تعالى:{وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى (1) مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى (2) وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى}
(5)
.
والقسم بهذه الآيات الكونية على نمط جلي واضح، وهو القسم بالظاهرة وأحوالها المنتظمة الدالة على عظمة خالقها، ومشيئته وحكمته ليفرد بالتأله والعبادة كما أفرد بالربوبية، ومن ذلك قسمه سبحانه بالليل في جميع أحواله قال تعالى:{وَاللَّيْلِ إِذْ أَدْبَرَ}
(6)
، وقال تعالى:{وَاللَّيْلِ إِذَا عَسْعَسَ}
(7)
، وقال تعالى:{وَاللَّيْلِ وَمَا وَسَقَ}
(8)
، وقال تعالى:{وَاللَّيْلِ إِذَا يَسْرِ}
(1)
انظر: منهج القرآن الكريم في عرض الظواهر الكونية: 157 - 158.
(2)
انظر: تفسير القرطبي: 14/ 61، وتفسير ابن كثير: 7/ 5.
(3)
الصافات: 1 - 4.
(4)
الواقعة: 75 - 80.
(5)
النجم: 1 - 4.
(6)
المدثر: 33.
(7)
التكوير: 17.
(8)
الانشقاق: 17.