الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الدلائل العقدية للآية الكونية - النبات
-:
ورد ذكر النباتات وإنباتها وإخراجها من الأرض وإثمارها، في كثير من آيات القرآن الكريم، وخصوصاً الآيات المكية.
وهذا لم يكن"لمجرد تعداد نعم الله فحسب، إنما جاء في آيات ترتبط بعملية الخلق والإحياء والبعث والنشور، وفي آيات تحض الناس على التبصر والتأمل، والتعقل والتدبر، وفي آيات تبطل ما ينكره الكافرون من قدرة الله على الإحياء وخلق الحي من الميت، وبعث الناس من قبورهم بعد موتهم وهلاكهم"
(1)
.
(2)
.
ومن يتأمل في هذه النباتات والثمار كيف نوعها الخالق في أحجامها وأشكالها وألوانها وروائحها ومذاقها، وهي في بقعة واحدة، وتسقى بماء واحد. قال تعالى:{وَفِي الْأَرْضِ قِطَعٌ مُتَجَاوِرَاتٌ وَجَنَّاتٌ مِنْ أَعْنَابٍ وَزَرْعٌ وَنَخِيلٌ صِنْوَانٌ وَغَيْرُ صِنْوَانٍ يُسْقَى بِمَاءٍ وَاحِدٍ وَنُفَضِّلُ بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ فِي الْأُكُلِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ}
(3)
.
فإنه سيرى:
(1)
حياة النبات في ضوء القرآن والسنة والعلم الحديث، لكمال الدين البتانوني، موقع موسوعة الإعجاز العلمي في القرآن والسنة:
www.quran-n.com/firas/arabicold/print-details.php? page=show-det 8&id=733
(2)
فصلت: 39.
(3)
الرعد: 4.
عجائبُ لا تنتهي في النبات
…
تَدَلُّ على الخالق المقتدرْ
(1)
.
قال ابن القيم رحمه الله مبيناً شأن هذه الآية الكونية: " فهذا النبات يغذي، وهذا يصلح الغذاء، وهذا ينفذه، وهذا يضعف، وهذا سم قاتل، وهذا شفاء من السم، وهذا يمرض، وهذا دواء من المرض، وهذا يبرد، وهذا يسخن، وهذا إذا حصل في المعدة قمع الصفراء من أعماق العروق، وهذا إذا حصل فيها ولد الصفراء واستحال اليها، وهذا يدفع البلغم والسوداء، وهذا يستحيل اليهما، وهذا يهيج الدم، وهذا يسكنه، وهذا ينوم، وهذا يمنع النوم، وهذا يفرح، وهذا يجلب الغم إلى غير ذلك من عجائب النبات التي لا تكاد تخلو ورقة منه ولاعرق ولا ثمرة من منافع تعجز عقول البشر عن الاحاطة بها وتفصيلها.
وانظر إلى مجاري الماء في تلك العروق الرقيقة الضئيلة الضعيفة التي لا يكاد البصر يدركها إلا بعد تحديقه، كيف يقوى قسره واجتذابه من مقره ومركزه إلى فوق، ثم ينصرف في تلك المجاري بحسب قبولها وسعتها وضيقها، ثم تتفرق وتتشعب وتدق إلى غاية لا ينالها البصر.
ثم انظر إلى تكون حمل الشجرة، ونقلته من حال إلى حال كتنقل أحوال الجنين المغيب عن الأبصار ترى العجب العجاب، فتبارك الله رب العالمين، وأحسن الخالقين، بينا تراها حطبا قائما عاريا لا كسوة عليها إذ كاسها ربها وخالقها من الزهر أحسن كسوة، ثم سلبها تلك الكسوة، وكساها من الورق كسوة هي أثبت من الأولى، ثم اطلع فيها حملها ضعيفا ضئيلا بعد أن أخرج ورقها صيانة وثوبا لتلك الثمرة الضعيفة لتستجب به من الحر والبرد والآفات،
(1)
انظر: براهين وأدلة إيمانية لعبد الرحمن حسن حبنكه الميداني، دار القلم دمشق، ط 1:469.