الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الدلائل العقدية للآية الكونية - الطاعون
-:
الطاعون مرض من الأمراض، وقد سبق ذكر الدلائل العقدية للأمراض عموما
(1)
، وحيث أن للطاعون تعلق بأشراط الساعة الصغرى فسيتم ذكر الدلائل المتعلقة به خصوصا.
أولاً: الإيمان بالملائكة:
من الإيمان بالملائكة: الإيمان بأعمالهم ومنها أنهم يحرسون المدينة من دخول الطاعون. عن أنس بن مالك رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " المدينة يأتيها الدجال فيجد الملائكة يحرسونها فلا يقربها الدجال، ولا الطاعون إن شاء الله "
(2)
.
ثانياً: الإيمان بالرسل:
من الإيمان بالرسل الإيمان بجميع ما أخبروا به ومن ذلك انتشار الطاعون عند ظهور الفاحشة، عن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"لم تظهر الفاحشة في قوم قط حتى يعلنوا بها؛ إلا فشا فيهم الطاعون والأوجاع التي لم تكن مضت في أسلافهم الذين مضوا"
(3)
.
يقول الدكتور محمد على البار في كتابه - الأمراض الجنسية - عن انتشار الأمراض: "ولا شك أن الهربس لم يكن منتشراً بهذه الصورة ولا قريباً من
(1)
ص: 544.
(2)
صحيح البخاري، كتاب الفتن، باب لا يدخل الدجال المدينة: 1361 برقم (7134).
(3)
سنن ابن ماجه، كتاب الفتن، باب العقوبات: 432 برقم (432)، ومستدرك الحاكم: 4/ 540، وقال صحيح على شرط مسلم، وانظر: فتح الباري: 10/ 193، والسلسلة الصحيحة: 1/ 167.
عشرها أو واحد بالمئة منها منذ عشرين عاما فقط"
(1)
.
أيضاً: "فإن أحدا من العلماء لم يسبق له وصف هذا المرض أو الطاعون من قبل وهو ما ختم به رسول الله صلى الله عليه وسلم حديثه الشريف في قوله: "
…
التي لم تكن في أسلافهم الذين مضوا" فانظر إلى خبر رسول الله صلى الله عليه وسلم الواثق في الله تعالى"
(2)
.
وهذا يدل على صدق ما أخبر به الرسول صلى الله عليه وسلم وإعجاز في حديثه من جهتين:
إن رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم يخبر عن حال أهل الفاحشة في كل زمان ومكان، بثقة المتكلم عن الله، وما كان أغناه أن يصف الطواعين والأوجاع بأنها لم تكن في أسلافهم الذين مضوا، هذا لو كان بشرا عاديا حتى يضمن كلامه في المستقبل
…
ولكن رسولنا الكريم يثق في الله تعالى ويتكلم عن الله، فأنبأ أن هذه الطواعين والأوجاع سيصيب الله بها أهل الفاحشة، وستكون جديدة وغير معروفة. وهكذا نرى في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم إعجازين:
"الأول: إخباري
…
تحديد لأهل الفاحشة بقوله: إن الله سيبتليهم بأمراض.
الثاني: طبي إعجازي
…
تحديد نوعية هذه الطواعين بأنها لم تكن في أسلافهم الذين مضوا .. "
(3)
.
والإعجاز النبوي يظهر في الحديث أيضاً في منع الشخص المقيم في
(1)
الأمراض الجنسية أسبابها وعلاجها: 6، 17، 229.
(2)
قواعد تناول الإعجاز العلمي والطبي في السنة وضوابطه، للأستاذ الدكتور: عبدالله بن عبدالعزيز المصلح، مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف، ط 1:32.
(3)
انظر موسوعة الإعجاز العلمي في الحديث للأستاذ عبدالرحيم مارديني، دار المحبة، بيروت: 120 - 121.
أرض الوباء أن يخرج منها حتى وإن كان غير مصاب، فإن منع الناس من الدخول إلى أرض الوباء قد يكون أمراً واضحاً ومفهوماً بدون الحاجة إلى معرفة المرض، ولكن منع من كان في البلدة المصابة بالوباء من الخروج منها حتى وإن كان الشخص سليماً أمر غير واضح العلة، والعادة أن الإنسان يفر من البلدة المصابة إلى بلدة أخرى سليمة، حتى لا يصاب بالعدوى، لكن الطب الحديث أثبت أن الشخص السليم في منطقة الوباء قد يكون حاملاً للميكروب، وكثير من الأوبئة تصيب العديد من الناس، ولكن ليس كل من دخل جسمه الميكروب يصبح مريضاً، فكم من شخص يحمل جراثيم المرض دون أن يبدو عليه أثر من آثاره، فالحمى الشوكية، وحمى التيفود، والزخار، والباسيلي، والسل، بل وحتى الكوليرا، والطاعون قد تصيب أشخاصاً عديدين دون أن يبدو على أي منهم علامات المرض، بل ويبدو الشخص وافر الصحة سليم الجسم، ومع ذلك فهو ينقل المرض إلى غيره من الأصحاء.
وهناك أيضاً فترة الحضانة، وهي الفترة الزمنية التي تسبق ظهور الأعراض منذ دخول الميكروب وتكاثره حتى يبلغ أشده، وفي هذه الفترة لا يبدو على الشخص أنه يعاني من أي مرض، ولكن بعد فترة من الزمن قد تطول وقد تقصر على -حسب نوع المرض والميكروب الذي يحمله- تظهر عليه أعراض المرض الكامنة في جسمه
(1)
.
فهذه بعض الحقائق التي تدل على صدق النبي صلى الله عليه وسلم وأنه لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى.
(1)
موسوعة الإعجاز العلمي في القرآن الكريم والسنة والمطهرة: 607 - 609.