الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مَا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ}
(1)
، فأخبر الله عز وجل عن عظمته وسعة صفاته وأن العباد لا يحيطون بشيء منها، ومن تلك الصفات كلام الله، الذي لو كان البحر مدداً لها، وأشجار الدنيا من أولها إلى آخرها، من أشجار البلدان والبراري، والبحار، أقلام، لنفد البحر، وتكسرت الأقلام، قبل أن تنفد كلمات ربي، وهذا شيء عظيم، لا يحيط به أحد.
(2)
.
" "وهذا من باب تقريب المعنى إلى الأذهان، لأن هذه الأشياء مخلوقة، وجميع المخلوقات، منقضية منتهية، وأما كلام الله، فإنه من جملة صفاته، وصفاته غير مخلوقة، ولا لها حد ولا منتهى، فأي سعة وعظمة تصورتها القلوب فالله فوق ذلك"
(3)
.
"
ثالثاً: توحيد الألوهية:
سبق في المبحث السابق - الأرض
(4)
- أن الله -تعالى- يذكر ويعدد من دلائل إنفراده بالتصرف والخلق - في الأرض وغيرها - مما هو مشاهد وأضح الدلالة على المشركين لإفراد الله عز وجل بالعبادة
(5)
، وذكر منها الأنهار التي جعلها في الأرض
(6)
(7)
.
(1)
لقمان: 27.
(2)
الكهف: 109.
(3)
تفسير ابن سعدي: 488.
(4)
ص: 393.
(5)
التحرير والتنوير: 24/ 189، 17/ 57، وانظر: تفسير ابن كثير: 7/ 396.
(6)
انظر: تفسير ابن كثير: 6/ 203.
(7)
النمل: 61.
ولما ذكر الله عز وجل أنه الإله الواحد المعبود بقوله: {وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ}
(1)
ذكر الحجة على ذلك التي تبين التوحيد، وكان من جملة ما ذكر الله تعالى تسخير البحر لتجري فيه الفلك
(2)
(3)
.
وقد أمر الله عز وجل نبيه محمداً صلى الله عليه وسلم أن يقول للمشركين ملزما لهم بما أثبتوه من توحيد الربوبية، على ما أنكروا من توحيد الإلهية:{قُلْ مَنْ يُنَجِّيكُمْ مِنْ ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ تَدْعُونَهُ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً لَئِنْ أَنْجَانَا مِنْ هَذِهِ لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ}
(4)
.
ثم كان الجواب: {قُلِ اللَّهُ يُنَجِّيكُمْ مِنْهَا وَمِنْ كُلِّ كَرْبٍ ثُمَّ أَنْتُمْ تُشْرِكُونَ} "فأي برهان أوضح من هذا على بطلان الشرك، وصحة التوحيد؟ "
(5)
.
وقد استدل الله بما على الأرض من بحار وأنهار وما في صفاتها من دلالة زائدة على دلالة وجود أعيانها، بتفرده سبحانه وتعالى بالإلهية فقال تعالى:{وَمَا يَسْتَوِي الْبَحْرَانِ هَذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ سَائِغٌ شَرَابُهُ وَهَذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ وَمِنْ كُلٍّ تَأْكُلُونَ لَحْمًا طَرِيًّا وَتَسْتَخْرِجُونَ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا وَتَرَى الْفُلْكَ فِيهِ مَوَاخِرَ لِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ}
(6)
، "فصيغ هذا الاستدلال على أسلوب بديع إذ اقتصر فيه على التنبيه على الحكمة الربانية في المخلوقات وهي ناموس تمايزها
(1)
البقرة: 163.
(2)
تفسير القرطبي: 2/ 192، والتحرير والتنوير: 2/ 76.
(3)
البقرة: 164.
(4)
الأنعام: 63.
(5)
تفسير السعدي ص: 260، 361، وانظر: التحرير والتنوير: 7/ 392، 11/ 135.
(6)
فاطر: 12.