الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وإن كانت على بابها وهي الظرفية، فيكون المراد بالسماء العلو، فالله في العلو المطلق"
(1)
.
سابعاً: تحريف مخاطبة الله للسماء وتحريف اتيانها وقولها:
من المخالفات العقدية المتعلقة بهذه الآية الكونية تحريف مخاطبة الله للسماء، وتحريف اتيانها وقولها في قوله تعالى:{ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ ائْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ}
(2)
.
فقالوا في مخاطبة الله للسماء في قوله: {فَقَالَ لَهَا} قولان:
أحدهما: أنه قول تكلم به.
الثاني: أنها قدرة منه ظهرت لهما فقام مقام الكلام في بلوغ المراد
(3)
.
أما قول السماء فقيل فيه:
أنه ظهور الطاعة منهما حيث انقادا وأجابا فقام مقام قولهما.
وقيل أن هذا مجاز، وإنما المعنى أنها ظهر منها من اختيار الطاعة والخضوع والتذلل ما هو بمنزلة لقول {أَتَيْنَا طَائِعِينَ}
(4)
.
(1)
شرح العقيدة الواسطية من تقريرات الشيخ محمد بن إبراهيم، كتبها ورتبها: محمد بن عبدالرحمن بن قاسم: 85، 111، وانظر: بيان تلبيس الجهمية: 1/ 558، وتقريب التدمرية للشيخ محمد بن عثيمين، دار الوطن، الرياض، ط عام 1424:71.
(2)
فصلت: 11.
(3)
انظر: النكت والعيون لعلي بن محمد بن حبيب الماوردي البصري، تحقيق: السيد بن عبد المقصود بن عبد الرحيم، دار الكتب العلمية، بيروت: 5/ 172، وتفسير القرطبي: 15/ 344
(4)
انظر: المرجع السابق: 5/ 172 - 173، والمحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لعبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي، تحقيق: الرحالة الفاروق وآخرون، وزارة الأوقاف القطرية، الدوحة، ط 2: 7/ 468.
وقيل: بل خلق الله فيهما الكلام فتكلمتا كما أراد تعالى
(1)
.
ومنهم من جعل قول السماء هو الموجات الصوتية التي حدثت عند انفجار الكون، أو أنه ذبذبات كونية هادئة
(2)
.
"بل إنهم يصورن ذلك في رسوم بيانية، ويزعمون من خلال تحليل العلماء لهذه الذبذبات أن الكون كان هادئاً ومطيعاً، وانه يوافق قول الله تعالى عن السماء في بداية الخلق"
(3)
(4)
.
والجواب أن هذه التأويلات والتحريفات باطلة؛ فإن الله عز وجل قادر على مخاطبة الجمادات
(5)
(6)
.
وما في نطق السماء من العجب؟ " والله تبارك وتعالى ينطق الجلود، والأيدي، والأرجل، ويسخّر الجبال والطير، بالتّسبيح. قال تعالى:{وَالطَّيْرَ مَحْشُورَةً كُلٌّ لَهُ أَوَّابٌ}
(7)
، وقال:{يَاجِبَالُ أَوِّبِي مَعَهُ وَالطَّيْرَ}
(8)
، أي سبّحن معه، وقال:{وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لَا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا}
(9)
."
(10)
.
(1)
تفسير القرطبي: 15/ 344.
(2)
أسرار الكون بين العلم والقرآن: 3، 29.
(3)
المرجع السابق: 31.
(4)
فصلت: 11.
(5)
انظر: مبحث عبودية الكائنات: 65.
(6)
الأحزاب: 72.
(7)
ص: 19.
(8)
سبأ: 10.
(9)
الإسراء: 44.
(10)
تأويل مشكل القرآن لابن قتيبة، تحقيق: السيد أحمد صقر، دار التراث، القاهرة، ط 2:113.
وهذا القول لا شيء يدفعه، والعبرة به أتم والقدرة فيه أظهر
(1)
.
كما أن الله عز وجل خاطبهما خطاب من يعقل، وذكر جوابهما، وكان الجواب لجمع العقلاء فقال:{طَائِعِينَ} ، ولم يقل طائعتين على اللفظ، ولا طائعات على المعنى، لأنهما سماوات وأرضون، لأنه أخبر عنهما وعمن فيهما، ولما وصفهن بالقول والإجابة وذلك من صفات من يعقل أجراهما في الكناية مجرى من يعقل
(2)
.
أما الإتيان فإن معناه عندهم غير مراد" لأن السماء والأرض لا يتصور أن يأتيا، ولا يتصور منهما طواعية أو كراهية إذ ليستا من أهل العقول والإدراكات، ولا يتصور أن الله يكرههما على ذلك لأنه يقتضي خروجهما عن قدرته"
(3)
.
وفيه قولان:
"أحدهما: أنه قال ذلك قبل خلقها، ويكون معنى ائتيا أي كونا فكانتا، كما قال تعالى:{إِنَّمَا قَوْلُنَا لِشَيْءٍ إِذَا أَرَدْنَاهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ}
(4)
.
الثاني: قول الجمهور أنه قال ذلك لهما بعد خلقهما.
فعلى هذا يكون في معناها أربع تأويلات:
أحدها: معناه أعطيا الطاعة في السير المقدر لكما طوعاً أو كرهاً أي اختياراً أو إجباراً.
(1)
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز: 7/ 468.
(2)
تفسير القرطبي: 15/ 344، وانظر: شرح الأربعين النووية لابن عثيمين، دار الثريا، الرياض، ط 1:51.
(3)
التحرير والتنوير: 24/ 246 - 247.
(4)
النحل: 40.