الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المخالفات العقدية المتعلقة بهذه الآيات الكونية -الزلازل والخسوف والبراكين
-:
أولاً: اعتقاد أن للبراكين آلهة غير الله تعالى:
من المخالفات العقدية المتعلقة بهذه الآية الكونية - البراكين - اعتقاد أن لها آلة غير الله تعالى، ويعود لفظ بركان إلى Valcan إله النار عند الرومان القدماء، ويعتقدون أن ما ينتج عنها من دمار وخراب هو من غضب الإله
(1)
.
ثانياً: نسبة حدوث هذه الآيات الكونية - الزلازل والخسوف والبراكين- إلى الطبيعة أو بعض الخرافات:
فبعظهم ينسب حدوث هذه الآيات الكونية إلى وجود دواب خيالية تشبه الحيوانات التي يراها ولكنها أكثر منها ضخامة تقوم بحمل الأرض، ونتيجة لحركة هذه الدواب تهتز الأرض محدثة الزلازل، ومن تلك الأساطير المعروفة أسطورة الثور الذى يحمل الأرض على أحد قرنيه، فإذا ما أجهده حمله الثقيل نقلها إلى القرن الثاني، وهو ما ينجم عنه اهتزاز كوكب الأرض
(2)
.
أو تنسب هذه الآيات الكونية إلى غير خالقها سبحانه كأن ينسب ما يحدث من زلازل وبراكين وفيضانات إلى الطبيعة
(3)
.
(1)
انظر: الموسوعة الكونية الكبرى: 13/ 187، الله لعباس محمود العقاد:76.
(2)
انظر: الموسوعة الكونية الكبرى: 13/ 179.
(3)
انظر: الإسلام يتحدى: 81.
ومنهم من يفسر الزلازل والخسوف والبراكين تفسيرا ماديا بحتًا، فيقولون أن سبب هذا الزلزال ضعف في القشرة الأرضية، ووجود اختلالات وفجوات في داخلها، أو أن هذا شيء يحصل في الكرة الأرضية كل مائتي عام.
والجواب عن هذا أن نقول نحن لا ننكر وجود مثل هذه الأسباب
(1)
، ولكننا يجب أن نعلم أن وراء هذه الأسباب المادية أسباباً شرعية هي التي سببت هذا الخلل في القشرة الأرضية أو غيره من الأسباب، ثم حصلت تلك الكوارث والمصائب، فهذه الأسباب المادية التي يذكرونها -إن صحت- لا تعدو أن تكون وسيلة لما تقتضيه الأسباب الشرعية من المصائب والعقوبات العامة. يقول الله تعالى بعد أن ذكر مصارع الأمم السالفة:{فَكُلًّا أَخَذْنَا بِذَنْبِهِ فَمِنْهُمْ مَنْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِبًا وَمِنْهُمْ مَنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ وَمِنْهُمْ مَنْ خَسَفْنَا بِهِ الْأَرْضَ وَمِنْهُمْ مَنْ أَغْرَقْنَا وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ}
(2)
.
وهذه"الزلازل من الآيات التي يخوف الله بها عباده كما يخوفهم بالكسوف وغيره من الآيات والحوادث لها أسباب وحكم فكونها آية يخوف الله بها عباده هي من حكمة ذلك.
وأما أسبابه فمن أسبابه انضغاط البخار في جوف الأرض كما ينضغط الريح والماء في المكان الضيق فإذا انضغط طلب مخرجا فيشق ويزلزل ما قرب منه من الأرض.
وأما قول بعض الناس إن الثور يحرك رأسه فيحرك الأرض فهذا جهل، وإن نقل عن بعض الناس، وبطلانه ظاهر، فإنه لو كان كذلك لكانت الأرض
(1)
انظر: فتاوى ورسائل محمد بن إبراهيم آل الشيخ: 3/ 106 ومجلة البحوث العدد 77: 45.
(2)
العنكبوت: 40.
كلها تزلزل، وليس الأمر كذلك، والله أعلم"
(1)
.
ثم إن وجود هذه الأسباب التي خلقها الله تعالى، التي متى وجدت وجد الزلازل هذا لا يمنع أبداً من تغير هذه السنة، ووقوعها في مناطق صلبة.
والله عز وجل لم يخلق الأشياء ولم يقدرها إلا لحكمة، وحصر الحكمة والعلة في الظواهر الطبيعة، من تغير في سير الأرض، ومواقع الجزر والقارات: تحكم بغير دليل.
ولما حدث الخسف بقارون فعلاً لم يكن السبب أن القشرة الأرضية كانت لينة وهينة بل السبب أنه عصى الله ورسوله، قال الله عنه:{فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الْأَرْضَ فَمَا كَانَ لَهُ مِنْ فِئَةٍ يَنْصُرُونَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ مِنَ الْمُنْتَصِرِينَ}
(2)
.
وعندما أخبر صلى الله عليه وسلم عن الرجل الذي خسف به لم يقل: إن السبب في الخسف هزة أرضية بل خسف به بسبب تكبره وتجبره، قال صلى الله عليه وسلم:" بينما رجل يجر إزاره من الخيلاء إذ خسف به فهو يتجلجل في الأرض إلى يوم القيامة"
(3)
.
(4)
.
فقوله: {أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ} أي الرجفة والخسف
(5)
، فلا تنسب الحوادث للطبيعة ولا نشتم الطبيعة لأنها غير فاعلة، وإنما الفاعل هو الله،
(1)
مجموع الفتاوى: 24/ 264، وانظر: كشف الصلصلة في وصف الزلزلة: 25.
(2)
القصص: 81.
(3)
صحيح البخاري، كتاب أحاديث الأنبياء، باب (54): 671 برقم (3485).
(4)
الأنعام: 65.
(5)
تفسير القرطبي: 7/ 9.
وهو الذي يجعلها سببا لعذابه أو بلائه أو رحمته.
والقول عن هذه الآيات بأنه أمر طبيعي يبطل انتقام الله لأوليائه، قال سبحانه وتعالى عن قوم صالح عليه السلام:{فَعَقَرُوا النَّاقَةَ وَعَتَوْا عَنْ أَمْرِ رَبِّهِمْ وَقَالُوا يَاصَالِحُ ائْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِنْ كُنْتَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ (77) فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دَارِهِمْ جَاثِمِينَ}
(1)
.
وقال تعالى عن قوم شعيب عليه السلام: {فَكَذَّبُوهُ فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دَارِهِمْ جَاثِمِينَ}
(2)
.
(1)
الأعراف: 77 - 47
(2)
العنكبوت: 37.