الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(1)
، وقد سبق نقل كلام ابن القيم رحمه الله على هذه الآية
(2)
، وأن الأمور المذكورة فيها" مرتبة بالأبصار، مشاهدة بالحس فإذا نظر فيها ببصر قلبه - وهو عقله - استدل بها على وجود الرب تعالى وقدرته وعلمه ورحمته وحكمته، وإمكان ما أخبر به من حياة الخلائق بعد موتهم كما أحيا هذه الأرض بعد موتها، وهذه أمور لا تدرك إلا ببصر القلب - وهو العقل - فإن الحس دل على الآية، والعقل دل على ما جعلت له آية، فذكر سبحانه الآية المشهودة بالبصر، والمدلول عليه المشهود بالعقل"
(3)
.
ثانياً: توحيد الربوبية:
قد بين الله عز وجل عظيم قدرته في مخلوقاته وأنه الخالق لها المتصرف فيها، ومن ذلك ما ذكره الله عز وجل عن المطر والبرد في قوله تعالى:{وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ (42) أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُزْجِي سَحَابًا ثُمَّ يُؤَلِّفُ بَيْنَهُ ثُمَّ يَجْعَلُهُ رُكَامًا فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلَالِهِ وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ جِبَالٍ فِيهَا مِنْ بَرَدٍ فَيُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَصْرِفُهُ عَنْ مَنْ يَشَاءُ يَكَادُ سَنَا بَرْقِهِ يَذْهَبُ بِالْأَبْصَارِ (43) يُقَلِّبُ اللَّهُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِأُولِي الْأَبْصَارِ}
(4)
، فمن أدلة عظمته سبحانه وتعالى وربوبيته أنه يسوق السحاب قطعا متفرقة، ثم يؤلف بين تلك القطع، فيجعله سحابا متراكما مثل الجبال، فينزل منه المطر وينتفع به الناس، وتارة ينزل الله من
(1)
الروم: 24.
(2)
ص: 331.
(3)
مفتاح دار السعادة: 1/ 289.
(4)
النور: 42 - 44.
ذلك السحاب بردا يتلف ما يصيبه بحسب ما اقتضاه حكمه القدري، وحكمته التي يحمد عليها، فالذي أنشأها وساقها لعباده المفتقرين، وأنزلها على وجه يحصل به النفع وينتفي به الضرر، كامل القدرة، نافذ المشيئة، واسع الرحمة"
(1)
.
ومن آيات الله التي يستدل بها على توحيد الربوبية"إنزال المطر الذي تحيا به البلاد والعباد، وقبل نزوله مقدماته من الرعد والبرق الذي يُخاف ويُطمع فيه، فهذه الآيات دالة على عموم إحسانه وسعة علمه وكمال إتقانه، وعظيم حكمته وأنه يحيي الموتى كما أحيا الأرض بعد موتها"
(2)
(3)
.
وكان من هدي النبي صلى الله عليه وسلم أن يفسر عن ثوبه عند نزول المطر، فسئل عن ذلك فقال:"إنه حديث عهد بربه"
(4)
أي قريب العهد بخلق الله تعالى له
(5)
، قال تعالى:{بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَإِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ}
(6)
.
ومن أدلة ربوبية الله عز وجل استجابته لدعاء الداعي، ومن مواطن الاستجابة عند نزول المطر
(7)
، قال صلى الله عليه وسلم: " ثنتان لا تردان، أو قل ما تردان، الدعاء عند
(1)
تفسير السعدي: 570، بتصرف يسير.
(2)
انظر: المرجع السابق: 639، وتفسير ابن كثير: 6/ 310.
(3)
الروم: 24.
(4)
صحيح مسلم، كتاب صلاة الاستسقاء، باب الدعاء في الاستسقاء: 2/ 615 برقم (898).
(5)
انظر: فتح الباري: 2/ 604، وشرح صحيح مسلم للنووي: 6/ 435.
(6)
البقرة: 117.
(7)
انظر: مجموع الفتاوى: 27/ 129.
النداء، وتحت المطر"
(1)
.
أما الاستمطار وهو: "عملية إسقاط المطر من السحب بطريقة علمية بحته تُجْرَى على السحب المتكوِّنة في الجو. ويسمى أيضًا تطعيم السحب. يستخدم الناس هذه الطريقة، لزيادة كمية المياه بمنطقة معيَّنة، أو لتوفير المياه للري، أو لتوليد الطاقة الكهربائية من المحطات الكهرومائية. وتُستخدم أيضًا لمنع سقوط الأمطار الغزيرة، في المناطق الزراعية خوفًا من تلف المحاصيل"
(2)
، فهذا لا يتم إلا في ظروف خاصة كتوفر السحب، ودرجة معينة لها، إلى غير ذلك من الشروط، ولا يزال العلماء غير قادرين على إثبات أثرها العلمي في كل الحالات
(3)
.
وعلى هذا فإنه يجب الإيمان بأن الله تعالى هو الذي ينزل المطر في كل الأحوال، والإنسان بما يسميه الاستمطار الصناعي لم يصنع المطر، ولم يسقطه إلى الأرض، بل يتسبب من خلال ما وفقه الله وهداه إليه من العلم ببعض السنن الكونية التي جعلها الله تعالى في هذا الكون على توفير سبب نزول المطر، ويبذل سبباً، والأمر إلى الله تعالى أولاً وأخراً، إن شاء انزل المطر، وإن شاء منعه.
(1)
سنن أبي داود، كتاب الجهاد، باب الدعاء عند اللقاء: 288 برقم (2540)، وله شواهد، انظر: معجم الطبراني الكبير: 8/ 160 برقم (7713)، ومعجم الطبراني الصغير: 1/ 286، وصحيح الجامع الصغير: 1/ 590 برقم (3078).
(2)
الموسوعة العربية العالمية: 1/ 724.
(3)
المرجع السابق: 1/ 724.