الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وليس في القرآن ولا السنة ما يدل على ذلك، بل فيهما ما يبطله ويرده، وقد بين النبي صلى الله عليه وسلم في حديث الكسوف بطلان ما يعتقده أهل الجاهلية أن كسوف الشمس أو القمر لموت أحد أو حياته، فقال:" إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله، لا ينخسفان لموت أحد ولا لحياته"
(1)
.
ثالثاً: تحريف معنى سجود الشمس:
من المخالفات العقدية المتعلقة بهذه الآية الكونية تحريف معنى سجود الشمس الوارد في الكتاب والسنة، قال الله تعالى:{أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبَالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ وَكَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذَابُ وَمَنْ يُهِنِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ مُكْرِمٍ إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ}
(2)
.
وعن أبي ذر رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أتدري أين تذهب هذه الشمس؟ ". قلت: الله ورسوله أعلم. قال: "فإنها تذهب فتسجد تحت العرش، ثم تستأمر فيوشك أن يقال لها: ارجعي من حيث جئت"
(3)
.
فقال بعضهم أن المراد بهذا السجود الخشوع والانقياد. وقيل المراد بالسجود الدلالة على الله، يعني أن هذه المخلوقات تدل على الله، وعلى أنه يستحق أن يسجد له كل شيء، وأن يعبده كل شيء
(4)
.
(1)
سبق تخريجه: 5.
(2)
الحج: 18.
(3)
سبق تخريجه، ص:260.
(4)
انظر: زاد المسير: 4/ 319، 453 - 454، وتفسير البيضاوي: 4/ 69، 243، ومشكلات الأحاديث النبوية وبيانها لعبد الله القصيمي، المجلس العلمي السلفي، باكستان، ط 1:162.
وقيل المراد بسجود الشمس هو سجود الملَك الموكل بها
(1)
.
وأما سجودها تحت العرش، فإن العرش لعظم ذاته كالرحى فأينما سجدت الشمس سجدت تحت العرش وذلك مستقرها
(2)
.
وقيل المراد بالسجود تحت العرش هو وقوعها تحته حقيقة في آخر الدنيا عند انقضاء مهمتها، وسكون حركتها. والمعنى أن الشمس تبقى في شأنها إلى أن يأذن الله بفساد العالم، فتقع تحت العرش ساجدة
(3)
.
وقيل أن تقييد السجود بتحت العرش كناية عن رجوعها إلى الله، ومبالغة في الانقياد وعبارة عن تمام ذلك. والمعنى في ذلك المبالغة، ولا تراد الحقيقة. فقوله إنها تسجد تحت العرش يعنى أنها خاضعة له أكمل الخضوع وأتمه
(4)
.
فالحديث عبارة عن أن الشمس مسخرة لله، خاضعة لأمره الكوني، سائرة على حسب ما أراد وقدر، حتى كأنها عاقلة، تسمع خطابه
(5)
.
والجواب أنه قد سبق في مبحث عبودية الكائنات
(6)
أن هذه الآيات الكونية تسجد لله سجوداً حقيقياً الله أعلم بكيفيته، وأن كل شيء يسجد لله طوعا وكرها، وأن سجود كل شيء مما يختص به
(7)
، كما قال تعالى: {تُسَبِّحُ
(1)
انظر: عمدة القاري شرح صحيح البخاري: 15/ 119.
(2)
انظر: المرجع السابق: 22/ 119.
(3)
انظر: فتح الباري: 8/ 542، ومشكلات الأحاديث النبوية:164.
(4)
مشكلات الأحاديث النبوية: 163.
(5)
انظر: فتح الباري: 6/ 223، وطرح التثريب في شرح التقريب، للحافظ العراقي، دار أم القرى، القاهرة: 7/ 247، ومشكلات الأحاديث النبوية:165.
(6)
انظر: 65.
(7)
انظر: تفسير ابن كثير: 5/ 403.