الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إلا خطيئة أبيكم آدم، لست بصاحب ذلك، اذهبوا إلى ابني إبراهيم خليل الله، قال: فيقول إبراهيم عليه السلام: لست بصاحب ذلك، إنما كنت خليلا من وراء وراء، اعمدوا إلى موسى صلى الله عليه وسلم الذي كلمه الله تكليما، فيأتون موسى صلى الله عليه وسلم فيقول: لست بصاحب ذلك، اذهبوا إلى عيسى كلمة الله وروحه، فيقول عيسى صلى الله عليه وسلم: لست بصاحب ذلك، فيأتون محمدا صلى الله عليه وسلم فيقوم، فيؤذن له وترسل الأمانة والرحم فتقومان جنبتي الصراط يمينا وشمالا، فيمر أولكم كالبرق، قال: قلت: بأبي أنت وأمي أي شيء كمر البرق؟ قال: ألم تروا إلى البرق كيف يمر ويرجع في طرفة عين؟ ثم كمر الريح، ثم كمر الطير وشد الرجال، تجري بهم أعمالهم، ونبيكم قائم على الصراط يقول: رب سلم سلم، حتى تعجز أعمال العباد، حتى يجيء الرجل فلا يستطيع السير إلا زحفا، قال: وفي حافتي الصراط كلاليب معلقة مأمورة بأخذ من أمرت به فمخدوش ناج ومكدوس في النار"
(1)
.
سادساً: الإيمان بالقدر:
من مراتب الإيمان بالقدر الإيمان بمشيئة الله، وأن ما شاء الله كان، وما لم يشاء لم يكن.
وقد أخبر الله عز وجل أن الريح تُسيّر السفن بمشيئته، فإن شاء جعل الريح ساكنه، وإن شاء حركها، فقال تعالى:{وَمِنْ آيَاتِهِ الْجَوَارِ فِي الْبَحْرِ كَالْأَعْلَامِ (32) إِنْ يَشَأْ يُسْكِنِ الرِّيحَ فَيَظْلَلْنَ رَوَاكِدَ عَلَى ظَهْرِهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ (33) أَوْ يُوبِقْهُنَّ بِمَا كَسَبُوا وَيَعْفُ عَنْ كَثِيرٍ}
(2)
، فهذه الريح التي تسير السفن لو شاء لسكنها حتى لا تتحرك، ولو شاء لحركها حتى لا تقف
(3)
.
(1)
صحيح مسلم، كتاب الإيمان، باب أدني أهل الجنة منزلة فيها: 1/ 186 برقم (195).
(2)
الشورى: 32 - 34
(3)
تفسير الطبري: 25/ 41، وتفسير القرطبي: 16/ 33.
ثم هو سبحانه إذا شاء جعل هذه الريح طيبة باردة، وإذا شاء جعلها قوية مدمرة مع" أنها جسم لطيف لا يمسك ولا يرى، وهي مع ذلك في غاية القوة، تقلع الشجر والصخر، وتخرب البنيان العظيم"
(1)
.
سابعاً: مسائل الأسماء والأحكام:
أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن بعث الريح قد يكون لموت منافق، فعن جابر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قدم من سفر فلما كان قرب المدينة هاجت ريح شديدة تكاد أن تدفن الراكب فزعم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"بعثت هذه الريح لموت منافق"، فلما قدم المدينة فإذا منافق عظيم من المنافقين قد مات
(2)
.
أي عقوبة له، وعلامة لموته وراحة البلاد والعباد منه
(3)
.
ثامناً: منهج أهل السنة والجماعة في الاستدلال:
ضرب الأمثال:
من منهج أهل السنة والجماعة في الاستدلال ضرب الأمثلة لتوضيح الحقائق وتقريبها، وقد ضرب الله مثلاً لمحق ثواب أعمال الكفار في هذه الدنيا في إنفاقهم مثل الريح الباردة الشديدة التي فيها نار إذا أنزلت على حرث قد آن حصاده فدمرته وأهلكته
(4)
(5)
.
(1)
لباب التأويل في معاني التنزيل لعلي بن محمد بن إبراهيم البغدادي المعروف بالخازن، دار الفكر، بيروت، 1399: 1/ 136.
(2)
صحيح مسلم، كتاب صفات المنافقين وأحكامهم: 4/ 2145 برقم (2782).
(3)
شرح النووي على مسلم: 17/ 127.
(4)
انظر: تفسير ابن كثير: 2/ 106.
(5)
آل عمران: 117.
وضرب الله مثلاً لأعمال الكفار الذين عبدوا مع الله غيره، وكذبوا رسله، وبنوا أعمالهم على غير أساس صحيح فانهارت بالرماد إذا اشتدت به الريح العاصفة، فلا يقدرون على شيء من أعمالهم التي كسبوها في الدنيا إلا كما يقدرون على جمع هذا الرماد في هذا اليوم
(1)
(2)
.
وضرب الله للمشرك مثلاً في ضلاله وهلاكه وبعده عن الهدى بمن تهوي به الريح في مكان سحيق بعيد مهلك لمن هوى فيه، قال تعالى:{وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ السَّمَاءِ فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ}
(3)
.
(1)
انظر: تفسير القرطبي: 9/ 353.
(2)
إبراهيم: 18.
(3)
الحج: 31.